مفاوضات الائتلاف الجامايكي: خلافات تلوح بإعادة الانتخابات الألمانية

05 نوفمبر 2017
تباعد كبير في العديد من الملفات السياسية العامة (Getty)
+ الخط -

 

بعد أسبوعين على انطلاق المباحثات الاستكشافية في ألمانيا بين أطراف الائتلاف الجامايكي، لم تفض المناقشات إلى نتيجة إيجابية تسمح بإنهاء نقاط الخلاف والخوض في التشكيلة الحكومية للمستشارة أنجيلا ميركل، لتؤمن انطلاق المستشارة في ولاية رابعة، قبل عيد الميلاد، حسبما كان متوقعاً.

ويبدو واضحاً أنه ما زال هناك تباعد كبير في العديد من الملفات السياسية العامة والقضايا والملفات الداخلية المتشعبة التي يعمل عليها أطراف الائتلاف، وحيث تأمل الأحزاب المشاركة في المفاوضات (الخضر والليبرالي الحر والاتحاد المسيحي) بالتوصل إلى صيغة مشتركة تتوحد من خلالها للعمل على ملفات الضمان الاجتماعي والأمن الداخلي، ومكافحة أسباب اللجوء وملف الاندماج وسياسة الهجرة وقضايا الطاقة، والتي يختلف عليها الجامايكي.

يضاف إلى ذلك، كيفية تحقيق ألمانيا أهدافها في ملف المناخ التي التزمت بها دولياً وتأمل بتحقيقها بحدود عام 2020، بحيث ظهرت مواقف متباعدة بين الخضر والليبرالي الحر، الراغب في إلغاء قانون مصادر الطاقة المتجددة، بينما يريد "الخضر" العمل على آلية تنفيذ للخروج من استخدام طاقة الفحم في أسرع وقت ممكن، ويصر على إغلاق 20 محطة قديمة على الفور. وهذا الأمر من وجهة نظر الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل والحزب الليبرالي الحر "مشروع وهمي، وفيه الكثير من السذاجة"، لأنه، وفي حال إغلاقها، كيف سيتم التعويض على مشغلي محطات توليد الكهرباء ومن سيتكفل بالتعويض، إضافة إلى موضوع التكامل ولم الشمل، حيث التناقض في كيفية إيجاد حل لهذه المشكلة.

وفي هذا الإطار، يبدي حزب "الخضر" حذره في التعاطي مع الحديث عن نتائج إيجابية للمباحثات، ولا يخجل في التعبير صراحة عن الصعوبة في المناقشات، وهو ما عبر عنه سياسي الحزب يورغن تريتين في حديث تلفزيوني مع "أي أر دي ماغازين" أخيراً، بالقول "جلسنا معاً لمدة عشرة أيام وناقشنا اثني عشر موضوعاً، والنتيجة هي ثماني أوراق مع قوائم طويلة من نقاط الاختلاف، ومن الأسئلة التي ينبغي معالجتها".

وهو ما عبر عنه أيضاً، زعيم "الليبرالي الحر" في ولاية بافاريا ألبرت دوين لشبكة تحرير ألمانيا، إذ قال إن "الفكر الأيديولوجي للخضر، يجعل أي شكل من أشكال الائتلاف الحكومي معه مستحيلاً".

بدوره، اعتبر نائب رئيس الحزب، فولفغانغ كوبيكي، أن فشل المفاوضات الجامايكية ممكن، والليبرالي الحر لا يخاف من انتخابات جديدة.

كذلك أشارت الأمينة العامة للحزب الليبرالي الحر نيكولا بيير، في حديث صحافي، إلى أن "فرصة التحالف الجامايكي بعد أسبوعين من المفاوضات ما زالت بحدود الخمسين بالمائة"، مضيفة أن "هناك مقاربات مبدئية متشابهة، قبل أن تؤكد أن الأسبوع المقبل سيتم الغوص في النقاط الخلافية بالتفصيل، لمعرفة ما إذا كان من الممكن أو يكون هناك استعداد لبناء الجسور".

في المقابل، كان للمستشارة أنجيلا ميركل موقف آخر بهذا الخصوص، وفي أول تصريح لها منذ بدء المباحثات، أعربت عن ثقتها بفرص النجاح للجامايكي، على الرغم من المناقشات الصعبة، وقالت "ما زلت أعتقد أن هناك قدرة على ربط الغايات معاً، إذا ما سعينا جهدنا وعملنا بجد من أجل ذلك، والاتحاد المسيحي مستعد لهذا الغرض".

ومع البحث المرير عن الحد الأدنى من القواسم المشتركة، يعود شبح إعادة الانتخابات، وهي البديل الوحيد، ليخيم على البلاد إذا ما فشلت مفاوضات الجامايكي، وعندها سيعمد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إلى حل البوندستاغ والدعوة إلى انتخابات برلمانية عامة، علما أن كثيراً من الآراء السياسية تجمع على صعوبة المهمة التي تتولاها المستشارة ميركل في إدارتها لجولات التفاوض بين الشركاء المختلفين، بحيث عليها التعامل مع أربعة من رؤساء الأحزاب الصغيرة وكثير من المرؤوسين، والذين يبرزون ويوسعون المواضيع على حسابهم الخاص، وهو ما يثير الاستفزاز في كثير من الأحيان.

هذا الأمر، دفع بزعيم الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز، والذي قرر حزبه خوض غمار المعارضة في البرلمان الاتحادي، لاتهام أطراف الجامايكي بالأنانية والجهل بمشاكل الناس.

وقال في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إن "كل المتورطين يتجولون بكثير من الغرور، وإن المشهد لا يوحي بكثير من الجدية وهناك نزاع مزعوم، وهذا ما تظهره الصور الملكية من شرفة مكان انعقاد الاجتماعات في برلين"، مضيفاً أن "الخاسر هو الشعب الألماني لأنه من الواضح أن المحادثات لا تتم حول مصالحه".

إلى ذلك، يشدّد خبراء في الشؤون الداخلية الألمانية، أنه، وبطبيعة الحال، فإن تشكيل الائتلاف الجامايكي، سيكون جيداً لهذا البلد الناجح اقتصادياً، ويحقق نسبة نمو وعمالة شبه كاملة بالمقارنة مع باقي دول العالم، على الرغم من الضغط الذي تسببه قضايا الأمن الداخلي والاندماج، والتوافق على نقاط مهمة بين الأطراف الأربعة المعنية ومنها التعليم والرغبة في تسريع عملية الرقمنة، إلا أنها تفتقر إلى الفكرة الموحدة التي تجمع بين اقتصاد السوق والبيئة والحرية والأمن معاً.