الانتخابات الفرنسية: هولاند يتراجع عن حياده الانتخابي

12 ابريل 2017
هولاند سيرفض الانجرار وراء الطروحات المتطرّفة (غابريل بويس/فرانس برس)
+ الخط -
خلافاً لوعده بالتزام الصمت والحياد حيال مجريات حملة الانتخابات الرئاسية، يشرع الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، بتحرّك إعلامي كثيف، ابتداء من اليوم الأربعاء، ويدلي بعدة حوارات للصحافة ووسائل الإعلام، على مسافة عشرة أيام من الدورة الأولى للانتخابات، في 23 إبريل/نيسان الحالي.

ويأتي تراجع هولاند عن سياسة الحياد الانتخابي، في سياق ارتفعت فيه أسهم المرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون، بشكل لافت في استطلاعات الرأي، وتبدو فيه حظوظ مرشحة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف مارين لوبان وافرة للمرور إلى الدور الثاني من الانتخابات.

وبحسب مقرّبين منه، فإنّ هولاند بات يخشى من حدوث سيناريو مواجهة بين لوبان وميلانشون في الدورة الثانية، وسيركّز في إطلالته الإعلامية، ومنها مقابلات مع صحيفة "لوموند" ومجلة "لوبوان" وموقع "كونبيني"، على تحذير الفرنسيين من مغبة الانجرار وراء الطروحات المتطرّفة يميناً ويساراً، أي وراء لوبان أو ميلانشون، لكن من دون أن يدعو علانية للتصويت لصالح المرشح الوسطي ووزير الاقتصاد الأسبق إيمانويل ماكرون، لأنّه كما يقول في حوار تنشره صحيفة "لوبوان" غداً الخميس، "يعوّل على ذكاء الناخبين الفرنسيين في مكاتب التصويت يوم الاقتراع".

وانتقد هولاند بشدة، في هذا الحوار، ميلانشون زعيم حركة "فرنسا غير الخاضعة"، واعتبر أنّ تصاعد شعبيته أخيراً هو مجرّد "موضة" انتخابية، قائلاً إنّ "هناك خطراً داهماً في مواجهة الأفكار التبسيطية والمضللة، عندما نستمع فقط لكلام الخطيب البارع من دون التوقّف عند محتواه".

وبات واضحاً أنّ هولاند، الذي كان أعلن تخلّيه عن الترشّح لولاية رئاسية ثانية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، رفع يده نهائياً عن فكرة مساندة المرشح الاشتراكي الرسمي بونوا هامون، والذي هوى إلى مرتبة متدنية في استطلاعات الرأي، وانحدر إلى أقل من 10 في المائة من نوايا التصويت، ما يعني إقصاءه الحتمي ابتداء من الدورة الأولى.


هولاند: تصاعد شعبية ميلانشون "موضة" انتخابية (داميان ماير/فرانس برس) 













































ويعتبر هولاند أنّ الانتخابات التمهيدية يساراً ويمينياً، "أثّرت بشكل سلبي على مجريات الانتخابات الرئاسية واغتالتها سياسياً"، في إشارة إلى الفوز المفاجئ لهامون في تمهيديات "الحزب الاشتراكي" وإقصاء المرشح الآخر رئيس حكومته مانويل فالس.

ويعتقد هولاند أنّ هامون ورفاقه من تيار "الساخطون"، وهو تيار يمثّل الجناح اليساري داخل "الحزب الاشتراكي"، كانوا "السبب في تسميم أداء الولاية الاشتراكية"، وعرقلة نجاحاتها داخل البرلمان وخارجه.

ويرى هولاند أنّ هامون قام بحملة انتخابية "سيئة"، واستعدى شريحة كبيرة من الناخبين الاشتراكيين الذين يساندون التيار الإصلاحي وأداء الحكومة الاشتراكية، و"ضيّع الكثير من الوقت في محاولة التقرّب إلى اليسار الراديكالي، بدل الاهتمام بالقاعدة الانتخابية المعتدلة للحزب الاشتراكي".

وردّاً على سؤال حول ماكرون، ذكَّر هولاند بأنّه لم يبد أيّ اعتراض على هذا الأخير، حين قرّر الخروج من الحكومة الاشتراكية الصيف الماضي، وتأسيس حركة "ماضون قُدُماً". وقال هولاند: "أظنّ أنّ السياسة بحاجة إلى تجديد، ومبادرة ماكرون تتميّز بالجرأة على الأقل".



هولاند لن يدعو للتصويت لصالح ماكرون (بوريس هورفات/فرانس برس) 














































وتأتي تصريحات الرئيس الفرنسي، والذي تنتهي ولايته في غضون أسابيع معدودة، في سياق نقاش ساخن يدور بين مناصريه المحسوبين على التيار "الهولندي"، حول موقع هؤلاء داخل "الحزب الاشتراكي" بعد نهاية الانتخابات الرئاسية، ووسط دعوة فالس وأنصاره من التيار الإصلاحي الليبرالي إلى مساندة ماكرون، والتصويت له في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية.

ويرى مراقبون أنّ الحزب الاشتراكي، كيفما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسية، سيعيش أوضاعاً صعبة تنذر بانفجاره من الداخل، وربما توقّع على شهادة وفاته السياسية، في ظل المصالحة المستحيلة بين جناحيه اليساري واليميني.