سورية: جبهات مشتعلة غير معنيّة باتفاق أنقرة

31 ديسمبر 2016
واصل النظام السوري قصفه "الاعتيادي" (مجد الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من بدء سريان الهدنة في جميع أنحاء سورية اعتباراً من الساعة الأولى من فجر أمس الجمعة، بموجب الاتفاق الروسي ـ التركي، الذي وافقت عليه الأطراف المحلية من نظام وفصائل، إلا أن ثمة معارك متواصلة في أكثر من منطقة، معظمها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فضلاً عن عدم اتضاح الصورة بشأن شمول أو استثناء "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) من هذا الاتفاق.

ومن المعارك التي من المرجح أن تظل مشتعلة بعد الاتفاق عملية "درع الفرات"، التي تقودها تركيا ضد "داعش" في ريف حلب الشرقي، المتمركزة الآن على مدينة الباب، في ظلّ محاولة تركيا ومقاتلي الجيش الحر، الذين تدعمهم، التوغل في المدينة، بعد أن فرضت عليها حصاراً منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من الجهتين الشمالية والغربية.

في هذا السياق، أعلن الجيش التركي أن طائرة حربية روسية شاركت للمرة الأولى في المعارك ضد "داعش" في محيط مدينة الباب. وأضاف، في بيان صدر بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أن "الطيران التركي بدوره شنّ سلسلة غارات في الباب وقرية الدغلباش، أسفرت عن تدمير 17 هدفاً للتنظيم ومقتل 26 من أفراده". كما أشارت مصادر إلى أن "الغارات التركية الأخيرة أدت إلى مقتل أحد قادة داعش، أبو حسين التونسي".
وقد نجحت عملية "درع الفرات" التي بدأت منذ أغسطس/آب الماضي في استعادة مدن وبلدات من "داعش" في شمال حلب وشرقها، أبرزها جرابلس وأخترين وصوران ودابق. والعملية الأخرى التي من المرجّح أن تتواصل ضد التنظيم، هي عملية "غضب الفرات" التي تقودها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في محافظة الرقة، بدعم من قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

وأعلنت (قسد) التي تهيمن عليها "وحدات الحماية الشعبية" الكردية، بدء المرحلة الثانية من العملية قبل حوالي أسبوعين، وذلك بهدف عزل المدينة والسيطرة على ريفها الغربي. ونجحت في السيطرة على مساحات واسعة من الريفين الشمالي والغربي للمحافظة.

وتواصلت الاشتباكات في محيط قريتي هدام وجعبر شرقي، بريفي الطبقة الشمالي والشمالي الغربي. وقد شنّ "داعش" هجمات مضادة بعدما بلغت قوات (قسد) مشارف سد الفرات ومدينة الطبقة، ما يعني اقترابها من حصار مدينة الرقة من جهتها الغربية. كما فتح التنظيم معارك عدة، أبرزها في الريف الشرقي لمحافظة حمص، وسط البلاد، حيث يسعى للتمدّد غرباً بعد سيطرته على مدينة تدمر في 11 ديسمبر/كانون الأول الحالي، مستهدفاً بشكل خاص مطار "التي فور"، الذي يُعدّ من أكبر المطارات العسكرية لدى النظام، وتتواجد فيه قوات روسية وإيرانية وأخرى من المليشيات التي تدعمها إيران، فضلاً عن قوات النظام.

وأظهرت بعض المؤشرات بروز استعدادات لقوات النظام والمليشيات، بدعم جويّ روسي لشنّ هجوم كبير بغية استعادة المناطق التي خسرتها في المعارك الأخيرة، خصوصاً مدينة تدمر وآبار النفط والغاز في محيطها، على نحو ما حصل في مارس/آذار الماضي، حين تمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي كثيف من استعادة السيطرة على مدينة تدمر.



كما تواصلت المعارك وعمليات القصف في مدينة دير الزور وريف المحافظة، بين "داعش" من جهة، وقوات النظام وطائرات التحالف والطائرات الروسية من جهة أخرى. وأسفر قصف لطائرات، روسية على الأرجح، يوم الثلاثاء، عن مقتل أكثر من 20 شخصاً في قرية الحجنة، التابعة لبلدة البصيرة، في الريف الشرقي لدير الزور. مع العلم أن أغلب ريف دير الزور خاضع لسيطرة "داعش" منذ أكثر من ثلاث سنوات، بينما يتقاسم التنظيم السيطرة على المدينة مع قوات النظام، ويشن باستمرار هجمات على مواقع تلك القوات.

ومن دير الزور إلى القلمون الشرقي، حيث تتواصل المعارك بين "داعش" وقوات من الجيش الحر مثل أسود الشرقية وقوات أحمد العبدو. وأعلن جيش أسود الشرقية الخميس سيطرته على حاجزين للتنظيم في بادية القلمون الشرقي. كما تدور مواجهات منذ أشهر طويلة بين مقاتلي المعارضة وأتباع "داعش" في الريف الغربي من محافظة درعا، جنوب البلاد. وبدأت قوات المعارضة معركة جديدة هناك ضد مقاتلي "جيش خالد بن الوليد" المبايعين للتنظيم، والذي يسيطر على أغلب قرى حوض اليرموك.

ورجّحت بعض التقديرات إمكانية اندلاع مواجهات في مراحل لاحقة بين القوات الكردية وقوات الجيش الحر التي تدعمها تركيا، إذ كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام، أن "قوات درع الفرات ستتجه بعد السيطرة على مدينة الباب إلى مدينتي منبج والرقة". مع العلم أن منبج ما زالت بطريقة أو أخرى تحت سيطرة القوات الكردية، حتى لو أكدت هذه القوات انسحابها منها، واعتبارها أن من يتولّى الدفاع عنها حالياً هو المجلس العسكري المكون من أبناء المحافظة. وتقاطعت الأنباء حول أن سيطرة قوات سورية الديمقراطية على هذا المجلس، وسط إعلانات تركية متكررة بأن السيطرة على الرقة ليست مسؤولية تلك القوات ذات الغالبية العربية والتي تخلو من الوجود الكردي.


المساهمون