طول النفس اللبناني

15 مايو 2017
يواصل عدوان دوره بالتواصل مع مُختلف الأفرقاء (حسين بيضون)
+ الخط -

لم يختلف المشهد السياسي كثيراً في لبنان، منذ الحرب الأهلية وحتى اليوم. نحن في العام 2017، ولا يزال النائب، جورج عدوان، يمارس دوره في التواصل مع مُختلف الأفرقاء وزيارة مقارهم الرسمية لنقل وجهات النظر وتثبيت الاتفاقات. صحيح أنه أصبح أكبر سناً، وأنه تخلى عن السيارات العسكرية لصالح السيارات المدنية المُصفحة، لكن المغزى هو نفسه. محاولة وقف الاشتباك الناري خلال سنوات الحرب، والسياسي خلال سنوات السلم.

حتى أن مصطلحات الخلاف لم تختلف كثيراً، فهناك طرف مسيحي "خائف" ودرزي "قلق" وسُني "تائه" بين العواصم العربية المتجاذبة سياسياً وفكرياً. أما الشيعة فهم أكثر وحدة سياسياً، وإن بقيت الخلافات العميقة حاضرة بين "القطبين" (حركة أمل وحزب الله). والجامع بين زمني السلم والحرب هو نفسه، اتفاق مدينة الطائف السعودية الذي أنهى الحرب الأهلية بالمعنى السياسي، وإن بقيت الحروب الاجتماعية والاقتصادية اليومية قائمة في حياة المواطنين. ولا بد هنا من التمييز بين انتقال قادة الحرب، من مُختلف التوجهات، إلى طاولة العمل السياسي بسلاسة وبغطاء شرعي من رعاة الطائف الدوليين والإقليميين. وهو ما غيّب العدالة الانتقالية، وأرخى بثقل الاتفاق على اللبنانيين الرازحين تحت جبل الأزمات المعيشية والصحية والبيئية.

أما النائب عدوان، وخلفه كامل المنظومة السياسية، فيواصلون شراء الوقت على حساب الدستور، ويبتدعون الحلول على حساب الخيار الديمقراطي. يرفضون التصويت في البرلمان لصالح أحد مشاريع القوانين الانتخابية المطروحة، وهي كثيرة ومُتنوعة، مُفضلين التوافق لإبقاء حقوق المواطنين مهدورة وموزعة بين أحزابهم وحركاتهم وتياراتهم. وبدل أن يعد السياسيون إلى المثل اللبناني الشعبي القائل، إن "من يُكبّر الحجر لا يصيب الهدف"، يُحاولون اليوم انتهاز اللحظة لفرض تطبيق بنود الطائف التي لم تجد طريقاً مُعبداً طوال سنوات السلم لإقرارها. وإن كان الهدف المُعلن سامياً، سمو الاتفاق الذي أوقف إراقة الدماء على الأقل، إلا أن الغايات تتبدل بتبدل موازين القوى. والمسيحيون في لبنان أقوى اليوم، بعد انتخاب ميشال عون رئيساً، وسريان خطط صهره وزير الخارجية لتجنيس المُتحدرين من أصل لبناني، علّ خطوته تلك تعيد بعض التوازن العددي بين الطوائف اللبنانية. يطرحون إنشاء مجلس الشيوخ الذي نص عليه "الطائف" ليرأسه مسيحي. حوّل هذا الطرح الكباش السياسي من قبضة الانتخابات إلى قبضة مجلس الشيوخ، من دون أن يكون ملف الانتخابات قد حقق أي تقدم جدي بعد 8 سنوات من النقاش العقيم. جولة عدوان مستمرة منذ 1975 وحتى اليوم. ولنا أن نتخيل أثر هذه المراوحة علينا، نحن الذين ننتظر موعد التقنين الكهربائي وموعد توقف انقطاع الماء، أو موعد إقرار الخطة المستدامة لمعالجة النفايات الصلبة.

المساهمون