لبنان: بلدة عرسال تترقب معركة جرودها

18 يوليو 2017
نحو 100 ألف لاجئ سوري يعيشون في المنطقة(راتب الصفدي/الأناضول)
+ الخط -
تعيش بلدة عرسال اللبنانية على حدود البلاد الشرقية مع سورية، والتي يقطنها 40 ألف مواطن لبناني وحوالي 100 ألف لاجئ سوري، حالة ترقب مع ارتفاع مؤشرات المعركة في جرودها بين "حزب الله" مدعوماً من الجيش اللبناني وقوات النظام السوري، وبين مقاتلي تنظيم "داعش" و"جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً) الذين ينتشرون في مساحة تُقدر بحوالي 300 كيلومتر من الجرود، ويقدر عددهم بين 800 و1500 مقاتل. مع الإشارة إلى أن التنظيمين يخوضان معارك عنيفة ضد بعضهما في المنطقة الجردية، إلى جانب معركتهم المستمرة ضد عناصر "حزب الله" الذين سيطروا على مساحات واسعة من المنطقة الحدودية بين لبنان وسورية عام 2015.

ولاحظ أهالي عرسال منذ أسبوع تصاعد حدة قصف طيران النظام السوري على مناطق انتشار مسلحي "داعش" و"فتح الشام" في جرود بلدتهم وفي جرود بلدة فليطة السورية القريبة من عرسال، وبادر الأهالي الذين يعملون في مجالي الزراعة ومقالع الحجر إلى سحب شاحناتهم وآلياتهم الزراعية من الجرود باتجاه البلدة حرصاً عليها.
وشهد أمس الإثنين قصفا من طيران النظام السوري على المنطقة التي تقع فيها ورش ومقالع الحجر عند الأطراف البعيدة للبلدة والتي لا يزال العمال وأصحاب الورش يقصدونها. وينتظر الأهالي ساعة انطلاق المعركة التي سيُحددها مصير مفاوضات قائد فصيل "سرايا أهل الشام" المقرب من "حزب الله" والنظام السوري، أبو طه السوري، الذي يتواصل مع "أمير فتح الشام" في الجرود، أبو مالك التلي، لمحاولة إجلاء مقاتليه باتجاه الداخل السوري من دون معركة.

في داخل البلدة، أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" وجود حالة من القلق مع تسجيل مغادرة عدد قليل من العائلات التي تمتلك شققاً في البلدات المجاورة أو في العاصمة بيروت، خوفاً من تكرار سيناريو تقدّم عناصر "داعش" و"فتح الشام" إلى داخل البلدة كما حصل خلال معركة عام 2014 التي تخللها مقتل عشرات المدنيين اللبنانيين والسوريين والعسكريين والمسلحين وخطف 36 عسكرياً لبنانياً. وهو الأمر المُستبعد حالياً كون المعركة المرتقبة مُخططا لها بشكل مسبق، وتبعد أرضها عن داخل البلدة مسافة تزيد عن 20 كيلومتراً، بعكس المعركة الماضية التي اندلعت بعد توقيف الجيش اللبناني لقائد إحدى الفصائل السورية المبايعة لـ"داعش" عند أحد الحواجز المؤدية إلى البلد من ناحية الجرود.


وساهم الدعم العسكري الذي تلقاه الجيش اللبناني من الجيشين البريطاني والأميركي في توسيع دائرة مراقبته للحدود من خلال الأبراج الثابتة وطائرات الاستطلاع المُسيّرة. كما باتت وحدات الجيش المنتشرة على الحدود بين لبنان وسورية في منطقة عرسال أفضل تجهيزاً بالأسلحة المتوسطة والثقيلة والصواريخ الموجهة، إلى جانب الدعم الذي تقدّمه المروحيات الهجومية الخفيفة وطائرات التدريب التي تم تعديلها لتحمل صواريخ جو-أرض أميركية الصنع.
ومن المتوقع أن يحضر الوضع الميداني على الحدود مع سورية خلال المباحثات التي يجريها قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، خلال زيارته العاصمة الأميركية واشنطن، منتصف الأسبوع المقبل، مع محاولة عون تعزيز الدعم العسكري الأميركي للجيش اللبناني، وبحث جهود "مكافحة الإرهاب".

وتستمر العمليات الأمنية في بلدة عرسال لتوقيف عناصر "داعش"، كان آخرها قبل أيام تلك التي أدت إلى مقتل مطلوبين ومصادرة عبوات وأحزمة ناسفة. ولا يزال اللاجئون يعيشون صدمة الأحداث التي رافقت العملية العسكرية الكبيرة التي نفذها الجيش قبل أسبوعين في مخيمين للاجئين، وأدت إلى مقتل طفلة وجرح 7 عسكريين وتفجير 5 انتحاريين أنفسهم، ثم الكشف عن مقتل 10 لاجئين موقوفين لدى الجيش من أصل 400 أوقفتهم قوات الجيش خلال العملية (أعلن الجيش وفاة 4 فقط بسبب وضعهم الصحي).

وكان الجيش قد أعلن إنهاء جهاز استخبارات الجيش التحقيق مع 356 موقوفاً، وأنه تمت إحالة 56 منهم إلى النيابة العامة العسكرية لقيامهم بأعمال "إرهابية" مختلفة، تتعلق بمهاجمة قسمٍ منهم مراكز الجيش في عرسال خلال العام 2014، وانتماء قسمٍ ثانٍ إلى تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، وإقدام قسمٍ ثالث على العمل "لوجستياً" لمصلحة هذه التنظيمات في نقل وتهريب مقاتلين وأموال وأسلحة وذخائر حربية ومواد غذائية. كما أحال 257 موقوفاً إلى الشرطة العسكرية لتسليمهم إلى المديرية العامة للأمن العام لإقامتهم على الأراضي اللبنانية بصورة غير قانونية، فيما أخلت سبيل الآخرين كون إقاماتهم قانونية، ولم يثبت قيامهم بأية أفعال جرمية أو "إرهابية".

المساهمون