الحراك الأميركي يستنفر السلطة الفلسطينية: قلق من مساعٍ لإسقاطها

23 يونيو 2018
ترويج أميركي لصفقة تخدم الاحتلال (Getty)
+ الخط -
دخلت الجهود الأميركية لتسويق "صفقة القرن" حول القضية الفلسطينية، مرحلة جديدة عبر الجولة الإقليمية التي يقوم بها مستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنير، والمبعوث الأميركي الخاص للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، والتي استدعت استنفار السلطة الفلسطينية، التي تحدثت عن مساعٍ أميركية لتغيير النظام السياسي في الضفة الغربية وإسقاط القيادة الفلسطينية، وذلك بعدما كانت السلطة رفضت أي اتصالات مع الإدارة الأميركية.

وفيما لا تخرج التسريبات حول الصفقة التي يروّجها كوشنير وغرينبلات في جولتهما التي بدأت الثلاثاء، عما سبق أن كشفته صحف أميركية وإسرائيلية سابقاً، عن إخراج القدس من النقاش وطرح أبوديس كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، فإن الجديد هو الأنباء عن محاولة واشنطن تجاوز القيادة الفلسطينية في تمرير هذه الصفقة، عبر دفع أطراف عربية لفرضها، إضافة إلى السعي لضخ ملايين الدولارات في قطاع غزة بهدف فصله عن الضفة الغربية. ويبدو أن ما سمعه المسؤولون العرب من كوشنير وغرينبلات، وما تسرّب للسلطة الفلسطينية في الضفة، كلها أمور دفعت الأخيرة للاستنفار، لتصبح هذه القضية أبرز ملف في زيارة الملك الأردني عبدالله الثاني إلى واشنطن التي يتوّجها بلقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الإثنين المقبل.

ومع مواصلة كوشنير وغرينبلات لقاءاتهما في المنطقة، والأنباء التي نشرت عن نيتهما الاجتماع مساء اليوم السبت برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وذلك للمرة الثانية بعد لقائهما به أمس الجمعة أيضاً، كان المسؤولون الفلسطينيون يرفعون نبرة تحذيراتهم، والتي جاءت أبرزها على لسان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، الذي كشف أن الجولة الأميركية هدفت إلى شطب وكالة "الأونروا" وقضية اللاجئين، إضافة إلى محاولة الترويج لتغيير النظام السياسي في الضفة الغربية وإسقاط القيادة الفلسطينية.

وقال عريقات في حديث لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، اليوم السبت، إن جولة كوشنير وغرينبلات "جاءت بعدما ظنت الإدارة الأميركية أنها أسقطت ملف القدس"، مضيفاً "يريدون الآن شطب الأونروا من خلال طرح تقديم المساعدات مباشرة للدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين بعيداً عن الوكالة الأممية، إلى جانب ترتيب صفقة مالية لقطاع غزة بقيمة مليار دولار لإقامة مشاريع، أيضاً بمعزل عن الأونروا". وكشف أن نتنياهو أبلغ الموفدين الأميركيين خلال لقائهما الجمعة، "استعداده لتلبية احتياجات غزة من خلال اقتطاع الأموال اللازمة من أموال السلطة الفلسطينية، وذلك بهدف إبقاء الانقلاب قائماً وفصل غزة عن الضفة تمهيداً لإتمام مشروع دويلة في قطاع غزة". ووفق عريقات، فإن الهدف الثاني من الجولة الأميركية يتمثل بما تحدثت عنه الولايات المتحدة أخيراً عبر مقال لغرينبلات، وهو تغيير النظام السياسي في الضفة الغربية وإسقاط محمود عباس والقيادة الفلسطينية "لتمسكها بالثوابت الوطنية وحقوق الشعب، ومن أجل استهداف القيادة الفلسطينية، تبدأ الإدارة الأميركية بمحاولة إشاعة حالة عدم استقرار وبلبلة في الضفة".
أما الهدف الثالث، وفق عريقات، فهو محاولة كسر الإجماع الدولي والالتفاف حول القضية الفلسطينية ورفض ما يسمى بـ"صفقة القرن" والمؤامرات الأميركية التصفوية. في المقابل، أكد عريقات أن كوشنير وغرينبلات استمعا إلى موقف عربي موحّد بأن الحل هو بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.


هذا الكلام أكده مستشار الرئيس الفلسطيني، نبيل شعث، لـ"العربي الجديد"، بإعلانه أن موقف الدول العربية موحّد ورافض لـ"صفقة القرن" وتمريرها على الفلسطينيين. وقال شعث إن "الجولة الأميركية في المنطقة هي محاولات يائسة وفاشلة من الرئيس دونالد ترامب وعصابته الصهيونية في إقناع العالم بأن هناك شيئاً يسمى صفقة القرن، وأن من يستطيع فرضها على الفلسطينيين هم العرب، وأنه يجب مواصلة المحاولة أكثر من مرة لتحقيق هذا الهدف حسب ما تعتقد الإدارة الأميركية". وتابع: "لا توجد صفقة، لأن الصفقة تعني أن هناك طرفين يقدّمان تنازلات ويحصلان على مكاسب ويتفقان بالنهاية، لكن لا يوجد طرفان في هذه الصفقة التي يروجون لها بل طرف واحد وهو أميركي إسرائيلي، ويقوم بإملاء أشياء مرفوضة تماماً".

وتأكيداً على الموقف المتشدد من القيادة الفلسطينية، قال شعث لـ"العربي الجديد": "نحن لا نرفض صفقة القرن فقط، بل نرفض الدور الأميركي وفريقه الصهيوني الذي يزور المنطقة، ولسنا طرفاً ولا نريد أن نكون طرفاً، لأنه من الواضح أن تطبيق الصفقة على الأرض بدأ بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، ووقف دعم الأونروا، فضلاً عن وقف استخدام مصطلح أراض محتلة، وعدم التعرض للمشروع الاستيطاني الصهيوني، وكل هذا يتم تنفيذه حالياً على الأرض".

وتابع: "كل ما يتم تسريبه في الإعلام مرفوض، من قيام عاصمة فلسطينية في أبو ديس وتدفق الملايين على قطاع غزة، متناسين أن من دمر قطاع غزة وأغرقها بالحروب والفقر والحصار هو دولة الاحتلال مدعومة بشكل كامل من الولايات المتحدة، بالتالي كل هذا الكلام غير مجد". وأكد أن "من يريد أن يدعم غزة يجب أن يدعمها من خلال الحكومة الفلسطينية، لكن ما يجري حالياً هو استخدام قضية غزة بهدف فصلها، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً".

وحول الموقف العربي لا سيما بعد زيارة الوفد الأميركي للأردن والسعودية قال شعث: "تمرير الصفقة من خلال الدول العربية أمر فاشل وترفضه هذه الدول، ومن الواضح أن الإدارة الأميركية ووفدها ليس لديهم أي جديد ليقدّموه، لا سيما في ظل رفض القيادة الفلسطينية للوساطة الأميركية بالكامل".

في السياق، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، في تصريح، إن "العنوان الصحيح لتحقيق السلام العادل والدائم والذي لا يمكن تجاوزه، لا إقليمياً ولا دولياً، يمر بصاحب القرار الفلسطيني المتمثل برئيس دولة فلسطين محمود عباس، وأعضاء القيادة الفلسطينية المدعومة بالشرعية والمساندة العربية، التي أبلغت الوفد الأميركي ذلك بوضوح". وشدد على أن "المطلوب بعد انتهاء جولات الوفد الأميركي للمنطقة، أن تدرك الإدارة الأميركية وتستوعب ضرورة التوقف عن السعي لبدائل سياسية وهمية ومشاريع هدفها شق الوطن الفلسطيني لمنع قيام دولتنا الفلسطينية".