بعد سلسلة هجمات دامية عرفتها قرى وبلدات عدة في محافظة ديالى شرقي العراق، شهدت خلالها مطالبات بإشراك سكان المناطق ذاتها في الملف الأمني داخل المحافظة الحدودية مع إيران التي تخضع بشكل واضح لنفوذ الفصائل المسلحة، مثل مليشيات "العصائب" و"كتائب حزب الله" و"بدر"، قال مسؤول عراقي في مدينة بعقوبة عاصمة المحافظة المحلية، إن أفراداً من قوات العشائر تم إشراكهم في ملف الأمن كخطوة أولى لحسم موضوع القرى القلقة التي تشهد اعتداءات مسلحة بين فترة وأخرى وخاصة تلك الواقعة شمال شرق المحافظة.
وبينما بدأت تلك القوات بالانتشار في القرى، حذّر مسؤولون من إهمال تسليح وتجهيز تلك القوات كما حدث في السابق، ولا سيما أن الخطة الجديدة التي اعتمدتها المحافظة، تأتي في ظل عدم استقرار أمني في عدد من مناطق ديالى، في وقت يرفض الأهالي وجود مليشيات ضمن "الحشد الشعبي" سجل أفرادها انتهاكات عديدة بحق السكان في الفترة الماضية.
ووفقاً لمسؤول في جهاز الشرطة بالمحافظة، فإنّ "أفراداً قبليين باشروا المشاركة في ملف الأمن بنحو 35 قرية في المحور الشمالي لبلدة المقدادية شمال شرقي بعقوبة"، مبيناً لـ "العربي الجديد" أنّ "تلك القرى كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في السنوات السابقة، وأنّ أمنها غير مستقر نسبياً خلال الفترة الأخيرة".
وأكد أنّ "هذه الخطوة جاءت بعد مطالبات من قبل الأهالي، الذين يتهمون مليشيا الحشد الشعبي بارتكاب انتهاكات في تلك القرى، وطالبوا بإبعاده عنها"، مبيناً أنّ "الحكومة المحلية في ديالى استجابت لهذا المطلب، لكنها غضّت النظر عن المحاسبة القانونية لعدد من مسؤولين في الحشد متهمين بارتكاب الانتهاكات".
وأشار إلى أنّ "التجربة من المفترض أن تشمل لاحقاً عدداً من القرى في المحافظة"، مؤكداً أنّ "القوات العشائرية تعمل بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية".
من جهته، قال عضو مجلس محافظة ديالى حقي الجبوري، إنّ أفراد العشائر المسلحين يعملون على استراتيجية الأحزمة الأمنية حول القرى التي تسلموا مهامّهم فيها، لمنع تسلل مسلحين ولتعزيز أمنها الداخلي ومنع أي خرق أمني، مبيناً في تصريح صحافي، أنّ "تلك القوات كانت قوات فعّالة في مجابهة داعش، وقدمت تضحيات في السنوات الأخيرة".
ودعا إلى "ضرورة تقديم الدعم لهذه القوات، نظراً لوجود المئات منهم بدون أي رواتب أو دعم تسليحي منذ أربع سنوات".
ومع إعادة العمل بتلك القوات، تثار مخاوف من أن تتعرض للإهمال من ناحيتي التجهيز والتسليح، ضمن ضغوط وحسابات سياسية، كما حدث في تجارب سابقة مع قوات عشائرية أخرى في الأنبار ونينوى وصلاح الدين، ما سيترتب على ذلك نتائج أمنية سلبية.
وقال الشيخ فاضل الجبوري، وهو أحد شيوخ المحافظة، إنّ "التجربة جيدة من كثير من النواحي، وخاصة مع رغبة الأهالي ودعمهم للقوات العشائرية من أبناء قراهم"، مستدركاً "لكنّ الأهم من ذلك أن تكون تجهيزات وتسليح العشائر متناسبة مع حجم المهامّ الملقاة على عاتقهم".
وحمّل الحكومة المحلية "مسؤولية أي خلل بجانب التسليح والتجهيز".
وتعاني العديد من قرى وقصبات وبلدات محافظة ديالى شرقي العراق من ارتباك أمني واضح، عبر هجمات صاروخية واغتيالات يقول الأهالي ومسؤولون محليون إن جزءاً منها يقف خلفه أفراد ضمن مليشيات مرتبطة بإيران، وينفذون مشروعاً للتغيير الديموغرافي في مناطقهم.
ووفقاً لمحمد الكروي عضو مجلس ديالى السابق، فإن الخطوة الجديدة في إشراك أبناء المناطق بملف الأمن هي الحلّ الصحيح لوضع ديالى عموماً.
وأضاف في حديث لـ "العربي الجديد": "سيكون هناك دراية مسبقة وتعاون بين أهالي القرى والبلدات وبين من يتولى ملف الأمن، الذين هم من أهالي المنطقة أيضاً لأن استقدام مليشيات غالبيتها طائفية وتسليطها على الناس أثبت فشله بالكامل، وقد تسبب بخسائر بشرية ومادّية وبموجات نزوح كبيرة في الفترة الماضية".