بومبيو وزيراً للخارجية الأميركية: تخوف من إضعاف الدبلوماسية

27 ابريل 2018
موافقة متواضعة بمجلس الشيوخ على تعيين بومبيو(شاؤول لوب/فرانس برس)
+ الخط -

بعد حوالي شهر ونصف على اختياره، وبعد فوزه، الأربعاء، بصوتٍ واحدٍ في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (11 جمهورياً مقابل 10 ديمقراطيينوافق المجلس بأكثرية 57 مقابل 42 صوتاً، على تعيين مايك بومبيو وزيراً للخارجية الأميركية، خلفاً لـ ريكس تيلرسون، المقال.

التصويت جاء مماثلاً، لما ناله سلفه تيلرسون (56 مقابل 43)، هو دليل على تأييد ضعيف وغير مألوف. وقد يكون التشابه في الأرقام بمثابة مؤشر مبكر لتشابه مسيرة ثم مصير الوزيرين.

في العادة يحظى وزير الخارجية بموافقة وازنة، إن لم يكن بشبه إجماع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

على سبيل المثال، وافق مجلس الشيوخ بغالبية 94 صوتاً من الحزبين، ضد 2 وامتناع 2، على تعيين الوزيرة هيلاري كلينتون في الخارجية. لكن هذه المرة لم ينضم إلى حزب الرئيس دونالد ترامب، سوى أربعة ديمقراطيين وواحد مستقل، ولاعتبارات في معظمها انتخابية. وربما لاعتبار أنّه في الوقت الحالي "ليس في الإمكان الآن أكثر مما كان".

ولا تعكس الموافقة المتواضعة على تعيين بومبيو، مدى الاعتراض على اختياره في مجلس الشيوخ فقط، بل أيضاً في أوساط المعنيين بالشؤون الدولية.

الرجل قادم من عالم الاستخبارات، وجديد على الساحة الدبلوماسية، تماماً كما سلفه تيلرسون، مع الفارق في خلفية كل منهما.

خبرة بومبيو بعد دخوله معترك السياسة سنة 2011، كنائب في الكونغرس، محصورة في هذا الحقل. عمل في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، حتى يناير/كانون الثاني 2017، لينتقل بعدها إلى وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، لغاية 13 مارس/آذار الماضي، عندما اختاره ترامب لخلافة تيلرسون.

ثم إنه جاء من "حزب الشاي" الذي تجاوز الحزب الجمهوري، وجرّ قسماً من قاعدته إليه، ليفوز بكتلة وازنة في مجلس النواب، تمرّدت على قيادة الحزب وفرضت عليه الانجرار وراءها.

وقد أدى تمرّدها المتشدد إلى الإطاحة برئيس مجلس النواب جون بونيار، قبل سنتين، كما إلى الإطاحة برئيس المجلس الحالي بول راين الذي أعلن، قبل أسبوع، انسحابه من انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني القادمة، بعد أن تعذّر عليه ضبط هذه الكتلة.

بومبيو جاء من هذا الموقع الذي لا يساوم على مواقفه وتوجهاته، وهو لطالما كان من الصقور في هذه الكتلة، خاصة في نظرته إلى الشرق الأوسط والمسلمين بالذات، حيث يصنّف أياً ممن لا يدين الإرهاب الذي يجري باسم الإسلام، على أنّه "إرهابي محتمل". كما سبق وارتأى أن الحل الأفضل من التفاوض مع إيران هو "قصف مواقعها النووية".

كل هذه المقولات والمقاربات، جرى نبشها ونشرها في الإعلام، خلال الأيام القليلة الماضية. كما ردّدها أعضاء مجلس الشيوخ الذين اعترضوا على تعيينه، وطلبوا منه تفسيرها أثناء الاستماع إلى إفادته في لجنة العلاقات الخارجية، لكن الأجوبة بقيت ضبابية.


ثمة اعتقاد بأنّ المهمة التي قام بها مؤخراً إلى كوريا الشمالية، ولقاءه مع زعيمها كيم جونغ أون، جاءت كمؤشر على حصول تغيير في مقارباته الخارجية، وترجيحه للخيار الدبلوماسي على المواجهة، لا سيما وأنّه قام خلال وجوده على رأس "سي آي إيه"، بعدة زيارات إلى الخارج، وبنى علاقات مع نخبة من خبراء السياسة الخارجية في واشنطن، وبما وضعه في الجو الدبلوماسي سلفاً، وإن بصورة أولية.

لكن في المقابل، يعرب كثيرون عن ارتيابهم لأنّ الرجل "ظلّ" لترامب أكثر بكثير مما هو عازم على لعب دور الكابح، كما كان تيلرسون إلى حدّ ما، وإن كان هذا الأخير، قد ساهم بدرجة كبيرة، في تبهيت الدور والحضور الدبلوماسي لوزارة الخارجية.

اللافت أنّ بومبيو غادر فور التصويت على تعيينه في أول جولة له، لحضور اجتماع وزراء حلف شمال الأطلسي "ناتو" في بروكسل؛ ثم الانتقال إلى الشرق الأوسط.

وسرعان ما قرأ المراقبون في الشق الثاني من جولته هذه، علامة أخرى على رفع حرارة الملف الإيراني المستعجل الذي كان فوق نار حامية، خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى واشنطن، والتي كانت أقرب إلى حملة لصرف ترامب عن قرار التخلّي عن الاتفاق النووي مع طهران. وهو الملف المتوقع أن يشكّل محور زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الجمعة، إلى واشنطن.

بداية حقبة بومبيو محاطة بكثير من علامات الاستفهام، لناحية الدور الذي يزمع لعبه في إدارة أميركية مضطربة لم تعرف الاستقرار بعد.