إسرائيل ترصد "حرب الوعي" لـ"حزب الله" في لبنان

04 اغسطس 2018
يرصد التقرير التحولات في سياسة الحزب الإعلامية(أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
يكشف تقرير نشره مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي قبل يومين، مدى المتابعة الإسرائيلية المكثفة للسياسة الإعلامية لـ"حزب الله" اللبناني على الوعي العام، خصوصاً في لبنان، لجهة تكريس شرعية دور الحزب في الساحة الداخلية ومنع أي تداعيات لمشاركته الفاعلة إلى جانب قوات نظام بشار الأسد في قتل الشعب السوري. ويوضح تقرير رصد لتصريحات وسياسات الحزب الإعلامية، وضعه الباحثان في المركز، يورام شفيتسر ودافيد سيمان طوف، أن الحرب الدعائية، أو حرب الوعي كما يسميها التقرير، تشكّل سلاحاً عند "حزب الله" منذ تأسيسه، وأنه "منذ تكثيف مشاركته في الحرب في سورية، فإن الحزب يدير معركة دعائية على الوعي في جبهتين: الأولى في مواجهة الرأي العام الداخلي في لبنان، والثانية في مواجهة إسرائيل".

وبحسب الدراسة، أو تقرير الرصد، فإنه عندما يستعيد نظام الأسد سيطرته الكاملة على سورية، فقد تبقى قوات "حزب الله" داخل سورية بهدف إقامة بنى تحتية جاهزة لخدمة الحزب تمكّنه من فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل، أو ربما قد تبقى قوات الحزب في سورية بتواجد عسكري محدود بهدف تأمين عمق استراتيجي وعملياتي له، وفي الوقت نفسه تأمين وصول السلاح للحزب. ووفق التقرير دائماً، يلزم الاستعداد لأي من هذه الاحتمالات، إعداد خطة تعبئة إعلامية وخطة دعائية لمخاطبة الرأي العام في لبنان لتبرير سبب مواصلة تورط الحزب في سورية، على الرغم من المخاطر التي يحملها ذلك للبنان من قِبل دولة الاحتلال. ويرى التقرير أنه سيكون على الحزب أن يبلور أيضاً خطة دعائية لمواجهة إسرائيل والرسائل والخط الدعائي الذي تعتمده إسرائيل وتوجّه رسائلها في سياقه لـ"حزب الله"، سواء بشأن بقاء الحزب في سورية، أم بشأن استمرار محاولات نقل السلاح للبنان.


ويأتي التقرير بشكل مقتضب على بعض التصريحات المختلفة الصادرة عن الأمين العام للحزب، حسن نصرالله في العامين الأخيرين، في مناسبات مختلفة، لتبرير مشاركة الحزب في الحرب، بدءاً من "مقولات الدفاع عن لبنان من قلب سورية"، وصولاً إلى المواقف الأخيرة بأنه لم يكن لـ"حزب الله" إلا أن يقف إلى جانب النظام السوري في "مواجهة المؤامرة الكونية ضد سورية وضد محور المقاومة"، وأن الحزب يستمد الشرعية في وجوده في سورية من مجرد دعوة النظام له للقتال وهو ما يمنح هذا الوجود الشرعية القانونية. ويشير التقرير إلى أن الحزب يمرر عبر رسائله الدعائية من خلال خطابات قائده، سياسة الردع التي يبلورها في مواجهة دولة الاحتلال، والتي لا يتورع الحزب، على غرار النظام السوري، عن اتهامها أيضاً بتسليح جماعات جهادية إرهابية تحارب النظام.

ويلفت التقرير إلى التحوّلات في سياسة الحزب الإعلامية وحربه الدعائية تبعاً للتطورات الميدانية والإقليمية، ومنها انتباه الحزب والتفاته في الفترة الأخيرة إلى مواجهة حرب الدعاية الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني في سورية، الذي تقرنه دولة الاحتلال دائماً بالإشارة إلى "حزب الله" وباقي المليشيات الموالية لإيران في سورية، مع ترجمة هذه الحرب بضربات جوية وقصف لمواقع عسكرية تابعة لإيران، أبرزها قصف مطار تي فور في ريف حمص أكثر من مرة، واستهداف قوافل الأسلحة المخصصة لـ"حزب الله". ويقول التقرير في سياق الاعتداءات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية، إن الحزب شكّل عملياً خط الدفاع الدعائي الأول عن إيران وتحوّل إلى متحدث باسمها عندما أعلن رداً على هذه العمليات موجّهاً حديثه لإسرائيل: "عليكم أن تعلموا أنكم ارتكبتم خطأ تاريخياً، وقمتم بخطوة غبية كبيرة بمهاجمتكم المطار، لقد أوقعتم أنفسكم في مواجهة مباشرة مع إيران". ناهيك عن ذكر التقرير لتصريحات أخرى ساند فيها نصرالله وأيّد الرد الإيراني الذي استهدف عدة مواقع عسكرية للاحتلال في هضبة الجولان قبل نحو شهرين.

وعلى امتداد الخط الإعلامي حسبما يرصد التقرير، فإن "حزب الله" يتخذ خطاً تحذيرياً من أن النصر سيكون في نهاية المطاف للحزب في حال مواجهة مع إسرائيل، أو لإيران في حال مواجهة بين الطرفين، مع اعتماد خط ثابت يصوّر مشاركة الحزب في الحرب إلى جانب النظام السوري كخطوة دفاعية عن نظام الأسد وكاستراتيجية دفاع واسعة النطاق عن لبنان نفسه. ليتحوّل الحزب إلى متحدث باسم النظام السوري وإيران، ورأس الحربة في ردع إسرائيل عن استهداف بشار الأسد، بموازاة حرب نفسية تقلل من حجم وأثر الضربات الإسرائيلية المتكررة، يقابلها تهديد معلن بأن الحزب يملك القدرة لاستهداف وضرب إسرائيل في نقاط محددة عندما تستوجب الحاجة في اليوم الذي يلي الحرب السورية.