قبل اختيار رئيس للأركان: حملة ضد جنرال قارن بين إسرائيل وألمانيا النازية

15 اغسطس 2018
هرع ليبرمان للدفاع عن غولان (جيلي ياري/Getty)
+ الخط -
يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي وحكومته لاختيار رئيس جديد للأركان، خلفا للجنرال غادي أيزنكوت، الذي من المنتظر أن ينهي مهامه قريباً. وتقوم بعض الأطراف الإسرائيلية، منها جمعية "إم ترتسو" اليمينية المتطرفة وأصحاب إعاقات في الجيش وعائلات لقتلى إسرائيليين، بشن حملة ضد نائب رئيس الأركان، الجنرال يائير غولان، بحجة أنه كان قد قارن بين ما يقوم به الجيش الإسرائيلي وما قام به الجيش النازي. لكن بعض المحللين الإسرائيليين يرون أن الحملة لا تهدف في الواقع للتأثير على حظوظ غولان بتولي المنصب، لأن حظوظه معدومة أساساً، رغم "تضحياته الكثيرة للجيش الإسرائيلي وإصابته في المعارك"، لكنها ترمي بالأساس لإسكات جنرالات وضباط آخرين في الجيش، إذا فكّروا مستقبلاً بالتطرق إلى ممارسات الجيش الإسرائيلي، لا سيما بحق الفلسطينيين. وكان غولان قد قال، قبل نحو عامين، في سياق كلمة ألقاها لمناسبة إحياء ذكرى ضحايا "المحرقة" النازية، إنه "شيء مفزع أن نرى التطورات التي حدثت في أوروبا في الماضي أمام أعيننا هنا في إسرائيل في العام 2016. ينبغي علينا أن نجري مناقشة بشأن قدرتنا على اجتثاث بذور التعصب والعنف وتدمير الذات، التي تؤدي إلى الانحلال الأخلاقي، إذ إن الاستخدام غير السليم للأسلحة وانتهاك حرمة السلاح قد تغلغلت في الجيش الإسرائيلي منذ تأسيسه".

وفي ظل تصاعد الحملة ضد غولان هذه الأيام، ومع اقتراب اختيار الرئيس الجديد للأركان، هرع وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، عبر تغريدة على "تويتر"، للدفاع عن غولان، معتبراً أنه "ضابط ممتاز وقائد شجاع، كرس حياته لأمن دولة إسرائيل. حملة التشهير ضده في الأيام الأخيرة غير مناسبة، ولن يكون لها أي تأثير على عملية اختيار رئيس الأركان". بيد أن مراقبين يرون أن تصريحات ليبرمان هي تحصيل حاصل، لأن حظوظ غولان أصلاً تكاد تكون معدومة، كما أنها محاولة لإخفاء تأثير السياسة على التعيينات في الجيش. من جانبه، سارع الجيش الإسرائيلي إلى استنكار الحملة ضد غولان، معتبراً، في تغريدة على "تويتر"، أن "محاولة التشكيك بالجنرال غولان مرفوضة"، وأن "محاولة تصويره على أنه لم ولن يعمل ضد المخربين مغلوطة". وأكد الجيش أن "غولان يخدم في الجيش الإسرائيلي منذ 38 سنة، في جميع قطاعات القتال، قدم الكثير لأمن إسرائيل".

وكتب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "الحملة ضد يائير غولان لن تؤثر على مستقبله في الجيش، لكنها ستشكّل رادعاً لضباط كبار آخرين. حظوظ غولان قليلة منذ خطابه عام 2016، حين قارن بشكل غير مباشر بين ممارسات تحدث في إسرائيل وتلك التي وقعت في ألمانيا النازية. هناك مؤشرات على أن الحملة ضده تحمل بصمات منظمة إم ترتسو، والسؤال هو عما إذا كان ثمة ضباط آخرون سيتم استهدافهم؟". وذكر هرئيل أن غولان سبق أن تلقى قبل خطابه بفترة وجيزة تحذيراً، في اجتماع منتدى الأركان العامة السنوي لمناقشة العبر من "المحرقة" النازية، بأن موقفه لن يرضي الجمهور الإسرائيلي، لكن ذلك لم يمنعه من تكراره على الملأ في خطابه وأمام وسائل الإعلام. ورأى الكاتب أن "الأشخاص الذين يهاجمون يائير غولان، يحاولون تصويره على أنه حمامة سلام، وروحه طيبة ويخشى محاربة المخربين. وهذا غير صحيح، فهو أحد أكثر الضباط لجوءاً لاستخدام القوة في هيئة الأركان، لكنه فقط يعتقد أن الأمور يجب أن تسير بما يتناسب مع القواعد القيمية للجيش الإسرائيلي". واعتبر أن قضية غولان محسومة أيضاً، بعدم توليه المنصب، لكن السؤال هو عما إذا كانت مثل هذه الحملة ستلجم ضباطاً آخرين، بينهم على الأقل اثنين من المرشحين الحاليين لمنصب رئيس الأركان، هما الجنرال نيتسان ألوف والجنرال أفيف كوخافي.

أما الكاتب يؤاف ليمور، فاعتبر في مقالة نشرها في صحيفة "يسرائيل هيوم"، أن "الحملة ضد غولان من أقذر الحملات أخيراً، فتاريخه على الجبهة اللبنانية وفي الأراضي الفلسطينية وإصابته، أمور لا تنتظر مصادقة أحد على مهنيته أو التزامه. وبالطبع ليس من قبل منظمة سياسية تقوم باستخدام أهالي القتلى، والذين لا يدركون في أي حفرة وقعوا". واعتبر أنه "يجب ألا يكون هناك أي تأثير لعائلات القتلى على اختيار رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي، وأن القرار يجب أن يكون للحكومة وحدها، ومن خلال وزير الأمن، دون أن تكون هناك حملات تضر بالدولة وبالجيش وبالشخص نفسه". ويوافق ليمور على أن حظوظ غولان في الوصول إلى رئاسة الأركان أصلاً ضئيلة حتى قبل الحملة الحالية. وطالب وزير الأمن بتسريع اختيار الرئيس الجديد للأركان.

المساهمون