18 مرشحاً لرئاسيات أفغانستان: تشتت يريح أشرف غني

23 يناير 2019
باشرت البلاد تسجيل المرشحين الرئاسيين (وكيل كوهسار/ فرانس برس)
+ الخط -
بات الرئيس الأفغاني أشرف غني آخر المنضمين إلى قائمة المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقررة في يوليو/ تموز المقبل، وشكّل فريقاً مختلفاً عن باقي المرشحين، خصوصاً أن نائبيه ليسا من الوجوه المعروفة، بخلاف باقي المرشحين. وفسّر البعض ذلك بأن الرئيس الأفغاني حاول توضيح عدم اعتماده كلياً على السياسات التقليدية لاستنباط الآراء، لا سيما من الشخصيات المتهمة بالفساد والحروب الداخلية، بل كما أكد عند ترشحه، فإن غني يريد "بناء أفغانستان جديدة تعتمد على العمل والوجوه النزيهة من أجل مستقبل زاهر لبلاد، وتكون بوابة بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا". وفسّر كثر خطوة غني بأنه يعلم جيداً أنه في الحكم وأنه يستطيع اتخاذ القرارات من دون التحالف مع الوجوه المعروفة في الساحة السياسة والقبلية، فضلاً عن حصوله على رضا الأميركيين ومباركتهم. كما أن المعارضين له الموزعون على معسكرات مختلفة يصعب عليهم أن ينافسوه فعلاً في الانتخابات. في هذا الإطار، قال زعيم قبائل البدو، المحلل السياسي دولار فيضان، إنه "للمرة الأولى نعتقد بأن الانتخابات الرئاسية لن تصل إلى المرحلة الثانية، وستكون محسومة لمصلحة الرئيس من المرحلة الأولى".

اللافت في الانتخابات الرئاسة لهذه الدورة هو عدد المرشحين، الذي بلغ 18 مرشحاً، أي أقلّ بكثير من الانتخابات الرئاسية الماضية في عام 2014 حين كان عدد المرشحين 46. ولعل السبب هو أنه في ذلك الزمن كانت الحكومة الأفغانية، تحديداً الرئيس السابق حامد كرزاي، وراء تقدّم الكثير من المرشحين مع تمويلهم، ليحصل كرزاي على مكاسب سياسية. أما هذه المرة فإن قادة الحكومة موزعون حيال القضية، وثلاثة منهم يفكرون بالرئاسة، وهم: الرئيس الأفغاني، والرئيس التنفيذي للحكومة عبد الله عبد الله، والثالث هو مستشار الأمن السابق محمد حنيف أتمر.

أما باقي المرشحين فأبرزهم: المرشح الرئاسي السابق، زلمي رسول، وزعيم حزب ستم ملي، عبد اللطيف بدرام، ووزير الداخلية السابق، نور الحق علومي، وزعيم الحزب الإسلامي، قلب الدين حكمتيار، وأحمد ولي مسعود، ورئيس المخابرات السابق، رحمت الله نبيل، والتاجر محمد إبراهيم الكوزي، ونور رحمن ليوال، والسفير الأفغاني السابق في الهند، شيدا أبدالي، وغلام نبي نجرابي.

ورأى مراقبون أن "المنافسة الحقيقية ستكون بين غني وعبد الله وأتمر، أما باقي المرشحين وفرقهم فقد ترشحوا غالباً من أجل الحصول على المكاسب السياسية، وجميعهم يعرفون أنهم لا يستطيعون الحصول على أصوات كافية للفوز بالرئاسة أو للانتقال إلى الجولة الثانية على الأقل، وفي نهاية المطاف قد ينضمون إلى المعسكرات الثلاثة المتنافسة".

في هذا السياق، رأى الباحث الأفغاني أحمد خالد حاتم، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المنافسة الحقيقية ستكون بين المرشحين الثلاثة، أما المرشحون الآخرون فيدركون مسبقاً أنهم لا يستطيعون الفوز رئاسياً، ويعملون للحصول على المكاسب والبقاء في الحقل السياسي". وأضاف أن "الفارق الوحيد بين المرشحين الثلاثة هو أن أتمر وعبد الله، يعتمدان على الأحزاب "الجهادية" السابقة (التي حاربت الوجود السوفياتي) وعلى الأحزاب السياسية المشهورة، على سبيل المثال الرئيس التنفيذي الذي يعتمد على الجمعية الإسلامية وزعيمها، وزير الخارجية صلاح الدين رباني، كذلك على النائب الأول للرئيس الأفغاني عبد الرشيد دوستم وحزبه جنبش ملي. كما أن أتمر يعتمد على جزء آخر من الجمعية بعد أن عيّن القيادي فيها يونس قانوني نائباً أول له، وبالنسبة إلى نائبه الثاني فهو النائب الثاني للرئيس التنفيذي حاجي محقق وهو أحد رموز الطائفة الشيعية في هذا البلد. أما الرئيس الأفغاني فلم يعتمد على الأحزاب والوجوه المعروفة بل عيّن أشخاصاً برزوا بسيرتهم المهنية، ومنهم رئيس المخابرات السابق أمر الله صالح وسرور دانش وهو نائبه الثاني حالياً".

واللافت في عملية الترشح للانتخابات الرئاسية الأفغانية لهذه الدورة، هو توزع جميع الأحزاب السياسية و"الجهادية" بين المرشحين من أجل الحصول على المكاسب. ومن أكبر تلك الأحزاب، حزب الجمعية الإسلامية بزعامة صلاح الدين رباني، والحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار، وحزب الوحدة، أكبر الأحزاب الممثلة لأبناء المذهب الشيعي. ووزعت الجمعية الإسلامية بين ثلاثة مرشحين، جزء كبير منهم بقيادة رباني يؤيدون عبد الله، بينما أعلن جزء آخر منه بقيادة يونس قانون تأييده أتمر، وتأييد بعضهم لأحمد ولي مسعود شقيق القائد السابق أحمد شاه مسعود.

كذلك انقسم الحزب الإسلامي بين ثلاث فئات، الجزء الكبير منه يؤيد زعيم الحزب حكمتيار، بينما قياديون آخرون وهم عبد الهادي أرغنديوال وحاجي محمد خان وهو النائب الثاني للرئيس التنفيذي عبد الله، يؤيدون غني. أما القيادي البارز في الحزب وحيد الله سباون، فأبدى تأييده لأتمر.

على هذا المنوال انقسم حزب الوحدة بين معسكر غني ومعسكر عبد الله. أما الحزب الكبير الوحيد الذي لم ينقسم، فهو حزب النائب الثاني للرئيس عبد الرشيد دوستم، جنبش ملي، الذي يحظى بتأييد واسع داخل قومية الأوزبك. ولكن الخيارات العرقية موزعة أيضاً، بعد أن حاول الرئيس الأفغاني الحصول على تأييد أسر كبيرة معارضة لعبد الرشيد دوستم، كأسرة إيستشي وغيرها.

لا شك أن هذه التقسيمات تقف خلفها المصالح الشخصية للقياديين، لكنه من الوارد أيضاً أن تكون وراءها الحكومة الأفغانية واللوبي الأميركي، بغية إضعاف جميع المرشحين واختيار الأقرب إليهم ولعله يكون الرئيس أشرف غني.

أما الشعارات المهمة التي تبناها المرشحون للرئاسة فتدور كلها حول نقطتين: المصالحة الأفغانية مع حركة "طالبان"، ومحاربة الفساد، فقد قال الجميع في خطاباتهم عند الترشح، إنهم "يعملون من أجل الوصول إلى حل للمعضلة من أجل الانتهاء من حمامات الدم التي تحصد أرواح الأفغان بلا هوادة، وأن محاربة الفساد من أولوياتهم". غير أن السؤال المطروح هو حول الشخصيات التي جمعها المرشحون من أجل الوصول إلى الرئاسة، إذ إنهم بغالبيتهم ضالعون في الفساد وبعضهم يحاكمون بهذه التهمة. في هذا السياق، اعتبر الباحث عبد الوهاب حسام، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر مجرد شعارات من أجل كسب الرأي العام ولا جدوى من ورائها"، مشيراً إلى أن "الرئيس الأفغاني سيستخدم القضيتين أيضاً من أجل البقاء في الحكم".

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأفغاني قال في كلمة له عند الترشح إنه "يريد أن يبقى في الحكم من أجل استئناف المشاريع التي دشنها ومنها المصالحة"، مستدلّاً على المصالحة التي أنجزها مع الحزب الإسلامي بزعامة قلب الدين حكمتيار. وأعرب عن تفاؤله بالحوار مع حركة "طالبان" على الرغم من كل العقبات. كذلك شدّد على متابعة خطواته لـ"جعل أفغانستان بوابة بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا".
دلالات