عضوية الكويت في مجلس الأمن: محاولة لتعويض الحقبة المصرية

09 يناير 2018
العتيبي (يسار) ممثلاً الكويت بالمرحلة الجديدة (ألبين لورـ جونز/Getty)
+ الخط -
تسلّمت الكويت مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن الدولي للمرة الثانية في تاريخها، وذلك بعد فوزها كممثل عن المجموعة العربية لعامي 2018 و2019، إثر انتهاء عضوية دولة مصر التي استمرت لمدة عامين واتسمت بخذلان المواقف العربية.
في هذا السياق، أفاد رئيس مجلس الأمة (البرلمان) مرزوق الغانم، في رسالة وجّهها إلى أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مهنّئاً إياه بالقول إن "الحصول على عضوية مجلس الأمن تمثل انتصاراً سياسياً لبلد طالما آمن بالطريق الدبلوماسي". أما المندوب الدائم للكويت لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي، فاعتبر أن "انضمام دولة الكويت لمجلس الأمن يُعدّ إنجازاً كبيراً للسياسة الخارجية الكويتية. وهو المعني بصيانة السلم والأمن الدوليين، وأن أهميته بالنسبة للكويت لدعمها الدبلوماسية الوقائية وحل النزاعات بالطرق السلمية والمساهمة في المسائل الإنسانية، التي لها انعكاسات على السلم والأمن الدوليين، لا سيما أن كل أزمة تفرز أزمات إنسانية تتمثل في موضوع النازحين داخلياً واللاجئين، وعدم وصول المساعدات والمواد الإنسانية للمحتاجين". وأضاف أن "أولوياتنا خلال العضوية ستتركز في أربعة محاور هي البعد الإنساني ومنع نشوب النزاعات وتحسين أساليب عمل المجلس، بالإضافة إلى الدبلوماسية الوقائية".

والعتيبي بدأ عمله مندوباً دائماً للكويت في الأمم المتحدة منذ عام 2010، وهو من كبار الدبلوماسيين الكويتيين المقيمين في الولايات المتحدة، وسبق له أن عمل في السفارة الكويتية في العاصمة السعودية الرياض، أثناء فترة الغزو العراقي للبلاد عام 1990 ثم انتقل للعمل ملحقاً دبلوماسياً في البعثة الكويتية الدائمة لدى الأمم المتحدة.

وأمام الكويت في مرحلة عضويتها في مجلس الأمن ملفات عدة، خصوصاً القضايا العالقة في الشرق الأوسط، وأبرزها الحرب في سورية وقصف المدنيين من قبل المليشيات الموالية للنظام السوري والجيش الروسي. كما أن أمامها ملف الحرب على الإرهاب في سورية والعراق والتزام الكويت بإعادة إعمار العراق في مؤتمر من المرجّح عقده في الكويت في العام الحالي. كذلك هناك مسألة اللاجئين، والسعي إلى وقف الحرب الدموية في اليمن وإلى وقف المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وإيجاد حل نهائي لأزمة القدس المحتلة التي افتعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عقب اعترافه بالمدينة المقدسية عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها. كما أن أمام الكويت ملف الحوار مع إيران.



ورفعت الكويت شعار "الدبلوماسية الوقائية لحلّ الأزمات في الشرق الأوسط"، خصوصاً في ملف التعامل مع إيران في اليمن وسورية. والكويت، على الرغم من مشاركتها بقوة رمزية في التحالف الدولي للحرب ضد مليشيات الحوثي، هي من أول الدول الداعية للحوار بغية الخروج من وحل الحرب اليمنية. ووصفت الكويت الحرب اليمنية على لسان مسؤوليها في الخارجية بـ"الحرب الدموية"، فيما قال أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح في القمة الخليجية التي عقدت في الكويت في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي إن "الحل السياسي في اليمن يتم بالحوار الجاد عبر المرجعيات الثلاث، المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 2216 ومخرجات الحوار الوطني".

وفي سورية، بدا الموقف الكويتي منصباً حول إبعاد بشار الأسد عن سدة الحكم في البلاد عبر الحل السياسي، والدعوة إلى وقف إطلاق النار وعودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم المدمرة بفعل الحرب. أما في الملف الإيراني، فإن طريقة تعامل الكويت مثلت اختلافاً جذرياً عن طريقة التعامل الأميركي – الخليجي مع هذا الملف، خصوصاً أن مسؤولي الخارجية الكويتية أقرّوا بوجود أخطار إيرانية تهدد المنطقة، وذلك عبر الأذرع الممتدة لها في اليمن وسورية والعراق، التي تمثل هاجساً مقلقاً للكويت وأمنها القومي، لكنهم وفي الوقت نفسه لا يريدون حدوث أي اضطرابات عسكرية ضد إيران قد تؤثر على السلم في المنطقة.

في شقّ القضية الفلسطينية، فإن وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، ذكر في تصريحات صحافية سابقة أن "الكويت ستستغل فترة عضويتها في مجلس الأمن للدفع بالقضية الفلسطينية كأولوية عربية ودولية لها، وستعمل على وقف قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يقضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".

وأبدى مراقبون سياسيون أملهم في أن تكون العضوية الكويتية، التي حصلت بتوافق عربي تام من قبل كافة الأطراف، فرصة لظهور الدبلوماسية العربية من جديد، وتفعيل دور الوساطة التي قامت بها الكويت لحل الأزمة الخليجية التي افتعلتها دول محور السعودية ـ الإمارات، بحصارها دولة قطر، في محاولة منها لفرض سياساتها الخارجية والداخلية عليها.

في هذا الإطار، أبدى الأستاذ في جامعة الكويت حمد القحطاني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أمله في أن "يكون الموقف الكويتي في مجلس الأمن متوافقاً مع الطموحات العربية الساعية إلى التهدئة والسلام، بعكس مواقف مصر التي كانت مخزية في بعض المواضع، خصوصاً في ما يتعلق بالمجازر الدموية التي ارتكبها نظام الأسد في سورية".

وأصبحت مصر في خلال عضويتها في مجلس الأمن التي استمرت لعامين (2016 ـ 2017)، صوتاً خاصاً ضد القضايا العربية والأفريقية، فقامت بالتصويت على القرار الروسي بشأن حلب في عام 2016، مخالفة التوجه العربي ضده. وهو ما سبّب توتراً في العلاقات المصرية ــ السعودية آنذاك. كذلك رفض مندوب مصر لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن آنذاك الدعوة إلى جلسة طارئة لمناقشة قصف المدنيين في حلب.
وفي جانب القضية الفلسطينية قامت مصر بسحب مشروع قرار إدانة الاستيطان رقم 2334 الذي تقدمت به رفقة دول أخرى، وذلك بعد ضغوط إسرائيلية ـ أميركية مورست عليها، ما عرّضها لنقد دولي واسع. كذلك وقفت في وجه السودان عندما طلب المندوب المصري إبقاء العقوبات المفروضة على الخرطوم طبقاً للقرار 1591، الذي يحظر بموجبه بيع الأسلحة للسودان.



المساهمون