انتخابات مجلس الشورى العُماني اليوم... تحديات تكريس التجربة

25 أكتوبر 2015
من انتخابات مجلس الشورى عام 2011 (محمد محجوب/فرانس برس)
+ الخط -
يتوجه آلاف الناخبين العُمانيين، اليوم الأحد، إلى مراكز الاقتراع في السلطنة، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات "مجلس الشورى" في دورته الجديدة، وسط حالة من الوعي الجديد التي تتشكل لدى المجتمع العربي بشكل عام والعُماني خصوصاً، بأهمية إتاحة هامش أكبر للحرية السياسية.

يقرّ مواطن عُماني تحدّث إلى "العربي الجديد"، بـ"بعض حلقات مجلس الشورى التي شهدت مساءلة وزراء بشكل قوي، غيّرت في المشهد السياسي وساهمت في إقناع عدد من المواطنين بجدوى المجلس كسلطة تشريعية بإمكانها إنجاز عمل ما، في مراقبة العمل الحكومي وتقييمه". ويستدرك المواطن نفسه حديثه بالقول إنّه "على الرغم من قدرة مجلس الشورى هذه، فإنّ العديد من الأسئلة تبقى مطروحة حول دور القبيلة التقليدي في التأثير على الانتخابات، وبقاء الفكرة التقليدية عن المجتمعات العربية التي تتعامل بحذر شديد مع المرأة، والعزوف النسبي للشباب عن العمل السياسي، والمشاركة في انتخاب من يرونه معبّراً عن طموحاتهم وهواجسهم".

يلاحظ متابعون لهذه الانتخابات، أنّ هناك امرأة واحدة نجحت في الوصول إلى مجلس الشورى المنتهية ولايته، هي نعمة جميل، على الرغم من تقدّم العشرات إلى الانتخابات الماضية، ما يعكس حالات مماثلة في عديد من الدول العربية الأخرى.

وتتقدّم نعمة جميل مجدداً إلى الانتخابات اليوم، بكثير من الحماس والتفاؤل بالنجاح، وتؤكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "صوت المرأة لا بدّ أن يكون موجوداً في المجلس الجديد"، مشيرة إلى أنّها سعت من خلال الاتصال المباشر مع الشعب، في حملتها الانتخابية، إلى محاولة كسر هذا الحصار الذكوري على الحياة السياسية في العالم العربي، وأنّ المرأة العُمانية جديرة بأن تكون موجودة في هذه الهيئات، وقادرة على التعبير عن جزء مهم من المجتمع الذي لا يجب أن يبقى صامتاً".

من جانبها، قالت المرشحة عن محافظة مصيرة، أميرة الفارسية في تصريح صحافي، إنّ "لدى معظم أفراد المجتمع قناعات بعدم قدرة المرأة على شغل مثل هذه المناصب، لكن هذا لا يعني أن تتخاذل في هذا المجال، بل عليها أن تثبت قدرتها فيه حتى تكسب ثقتها بنفسها أولاً ثم ثقة المجتمع".

يعرب كثيرون ممن تحدّثت إليهم "العربي الجديد" عن أسفهم حيال انتخاب المرأة العُمانية للرجل وليس للمرأة، وأنّ الرجل في غرفة الاقتراع يصوّت للمرأة، معتبرين أنّها "مفارقة غريبة لا بدّ من العمل على تغييرها وتعزيز ثقة المرأة بنفسها وبمثيلاتها، إلّا أنّ ذلك يحتاج إلى الوقت والجهد".

اقرأ أيضاً: عُمان بين فقه المذهب وفقه القبيلة

ويرى مراقبون أنّ عاملَي الجهد والوقت أهم مفاتيح هذه الانتخابات في السلطنة، فالثابت أنّ السلطة تريد الدفع باتجاه التغيير التدريجي، من دون استعجال وبكثير من الهدوء، الذي هو سمة في هذا الجزء الخليجي، مع الأخذ بعين الاعتبار ما حدث في كثير من البلدان العربية التي شهدت هزات وانتفاضات وثورات وانتكاسات.

ويلفت المراقبون أنفسهم إلى أنّ السلطنة شهدت بدورها بعض الاحتجاجات مطلع العام 2011، إبان ولادة الربيع العربي، لكن الشباب الذي بدأ يتنفس الحرية عبر مواقع التواصل الاجتماعية، لا بد أن يعبّر عن نفسه أيضاً من خلال الانتخابات ويذهب إلى صندوق الاقتراع ويساهم في إثراء المشهد السياسي.

ويؤكد هؤلاء أنّ فضاء الحرية في المجلس السابق أو في وسائل الإعلام المختلفة وتزايد نسبة المنتقدين يمكن أن يشكل وضعاً جديداً في العمل السياسي في السلطنة، مبيّنين أنّه يجري أيضاً تقييم ما يحدث في بعض دول الربيع العربي من انتكاسات لعملية الانتقال الديمقراطي، وأن المواطن البسيط يتساءل عن الطريقة الأمثل لتغيير حياته وتطويرها.

ويشدّد المرشح عن محافظة مسقط، الباحث المشرف على مهرجانات وهيئات مدنية كثيرة، الدكتور خالد عبد الرحيم، في حديث لـ"العربي الجديد" على ضرورة وجود المثقف في مجلس الشورى، "لأنّه الأكثر قدرة على التقييم وتقديم معلومات قيّمة". ويؤكد عبد الرحيم أنّه سعى خلال حملته الانتخابية إلى لقاء الناس في الأحياء الشعبية للمحافظة، موضحاً أنّ سلطة القبيلة وإنْ كانت لا تزال مؤثرة، لكنّها تتراجع شيئاً فشيئاً، خصوصاً في محافظة مسقط التي تتداخل فيها قبائل كثيرة، لذلك سعى إلى الاعتماد على فئات الشعب بعيداً عن تأثير العائلة والقبيلة.

وبحسب بعض المعطيات المتوفرة، فإنّ نسبة القبائل في بعض المحافظات تصل إلى حوالي 80 في المائة، ما يعني أنها تتحكم في كل تفاصيلها، وتؤثر بالتالي على الانتخابات بشكل جوهري. ويلفت عبد الرحيم إلى أنّه لا بد من تقدم الشباب المتعلم والمثقف وأساتذة الجامعة إلى هذه الانتخابات، "لأنّه سيقدم صورة إيجابية عن مجلس الشورى"، معتبراً أنّه في حال نجح أصحاب المستويات التعليمية المحدودة في الوصول إلى المجلس، سيؤثر ذلك على الانطباع العام لهذه السلطة عند المواطن العُماني وعند الشباب خصوصاً.

ويقرأ مراقبون من خلال الحملات الانتخابية لبعض الشباب المرشحين، التي تدعو في شعاراتها إلى "رعاية الشباب وتمكينه مهنياً واجتماعياً وفكرياً من خلال إشراكهم في صنع القرار"، أو تصريح رئيس مجلس الشورى السابق، خالط المعولي، أنّ "الشورى تتطلب ترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون وتوجيه السياسات الاقتصادية والاجتماعية"، التغيير الحاصل في السلطنة. وتشهد الحملات الانتخابية أيضاً تصريحات صحافية منتقدة لأداء مجلس الشورى المنتهية ولايته، ما يرفع من الرهانات على هذا المجلس الجديد، ويعكس هذه الرغبة العُمانية في التغيير.

وحول تمويل الحملات الانتخابية، يؤكد عبد الرحيم أنّ "الدولة لا تموّل الحملات الانتخابية، وهو ما يمكن أن يحدّ من استعداد بعض الراغبين للترشح، الذين يعانون من أزمة مالية. ولإضفاء حالة من الشفافية على هذه الانتخابات، دعت وزارة الاعلام العُمانية عدداً كبيراً من وسائل الإعلام الأجنبية لمتابعتها، ما يعكس رغبة حقيقية في إنجاز انتخابات حرة وشفافة، وحملة إعلامية كبيرة تدعو المواطن العُماني إلى ممارسة حقه في الاقتراع.

اقرأ أيضاً: دعم حكومي لريادة الأعمال في عمان

دلالات
المساهمون