تداعيات انتخابات الكونغرس على ترامب: مساعي العزل لم تنتهِ

07 نوفمبر 2018
ترامب الخاسر الأكبر من نتائج الانتخابات (أوليفر كونتريراس/Getty)
+ الخط -
انتهت انتخابات الكونغرس الأميركي بفوز الحزب الديمقراطي بالأكثرية في مجلس النواب، مثلما كان متوقعاً. تطوّر كبير ومتواضع في آن. كبير لأنّه يقيّد رئاسة دونالد ترامب، ومتواضع لأنّ الحزب الجمهوري احتفظ بالأغلبية، وزادها في مجلس الشيوخ، كما في مناصب حكام الولايات.

المشترك بينهما أنّ الفوز في الخندقين جاء بشقّ الأنفاس، لترسو المعركة على المعادلة التالية: الحزب الجمهوري ومعه البيت الأبيض خسر نصف القرار في الكونغرس، والحزب الديمقراطي صارت أقليته أقل في مجلس الشيوخ.

لكن الخاسر الأكبر كان الرئيس ترامب. فهو لم يقو على ردّ الهزيمة عن الحزب الجمهوري في مجلس النواب، بالرغم من حالة الانتعاش الاقتصادي الباهر الذي تعيشه أميركا في عهده، وبالرغم من نزوله شخصياً إلى ساحة الحملة الانتخابية في 34 مهرجاناً انتخابياً، ركّز فيها على التخويف من الآخر، و"قوافله" القادمة عبر المكسيك "لغزو" أميركا.

لكن كل التحريض والتأليب ضد المهاجرين واللاجئين لم ينفع، بل ارتد سلباً على الجمهوريين، خاصة في صفوف المستقلين.

وبهذا كانت الانتخابات – الاستفتاء، أشبه بمحاكمة سياسية لنهج الرئيس ترامب وخطابه وأدائه. والأخطر بالنسبة إليه أنّ انتقال القرار في مجلس النواب إلى الديمقراطيين يأتي عشية صدور تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، والذي يتولّى التحقيق في التدخل الروسي المحتمل بالانتخابات الرئاسية 2016.

فمجلس النواب هو الجهة المقررة في هذا الخصوص، خاصة لناحية ما إذا أورد تقرير مولر ما يبرّر المباشرة في عملية "عزل الرئيس". كما تعود للمجلس الصلاحية في إعادة فتح ملفات التحقيق، واستدعاء الشهود، واستحضار الوثائق المتعلقة بكافة الشكاوى والشبهات المالية وغيرها، التي أُثيرت ضد الرئيس.

بعض أقطاب الديمقراطيين في مجلس النواب، سارع حتى قبل إعلان فوز حزبه، إلى الإعراب عن عزمه مسبقاً على مطالبة مصلحة الضرائب بالكشف عن البيانات الضريبية لشركات ترامب وأعمالها السابقة، والتي تسلّط الأضواء على علاقاته المالية والمصرفية الدولية.

تلويح يؤشر إلى زيادة اضطراب العلاقة بين الرئيس وخصومه. وبحسب الخبير ستيف شميدت، "لن يتغير شيء (على صعيد الانقسام السياسي)، والقادم لا يحمل سوى المزيد من الفوضى".

يبدو الحزب الديمقراطي، اليوم، عازماً على تصفية الحساب، وترامب على عادته سيرفع من وتيرة هجومه كأفضل وسيلة للدفاع. التعاون مستبعد بالرغم من التمنيات التي ترددت للاستهلاك ليس إلا.

سياسة الإقصاء والحملة الانتخابية وما سبقها (الطرود المشبوهة، وقضية القاضي بريت كافانو، واعتداء كنيس بيتسبرغ) وسّعت الهوّة. ثم إنّ كلا الطرفين يستعد لما قد تأتي به التحقيقات الروسية، والتي ربما استبقها ترامب بقرارات وإقالات متوقعة في إدارته، وقد يستعجلها لتغيير الحديث وإشغال الساحة بالتعيينات الجديدة المرتقبة في حقيبتي العدل والدفاع.


الأهمية الأخرى لفوز الحزب الديمقراطي أنّه انتقص من التفويض الذي ناله ترامب في 2016، والذي كان يمكنه الاستقواء به لمواجهة التحقيقات، كما لفتح معركة تجديد رئاسته في الصيف المقبل. فالآن تغيّرت قواعد اللعبة. صار عليه القيام بالمواجهة على أكثر من جبهة، وبما يزيد من الإرباك لإدارته.

وثمة احتمال آخر قد يفاقم من صعوبات ترامب، وهو أن يبدأ بعض الجمهوريين في الابتعاد عنه، من باب أنّ الانتخابات كشفت عن ضعفه، وأنّه من الأضمن التحضير لانتخابات 2020 بمعزل عنه.

يعزّز هذا السيناريو أنّ عدداً من الطامحين من هؤلاء بالرئاسة، مثل حاكم ولاية أوهايو جون كاسيك، يمهّد من خلال تحركاته وانتقاداته لترامب، لمنافسة هذا الأخير في معركة الترشيح الحزبي للرئاسة.

ما لا جدال فيه أنّ لهذه الانتخابات تداعيات هامة، وأنّها وضعت ترامب أمام تحديات إضافية وربما نوعية بالنسبة لخياراته ومصيره.

المساهمون