وثيقة لجنة استخبارات الكونغرس تفشل في الإطاحة بفريق التحقيقات الروسية

03 فبراير 2018
الوثيقة ورّطت الجمهوريين أكثر (Getty)
+ الخط -

قبل نشر وثيقة لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، جرى تصويرها بأنها "قنبلة" ستنفجر بالفريق القانوني الذي يضطلع بالتحقيقات الروسية وبما يؤدي إلى نسف صدقيته. لكن بعد نشرها اليوم، تبين أنها ليست أكثر من رصاصة مطاط غير قادرة على تحقيق هذا الغرض. وبذلك بقيت التحقيقات في مسارها، والضجة حول "الوثيقة المخجلة ستنتهي خلال 24 ساعة"، على حد تعبير مايك مورفي، أحد كبار المخططين الجمهوريين.

الغرض من هذه الخطوة، التي أشرف عتاة المتشددين الجمهوريين في اللجنة على هندستها، كان وصم مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" بالتحيز المتعمد في حبك حيثيات التنصت على كارتر باج، أحد معاوني الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في حملته الانتخابية. تهمة لو ثبتت لأثارت الشكوك حول استقامة مشروع التحقيقات برمته، وسددت ضربة قاسية لخصوم الرئيس. وربما كان يمكنها أن تعطل خطة المحقق الخاص، روبرت مولر، لاستجواب الرئيس قريباً في هذه القضية.


لكن التهمة بدت باهتة؛ فكارتر باج مراقب منذ 2013 من قبل "إف بي آي"، قبل مباشرة التحقيقات، للاشتباه بعلاقته مع موسكو. ثم إن التحقيقات لم تنطلق بالاستناد إلى معلومات التنصت على باج، بل إلى ما كشفه جورج بابادوبولوس، أحد مستشاري ترامب آنذاك، من أن "لدى الروس معلومات مؤذية عن هيلاري كلينتون"، قد تكون مفيدة لحملة ترامب. وبذلك خابت المحاولة وانقلبت تهمة التحيز إلى انحياز مكشوف من قبل الجمهوريين المتشددين لحماية الرئيس، كما يقول خصومهم الديمقراطيون في الكونغرس. وإذا كانت الأمور بنتائجها، فإن الوثيقة فشلت في تحقيق غايتها. فهي لن تقوى على فرملة مهمة مولر، ولا على زعزعة وضع نائب وزير العدل، رود روزنشتاين، المشرف على مولر، بما يبرر للرئيس إقالته والمجيء بنائب بديل يتخلص من المحقق.

المحاولة ورطت الجمهوريين أكثر، وربما زادت من الانقسامات في صفوفهم. قسم منهم، خاصة في مجلس الشيوخ، سارع إلى التنصل من الوثيقة والتشديد على ضرورة استمرار مولر في تأدية مهمته حتى النهاية. كما أربكت البيت الأبيض، الذي كان قد راهن عليها حين وافق على نشرها، رغم انها تحتوي على "معلومات سرية"، مثل التنصت على كارتر باج المتهم بالتعامل مع موسكو.

لكن خندق ترامب السياسي والإعلامي، واصل حملته تحت عنوان أن الجهات الأمنية والعدلية "تواطأت ضد ترامب" ولا تزال. ويتوقع المراقبون استمرار هذه الحملة وصدور المزيد من الوثائق المشابهة. فالمعركة بين الفريقين صارت مسألة وجود وإلغاء سياسي، مع زحف التحقيقات نحو البيت الأبيض، والاقتراب من أمور وربما مستمسكات حساسة، وبالتحدديد المالية منها، كما يتسرب. وهذه تشكل خطاً أحمر، كما يرى الرئيس.

الاستعجال في نشر الوثيقة رغم التحذيرات الأمنية، يشير إلى أن التحقيقات باتت على وشك الوصول إلى محطة فاصلة أمامها اتجاهان: إما التسليم بحتمية بلوغ التحقيقات خواتيمها مع ما قد تنطوي عليه من تداعيات قد تطاول البيت الأبيض؛ وإما لجوء الرئيس في آخر المطاف إلى "الكيّ" كآخر علاج، بإقالة نائب وزير العدل، وتعيين آخر يقوم بعزل مولر، تماماً كما فعل نيكسون.



غير أن الخيار الأول لا يتقبله الجمهوريون المسيطرون على الكونغرس؛ فالإطاحة برئيس جمهوري ثان بفضيحة في أقل من خمسين سنة، مسألة مؤذية سياسيًا وغير مقبولة. وفي ذلك بذور أزمة سياسية طاحنة لو جاءت نتائج التحقيق ضد الرئيس ورفض مجلس النواب التحرك. أما الخيار الثاني فمحكوم بتفجير أزمة دستورية لو لجأ الرئيس إلى سلاح الإقالة. ومن هنا التخوفات بأن واشنطن قادمة على "خضة" قد تكون مزلزلة.