ترامب والهاجس العسكري في فريق الأمن القومي

24 فبراير 2017
ترامب وماكماستر أثناء لقائهما منذ أيام (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -

خلال الشهر الأول من رئاسته، استبدل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثلاثة جنرالات لشغل منصب مستشاره لشؤون الأمن القومي. كان الأول مايكل فلين، الذي اضطر ترامب للتخلي عنه بعد ثلاثة أسابيع، على خلفية إجرائه اتصالات مع أطراف روسية. والثاني هو كيث كيللوغ الذي بقي لأيام بالوكالة، قبل تعيين الجنرال الثالث هربرت ماكماستر، الذي ما زال في الخدمة العسكرية، وقد عيّنه ترامب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلّحة. وسبق للجنرالات الثلاثة أن قاتلوا سابقاً في العراق.

كان واضحاً منذ البداية أن تركيز الرئيس كان على العسكريين لملء هذه الوظيفة الحساسة في البيت الأبيض، مع أنها مدنية، وشغلها سابقاً عسكريون متقاعدون، عدا الجنرال كولن باول، الذي تولّاها لمدة سنتين وهو في الخدمة. وكسب هؤلاء منصبهم على أساس الكفاءة، لا لأنهم ارتدوا البذلة الحربية. ومن بين 25 مستشاراً تولّوا هذا المنصب منذ عام 1953، كان هناك خمسة عسكريين فقط ولفترات قصيرة.

ترامب كسر القاعدة. لم يبحث أصلاً عن مدني لهذا الدور. الأمن القومي في مفهومه مرتبط بالقوة ورموزها، أكثر من ارتباطه بالسياسة. والجنرالات الذين وقع عليهم اختياره يشاركونه نظرته العامة، تحديداً ماكماستر، الذي يعتبر أن "مفتاح الأمن القومي يكمن في التفوّق العسكري"، إذ إنه ينتمي لفريق المطالبين بقوة عسكرية أكبر وأفضل على صعيد التجهيز والتسليح، لمواجهة التهديدات المتزايدة. تماماً كما يطالب ترامب، علماً بأن موازنة وزارة الدفاع (البنتاغون) بلغت هذا العام 583 مليار دولار، لتتفوق على الموازنات العسكرية للدول الصناعية مجتمعة.

ويؤدي مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، عادة، دور مصفاة المعلومات والقراءات والمقترحات التي تتوالى على البيت الأبيض، من وزارتي الخارجية والداخلية ووكالة الاستخبارات المركزية، لرفع خلاصاتها إلى الرئيس، الذي يستعين بها في مداولات مجلس الأمن القومي بغية صياغة السياسات والقرارات الخارجية. وبحكم هذا الموقع، يترك المستشار بصماته سلباً أو إيجاباً، على ما يقدمه إلى الرئيس من خلاصات وتوجيهات. كما كانت حالة هنري كيسنجر، وإلى حدّ ما زبيغنيو بريجنسكي.



القناعة الآن بالنسبة لترامب هي أنه "لا بدّ من تمكين الجانب العسكري للتوكيد على أهمية خبراته العملياتية والاستراتيجية وتبليغها لصناع السياسات". وماكماستر هنا لا يشذّ عن القاعدة ولو أنه أكثر اتزاناً من سلفه الجنرال فلين، وعلى نقيضه تجاه الإسلام والمسلمين. لكن وجود رئيس "يتساهل مع خيار القوة من دون التوقف عند العواقب"، من شأنه أن يشجع النزوع نحو العسكريتاريا. ويساعد بل يحرض على ذلك، حضور ستيفن بانون المعروف بنزعته الصدامية، في مجلس الأمن القومي. وقد حرص الرئيس على تمييزه بمنحه مقعداً دائماً في المجلس على حساب رئيس هيئة الأركان، خلافاً لما جرت عليه العادة. كما أن بانون يتمتع بميزة الدخول إلى الاجتماعات من دون استخدام الشيفرة السرية الضرورية في هذه الحالة.

ومع أن اختيار ماكماستر بارتياح واسع، لكن ذلك لا يطمئن حتى الذين أشادوا به. التعويل على الجنرالات بهذه الوتيرة يثير التساؤل حول كوامن تفكير ترامب. مع العلم بأن معظمهم، تحديداً وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس، نالوا الكثير من الثناء على اعتبار أن ذلك يعتبر بمثابة "عامل توازن" في إدارة أمضت شهرها الأول في الحكم في حالة غير مسبوقة من الفوضى والاضطراب، الذي بلغ ذروته في إقالة الجنرال فلين.

المساهمون