ظهرت بوادر أزمة جديدة بين المغرب والإمارات وسط صمت رسمي، بعد استدعاء الرباط الأسبوع الماضي السفير المغربي لدى الإمارات، محمد آيت واعلي، وقنصلي المغرب بدبي وأبوظبي.
وأكدت مصادر سياسية مغربية لـ"العربي الجديد" استدعاء المغرب سفيره من العاصمة الإماراتية أبوظبي، في إجراء هو الثاني في أقل من عامين، مشيرةً إلى أن الإجراءات المغربية شملت كذلك تخفيض الحضور الدبلوماسي باستدعاء قنصل المملكة في دبي.
وفيما لم تؤكد أو تنفي مصادر في الخارجية المغربية تحدث إليها "العربي الجديد" خبر استدعاء السفير المغربي، قالت مصادر أخرى إن الإجراءات المغربية الجديدة شملت كذلك تخفيض الحضور الإداري من الموظفين، في سفارة المغرب في أبوظبي، وفي قنصلية المغرب بدبي.
وتأتي هذه الخطوات المغربية، وسط استمرار غياب سفير الإمارات، في العاصمة المغربية الرباط، منذ أكثر من سنة، فيما كان العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد زار في يناير/كانون الثاني الماضي، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، في مقر إقامة الأخير في الرباط.
ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية في 5 يونيو/حزيران 2017 التي اتخذ فيها المغرب موقفًا محايدًا، تمر العلاقات المغربية الإماراتية بحالة توتر بين مد وجزر، كان آخر فصولها مغادرة السفير الإماراتي، علي سالم الكعبي المغرب في إبريل/نيسان 2019، بناء على "طلب سيادي عاجل".
وكان المغرب قد اتخذ موقف "الحياد البناء" بين الأطراف، بعد إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها لقطر.
وقال حينها إنه "لا يمكن أن يضعها في خانة الملاحظة السلبية لمنزلق مقلق بين دول شقيقة"، مؤكداً استعداده "لبذل مساع حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل بين أطراف النزاع، إذا أبدت الأطراف الرغبة في ذلك".
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، خالد الشيات، أن أزمة العلاقات بين المغرب والإمارات تكاد تصبح أصلا.
وأضاف الشيات لـ"العربي الجديد": "في الوقت الذي كنا نتحدث فيه سابقاً عن علاقات جد متينة ومستويات متقدمة من التعاون وتكامل الرؤى والتصويت المشترك في الأمم المتحدة، وأن الخلاف ظرفي، بدا لافتاً في السنتين الأخيرتين على الأقل، أن تلك الأزمة أصبحت مسترسلة وأن مستوى التواصل والتكامل والتعاون بينهما أصبح مسألة استثنائية، لاسيما منذ الحديث عن استدعاء الإمارات لسفيرها بالرباط في إبريل/نيسان الماضي بناء على طلب سيادي".
ويرى الشيات أن اختلاف خيارات الدولة وحرية المغرب في اختياراته الاستراتيجية فيما يتعلق بقضايا إقليمية تهم الإمارات كاليمن وسورية وقضايا أخرى إقليمية أو القضية الفلسطينية، مع التصورات الاستراتيجية للإمارات لا يمكن أن يعكس مستوى متقدماً من الخلاف على المستوى الدبلوماسي إلى درجة استدعاء سفير أو عدم وجود تمثيلية دبلوماسية بين البلدين.
وبحسب أستاذ العلاقات الدولية، فإنه في ظل حديث عن شكل من أشكال التدخل المباشر أو غير المباشر في بعض الشؤون الداخلية المغربية، وهو أمر وإن كان لا يمكن تأكيده أو نفيه، إلا أن مسار الأزمة بين الرباط وأبوظبي، قد يشير إلى إمكانية وجود "أشكال من التدخل الإماراتي تزعج المغرب في كل مرة من طريقتها وحجمها، وتجعلها عاملاً من عوامل تأجيج العلاقات وعدم استقرارها".
وكان لافتاً، الشهر الماضي، استثناء وفد مغربي رفيع المستوى بقيادة المستشار الملكي، فؤاد عالي الهمة، الإمارات من جولة خليجية شملت السعودية وقطر، حيث سلم رسائل من العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.