ترامب يدين نفسه ويزخّم الدعوة لمحاكمته في الكونغرس

13 يونيو 2019
الرئيس يتصرف على أساس أن ما يقوله هو القانون(Getty)
+ الخط -
سواء بخفة أو بعدم دراية، تبرّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، بشهادة ضد نفسه من شأنها أن تعطي المزيد من الذخيرة لخصومه المطالبين بمحاكمته في الكونغرس.

في مقابلة متلفزة، دافع الرئيس الأميركي عن قبول أي مساعدة معلوماتية من طرف أجنبي إذا كانت مؤذية لخصمه الانتخابي. استعانة يحظرها القانون بصورة صريحة لا لبس فيها. وهي كانت في صلب التحقيقات في موضوع التدخل الروسي في انتخابات 2016، والتي لم تنته فصولها بعد ولا تهديداتها لرئاسته. ومع ذلك لم يتردد في تسويغها، الأمر الذي لم يفاجئ المراقبين المعتادين على "شطحاته" بقدر ما عزز موقف الديمقراطيين وأحرج مؤيديه الجمهوريين، خاصة في الكونغرس وحتى في الإدارة.

وزير العدل وليام بار، سبق أن لفت قبل أسابيع قليلة خلال مثوله أمام إحدى لجان الكونغرس، إلى عدم جواز قبول مثل هذا العون من جهة أجنبية وضرورة إبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي إف بي أي بالأمر فور تلقي العرض. وكذلك فعل مدير هذا المكتب كريستوفر راي.

لكن ترامب تجاهل هذه التحذيرات وبدا تبريره وكأنه اعتراف متأخر بمساعدة من هذا النوع تلقاها من الروس، بل أيضاً "إشارة إلى موسكو" لقبول مساعدتها مرة أخرى في الانتخابات القادمة، كما قال ريتشارد ستنجل، معاون وزير الخارجية السابق.

وزاد من وقع تصريح الرئيس الأميركي المتضارب مع القانون، أنه حصل في اليوم نفسه الذي كان فيه ابنه دونالد جونيور يدلي بإفادته في جلسة مغلقة أمام اللجنة العدلية في مجلس النواب حول موضوع التعاون مع الروس في الانتخابات الماضية. والمعروف أن دونالد جونيور كان قد اجتمع في نيويورك أثناء الحملة الانتخابية بمحامية روسية قيل إن لها علاقة مع الكرملين للتباحث حول ما لدى الروس من معلومات مؤذية ضد هيلاري كلينتون، منافسة ترامب آنذاك.

ترافق مع ذلك إعلان مديرة قسم الاتصالات السابقة في البيت الأبيض هوب هيكس، عن عزمها على الإدلاء بإفادتها الأسبوع القادم أمام اللجنة العدلية في مجلس النواب، حول موضوع التحقيقات. وهي كانت من مجموعة الحلقة الضيقة الأكثر قرباً من الرئيس خلال عملها في إدارته والذي استمر حتى مارس/ آذار 2018. والمفترض أن يكون لديها مخزون وافر من المعلومات المتعلقة بهذا الملف لو أرادت البوح به. ولهذا كانت هيكس من بين المسؤولين السابقين الذين طالبهم الرئيس بالامتناع عن تقديم أي معلومات متصلة بعملهم السابق للكونغرس.

خروجها عن هذه التعليمات وفي هذه اللحظة بالذات، يشكل إضافة قد تكون دسمة للتحقيقات التي يجريها الديمقراطيون في مجلس النواب الذين يبدو أنهم قد أمسكوا بالمبادرة في هذا المجال. فهم، أي الديمقراطيين، يخوضون مواجهة قانونية مع وزراء العدل والمالية والتجارة لإجبارهم على إعطاء إفاداتهم في قضية التحقيقات ومشتقاتها أمام لجانه المختصة، وذلك بعدما رفضوا تنفيذ الاستدعاءات للمثول أمامها أو لتزويدها بالوثائق الموجودة بحوزتهم ومنها تقرير روبرت مولر بنصه الكامل. كما يمارسون الضغط على المحقق مولر المتردد لتقديم شهادته في جلسة متلفزة يشاهدها الرأي العام.


حتى الآن ما زال الحزب الديمقراطي منقسما حول المحاكمة. قيادته متحفطة ومتخوفة من العواقب السياسية. جناحه "التقدمي" يدفع بقوة نحو هذا الخيار. يؤازره في ذلك تيار متزايد من المسؤولين السابقين السياسيين والأمنيين ورجال القانون والأكاديميين، من بينهم لورانس ترايب، أستاذ القانون الدستوري في جامعة هارفاد.

خطأ الرئيس اليوم أعطى هذا التوجه شحنة زخم كبيرة، خاصة إذا تعززت هذه الأجواء بمعلومات جديدة تكشف عنها التحقيقات الجارية في مجلس النواب، والذي يكاد حديثه يحتكر المداولات ويطغى على المشهد السياسي في واشنطن. والمزيد منها على الطريق. فالمواجهة كاسرة ولا يبدو التراجع فيها واردا. الرئيس يتصرف على أساس أن ما يقوله هو القانون وخصومه يرون أن ما يقوله هو ضد القانون. الصراع دخل في طور الحسم وما زال في بداياته.