محرقة الغوطة تتّسع... وتركيا تستكمل نقاط مراقبة إدلب قريباً

08 فبراير 2018
غارات لطيران النظام على إدلب (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -
بينما واصلت طائرات النظام السوري الحربية حملة قصفها المكثّف في الغوطة الشرقية لدمشق، والتي قتلت خلال ثلاثة أيام أكثر من مائة مدني، بينهم 26 أمس الأربعاء، فإن الغارات الروسية في إدلب شمال غرب البلاد، لم تتوقّف خلال يوم أمس، وإن بدت أقلّ عنفاً من الأيام الثلاثة التي سبقتها، بالتزامن مع هدوءٍ نسبي في جبهات القتال بين النظام من جهة، وفصائل غرفة عمليات "دحر الغزاة" من جهة أخرى، شرق سراقب وغربي أبو الظهور، في وقت سجّل دخول مزيدٍ من الأرتال العسكرية التركية لمحافظة إدلب، ووصولها أمس إلى سراقب، بهدف إنشاء نقاط المراقبة التي نصّت عليها اتفاقيات "أستانة".

وقال ناشطون في الغوطة الشرقية، لـ"العربي الجديد"، ظهر أمس، إن الهجمات الجوية التي استهدفت مختلف قرى وبلدات الغوطة قبل الظهر، تجاوزت الثلاثين غارة، وأسقطت أكثر من 26 قتيلاً على الأقل، في بلدات ومدن حمورية، بيت سوى، عربين، دوما وزملكا.

وأكد الناشط، فراس الدوماني، وهو من المكتب الإعلامي لـ"الدفاع المدني في ريف دمشق"، أن حصيلة الضحايا مرشحة للارتفاع، فـ"الغارات الكثيفة مستمرة، والطيران الحربي مع طيران الاستطلاع ما زال يحلّق في سماء الغوطة حتى الآن"، مشيراً إلى أن "الدفاع المدني"، وثّق حتى ظهر الأربعاء "مقتل عشرة مدنيين في غاراتٍ استهدفت بيت سوى وحدها، وهم أربعة أطفال وستة رجال". وأضاف الدوماني أن "الغارات قتلت صباحاً سبعة مدنيين في بلدة حمورية، وخمسة آخرين قتلوا في دوما، إضافة لعشرات الإصابات التي تم نقلها إلى المستشفيات والنقاط الطبية"، موضحاً أن "سيارات الإسعاف المتوافرة لم تتوقّف عن الحركة بين البلدات التي تتعرض للقصف".

وتأتي هذه المجازر في الغوطة الشرقية، بعد يومٍ شهد مقتل عشرات المدنيين الذين وصل عددهم إلى ثمانين، في سلسلة غاراتٍ عنيفة للطيران، ضربت دوما، حمورية، عربين، بيت سوى، زملكا، حرستا، حزة، كفر بطنا، وغيرها؛ في الوقت الذي قال فيه الدفاع المدني في الغوطة، إن حصيلة الضحايا ارتفعت مع مساء الثلاثاء، لتبلغ تسعة وسبعين قتيلاً، ونحو خمسمائة جريح بين نساء وأطفال ورجال.

وكانت السفارة الروسية في دمشق أعلنت، الثلاثاء، استهداف مبناها في حي المزرعة بقذائف هاون، قائلة إن ذلك لم يخلّف إلا أضراراً مادية، متهمةً الفصائل العسكرية في الغوطة الشرقية بالهجوم.

وفي هذا السياق، قتل ثلاثة مدنيين، الثلاثاء، بسقوط قذيفة هاون في حي باب توما المتاخم لحي جوبر شرقي دمشق، فيما أحصى ناشطون سقوط نحو 25 قذيفة أخرى في أحياءٍ عدّة في العاصمة السورية.

وأمس الأربعاء، كان اليوم الثالث للتصعيد العنيف لغارات طيران النظام السوري، في الغوطة الشرقية، والمتزامن مع تصعيدٍ مماثل لغارات الطيران الروسي في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، أوقع بدوره عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، فضلاً عن تدميره لمستشفياتٍ ونقاطٍ طبية وبنى تحتية.


ووفق ما رصدته "العربي الجديد"، فإن الطائرات الحربية الروسية واصلت منذ فجر الأربعاء، شنّ غاراتها على مناطق واسعة من شرقي إدلب وريفها الجنوبي. غير أنّ الناشط الإعلامي، عامر السيد علي، قال إن "الغارات بدت أقلّ كثافة مما كانت عليه خلال الأيام الثلاثة الأولى التي تلت إسقاط طائرة سو-25 الروسية في إدلب بصاروخٍ مضادٍ للطائرات".

وأوضح أحد شهود العيان في إدلب، ويدعى علي، لـ"العربي الجديد"، أنّ الغارات الروسية استهدفت منذ صباح أمس، مناطق "كفرنبل، خان السبل، معرزيتا، التمانعة، وترملا جنوب المحافظة"، مؤكداً "مقتل مدنيين اثنين بغارةٍ قرب مدينة سراقب شرق إدلب". ويبدو الهدوء النسبي للغارات الروسية في محافظة إدلب قياساً بالأيام السابقة، متزامناً مع دخول رتلٍ عسكري تركي، أمس، إلى المحافظة، حيث جالت قواته، بحسب مصادر "العربي الجديد"، في قرى قريبة من أوتوستراد حلب-دمشق الدولي، في مهمة يُعتقد أنها "استطلاعية"، إذ غادر الرتل بعد مروره بمدينة سراقب. كما ذكرت مصادر ميدانية أن الرتل العسكري التركي، قام قبل ذلك بجولة استطلاعية داخل مطار تفتناز العسكري شمال شرق إدلب، تمهيداً لإقامة نقطة مراقبة هناك، مشيرة إلى أنّ القوات التركية "تعتزم إنشاء قاعدة جوية في مطار تفتناز للطائرات المروحية فقط، وستكون عبارة عن غرفة عمليات مركزية لإدارة جميع نقاط المراقبة في أرياف حلب وإدلب والساحل وريف حماة".

ورجّحت المصادر أن تنهي القوات التركية انتشارها في جميع النقاط المُتفق عليها ضمن المنطقة الثالثة، والبالغ عددها 12 نقطة في إدلب وأرياف حلب وحماة والساحل، خلال الفترة القليلة المقبلة. وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، ذكر قبل ثلاثة أيام، أن بلاده تعمل على استكمال إقامة 12 مركز مراقبة تمّ الاتفاق عليها ضمن اتفاقيات "خفض التصعيد" في العاصمة الكازاخستانية أستانة، بعد تجاوز "خلافات" و"سوء اتصال" حول العملية في الفترة الماضية و"أعتقد أننا تجاوزنا ذلك الآن". وتلا حديثه هذا دخول رتلٍ عسكري تركي للتمركز في تلة العيس بريف حلب الجنوبي، بعد تعثّر ذلك الأسبوع الماضي، إثر تفجيرٍ استهدف رتلاً مماثلاً، دفعه للانسحاب من العيس، التي هي تلة حاكمة تقع وسط منطقة تماس بين مناطق سيطرة المعارضة السورية، وبلدة الحاضر التي تعتبر مركزاً رئيسياً للمليشيات الإيرانية جنوبي حلب.

وتتزامن كل هذه الوقائع، مع اشتباكاتٍ بين قوات النظام التي كانت تتقدّم من أبو الظهور شرقي إدلب، مع فصائل غرفة عمليات "دحر الغزاة"، التي استعادت خلال الأيام القليلة الماضية، قرى عدة شرقي سراقب، وباتت منطقة تل السلطان هي الخط الفاصل بين الجهتين. وأعلنت فصائل غرفة عمليات "دحر الغزاة"، أمس، استعادتها السيطرة على قرى كانت خضعت لقوات النظام قبل أيام، غربي مطار أبو الظهور العسكري، وهي طويل، البنديرة والكتيبة المهجورة، فيما قالت إن المعارك مستمرةٌ لإبعاد قوات النظام من المناطق التي دخلتها في الأسبوعين الماضيين.

وتضم غرفة العمليات هذه، 11 فصيلاً عسكرياً من المعارضة السورية، أبرزها: "حركة أحرار الشام"، "فيلق الشام"، "جيش الأحرار"، "جيش العزة"، "جيش النصر"، "جيش إدلب الحر" و"حركة نور الدين زنكي".

من جهتها، قالت وكالة "إباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، إن أحد مقاتلي الهيئة فجّر، صباح أمس، سيارة مفخخة بقوات النظام على محور أبو الظهور شرقي تلّ السلطان، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من هذه القوات.

وكانت مصادر عسكرية في قوات النظام ذكرت خلال الأيام القليلة الماضية، أنها أوقفت عملياتها العسكرية شرقي إدلب، عند النقاط التي وصلت إليها، بعد دخولها فعلياً لما بات يعرف بالمنطقة "ب" الواقعة بحسب خرائط "أستانة" غير الرسمية، غرب سكة القطار حلب-دمشق، وشرق الأوتوستراد الدولي حلب-دمشق.

وبحسب خرائط أستانة غير الرسمية، والتي تم تسريبها لوسائل إعلام قبل أشهر، فإن محافظة إدلب تم تقسيمها إلى ثلاث مناطق، الأولى شرق سكة قطار حلب-دمشق، والثانية غرب السكة حتى أوتوستراد حلب–دمشق الدولي، والثالثة غرب هذا الأوتوستراد، على أن تكون الأولى تحت الحماية الروسية، وقد سيطرت عليها قوات النظام فعلاً بغطاء جوي روسي، والثانية ستكون منزوعة السلاح الثقيل، وتدار من قوى محلية (مجالس محلية وشرطة تتبع للمعارضة)، والثالثة توكل إلى تركيا لحمايتها وتنظيم شؤون إدارتها.