اجتماع الخماسية في لندن: محاولة لإحياء المسار السياسي باليمن

28 نوفمبر 2017
جمود امتد لأشهر في مسار المفاوضات اليمنية (محمد حمود/Getty)
+ الخط -
بعد جمودٍ امتد لأشهر، تحولت معه الجهود الدولية إلى هامش الملفات اليمنية، عادت وتيرة التحركات الدولية الرامية لإحياء مسار المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، في ظل اهتمام بريطاني ملحوظ بدفع الجهود السياسية إلى الأمام، إذ استضافت لندن، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً للجنة الخماسية، جمع كلاً من وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، ونظيره السعودي، عادل الجبير، والإماراتي، عبدالله بن زايد، والعُماني، يوسف بن علوي، فيما أوفدت واشنطن وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، توماس شانون، إضافة إلى حضور المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.


وأعلنت لندن، في بيان صادر عن خارجيتها، اليوم، أن الاجتماع "يعتبر جزءًا من العملية الأساسية متعددة الأطراف التي تسعى للتوصل لحل سياسي طويل الأمد للصراع في اليمن".

وأكدت مصادر يمنية قريبة من الحكومة الشرعية، لـ"العربي الجديد"، أن الاجتماع جاء بترتيب من لندن، التي رفعت من وتيرة اهتمامها بالأزمة اليمنية في الأشهر الأخيرة، فيما تعد المرة الأولى تقريباً التي تعقد فيها اللجنة اجتماعاً بغياب وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، والذي أرسل موفداً إلى اللجنة التي تعتبر المقرر للمقترحات الدولية التي يحملها المبعوث الأممي إلى الأطراف اليمنية، منذ تأسيس المجموعة منتصف العام 2016، حين عُرفت بـ"اللجنة الرباعية"، قبل أن تتحول إلى "الخماسية"، بانضمام سلطنة عُمان.

وأعرب وزير الخارجية البريطاني، جونسون، قبيل الاجتماع، عن ترحيب بلاده بإعادة فتح ميناءي الحديدة والصليف، واستئناف رحلات الأمم المتحدة إلى مطار صنعاء، من قبل التحالف. وقال إن بلاده "ستواصل الضغوط لأجل استئناف السماح بدخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية إلى كافة الموانئ بهدف الحيلولة دون زيادة تدهور الأوضاع الإنسانية الصعبة أصلاً"، بالإضافة إلى المضي بـ"الجهود الدبلوماسية بقيادة الأمم المتحدة، إلى جانب مراجعة الوضع الأمني على الأرض، بما في ذلك محاولة الاعتداء بصاروخ باليستي أخيراً".



وجاء الاجتماع في ظل مؤشرات بوجود تباينات في أولويات ومواقف الدول التي تتألف منها المجموعة؛ ففي مقابل التصريحات السعودية عن المضي بالعمليات العسكرية، كما لمّح لذلك ولي العهد، محمد بن سلمان، حين تحدث في مقابلته مع صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن نحو "85 بالمائة من الأراضي اليمنية باتت تحت سيطرة الحكومة الشرعية، لكن إطلاق الحوثيين صاروخاً بالستياً باتجاه الرياض، يعني أن سيطرتهم على النسبة المتبقية لا تزال تشكل تهديداً على المملكة".

ومن جانبها، أوردت الخارجية البريطانية، في بيانها اليوم، أن دبلوماسيتها ترى "أن التوصل لحل سياسي هو السبيل الوحيد لإحلال الاستقرار في اليمن على المدى الطويل، ولهذا السبب تظل الأولوية لمحادثات السلام، كما يجب على الحوثيين التنازل عن شروطهم المسبقة والتجاوب مع اقتراحات المبعوث الخاص للأمم المتحدة".

ويعد اجتماع لندن هو الأول من نوعه منذ شهور طويلة، إذ فشل اجتماع كان من المقرر أن يُعقد في لندن في سبتمبر/أيلول الماضي، وجرى الترتيب له على مدى أيام، بالتزامن مع زيارة قام بها آنذاك إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى السعودية، وتضمنت مقترحات جديدة يحملها للحل في اليمن، تشمل وقف إطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية، والعودة إلى طاولة المفاوضات، إلا أن الاجتماع لم يُعقد لأسباب يبدو أنها تعود لعدم رضى بعض أطراف اللجنة عن تلك المقترحات.

وفي السياق، تأتي أهمية اجتماع "الخماسية"، الثلاثاء، من كونه محاولة لتحريك المياه الراكدة في مسار المفاوضات اليمنية منذ شهور طويلة، حيث أعلنت جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وحلفاؤها من حزب المؤتمر الذي يترأسه علي عبدالله صالح، منذ فبراير/شباط الماضي، رفضها التعاون مع مقترحات المبعوث الأممي ولد الشيخ واتهمته بعدم الحياد، فيما يربط آخرون الجمود بالتغيير الذي جرى دولياً برحيل إدارة باراك أوباما ومجيء دونالد ترامب.

وكانت "الرباعية"/ (الخماسية حالياً)، تألفت منتصف 2016 وعقدت أول اجتماعاتها في لندن، بحضور وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، والذي رفع من وتيرة اهتمامه بالأزمة اليمنية في الأشهر الأخيرة قبل مغادرته الوزارة، وأطلق مبادرة شهيرة عُرفت بـ"مبادرة كيري". ومع التغيير الذي طرأ في الإدارة الأميركية، عقدت "الخماسية" اجتماعاً في برلين في فبراير/شباط 2017 بحضور تيلرسون، وفي الشهر الذي تلاه فشل اجتماع كان من المقرر أن يُعقد على مستوى الوزراء، لكنه انعقد على مستوى سفراء الدول الخمس الأعضاء بالمجموعة لدى اليمن.

وبسبب المحطات الفاشلة التي مرت بها الجهود الدولية بقيادة الأمم المتحدة، للوصول إلى حل سلمي، تراجع مستوى تعويل اليمنيين على هذه الاجتماعات، إلى حد كبير في الآونة الأخيرة، في ظل تعقيدات واقعية تقف أمام المقترحات الدولية، وفي المقدمة منها حالة عدم الثقة بين الأطراف الفاعلة، وتجارب المبادرات الأممية التي تراجعت إلى الوراء بعد فشل ما سُمي بـ"خارطة الطريق"، المقدمة من المبعوث الأممي، والمبنية على أساس "مبادرة كيري"، أواخر العام الماضي، ومع ذلك، فإن نجاح أي مبادرة جديدة قد يخرج بها اجتماع لندن، يعتمد على جدية الأطراف الدولية الفاعلة بالأزمة.