تونس... الخطوة قبل الأخيرة

06 مايو 2018
نسب المشاركة معيار لتقييم أي انتخابات (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أنهى التونسيون، أمس الأحد، رابع خطواتهم العملاقة منذ الثورة: الانتخابات المحلية. انتخابات قال فيها التونسيون قولاً تقييمياً لما رأوه وعايشوه في الفترة الماضية، ولكن المهم لن يكون بالتأكيد في نتيجة هذه الانتخابات وما آلت إليه الصناديق، على أهميتها وتأثيرها في المستقبل القريب وفي طريقة عيشهم وتفاصيلها، وإنما تكمن الأهمية في شكلها وطريقة سيرها وكونها الخطوة الضرورية لهذا المسار الصعب منذ الثورة، بالإضافة إلى أن نسب المشاركة تبقى المعيار الأهم في تقييم أي انتخابات في العالم لأنها تعكس موقف الناس عموماً من المشهد السياسي.

يرى المتأمل في المشهد التونسي أن التونسيين يسيرون ببطء، وربما بصعوبة وآلام، وسط محيط إقليمي معقد ومنزعج أحياناً من هذا المسار، لكنهم يواصلون السير في كل الحالات ويتقدمون ويراكمون إنجازات لم تكن في حسبان وتوقعات كثيرين، والأهم أنهم يتدربون على درس هذا القرن العربي الحاسم: التداول السلمي للسلطة وحرية المواطن في أن يختار. وبقطع النظر عن نتيجة هذه الانتخابات التي ستكون مليئة بالاستنتاجات والمؤشرات، فإن هذه الخطوة ستفتح الطريق الأخيرة إلى ثاني انتخابات رئاسية وتشريعية في العام المقبل، وسيكون ممكناً وقتها أن يقول التونسيون إنهم أنهوا مسارهم الانتقالي ودخلوا نادي الدول الديمقراطية، لكنه سيكون عاماً طويلاً وشاقاً، وستبدأ منذ اليوم جردة الحسابات والتحالفات الجديدة وستسيطر على اهتمامات الساسة وسيتناسون حياة الناس اليومية. لكن الخوف هو أن تعمق هذه المرحلة السياسية الاضطرابات الاجتماعية وتزيد في معاناة الناس بما قد يعكس ألوان صناديقهم، فيما تعتبره الأحزاب أهم لحظة انتخابية وسياسية تونسية في العام المقبل.

ومع إشراقة شمس هذا اليوم، سيستفيق المنتصرون والمنهزمون على نفس المخاوف والحسابات، وسيبدأون الإعداد للمنافسة الأولى: تغيير النظام الانتخابي وما سيؤدي من خلاله إلى تغيير المشهد السياسي المقبل، وستكون معركة قانونية وسياسية طويلة جداً ستعكر مزاج التونسيين وربما تكون لها تداعياتها على علاقتهم بالمؤسسات الحزبية والسياسية وعلاقتهم بالانتخابات عموماً، وهو ما ينبغي أن ينتبه الجميع له، لكنها تبقى معارك ضرورية لمسار يريد أن يستقر بحثاً عن توازن صعب ترتبك فيه كل الخطوات.
المساهمون