نجاح لقطر في تبادل اللبنانيين... والوساطة "إنسانية"

01 ديسمبر 2015
السفير القطري في لبنان واللواء عباس إبراهيم (حسين بيضون)
+ الخط -
أكدت وزارة الخارجية القطرية نجاح الوساطة التي قامت بها الدولة القطرية في ملف التبادل بين لبنان وجبهة النصرة. وأشار بيان صادر عن الخارجية القطرية إلى أنه تم "إطلاق سراح 16 من الجنود اللبنانيين المختطفين في جرود عرسال منذ شهر أغسطس /آب من العام الماضي مقابل 25 أسيراً بينهم 17 امرأة وأطفالهم"، مضيفة أنّ الوساطة القطرية جاءت تلبية لطلب من الحكومة اللبنانية، إذ "قامت الأجهزة المعنية بدولة قطر بجهود حثيثة ومكثفة من أجل إطلاق سراح الجنود اللبنانيين المختطفين في بلدة عرسال، وذلك بالتعاون مع الأمن العام اللبناني". واعتبر البيان نفسه أن "نجاح المبادرات الإنسانية يأتي ثمرة لرؤية دولة قطر التي تعطي الأولوية لحل النزاعات بالطرق السلمية والسياسية"، مؤكدا أن الجهود القطرية "جاءت انطلاقا من إيمان دولة قطر الكامل والتام بتحقيق المبادئ الإنسانية والأخلاقية، وحرصها على حياة الأفراد وحقهم في الحرية والكرامة".

اقرأ أيضاً: بنود صفقة التبادل بين لبنان و"النصرة"

لم تكن هذه الجهود الأولى التي تقوم بها قطر على صعيد هذا الملف، إذ سبق أن نشط وسيط قطري بين الخاطفين والدولة اللبنانية، بعد فشل جهود هيئة العلماء المسلمين. فحاول هذا الوسيط إحداث خرق في الملف وسط تخبّط رسمي لبناني ونقاش عقيم بين اعتماد مبدأ التفاوض والمقايضة من عدمهما. وظلت هوية الوسيط القطري لغزاً حقيقياً في لبنان، فتارة يقال إنه سوري الجنسية، وأحياناً يُشاع أنه شخصية أمنية قطرية من دون أن يتوصل أحد إلى الجزم بحقيقة هويته.

وفي وقت سابق أعلنت الخارجية القطرية انسحابها من الجهود المبذولة لإطلاق العسكريين مطلع ديسمبر/كانون الأول 2014 "نتيجة لفشل الجهود المبذولة"، وأكد بيان الخارجية القطرية في حينها أن "التدخل كان لأسباب إنسانية فقط وبعد طلب الأشقاء اللبنانيين". ثم تكرر الطلب الرسمي اللبناني وعادت الوساطة القطرية إلى تأدية دورها.

وكانت هيئة العلماء المسلمين، برئاسة الشيخ السلفي سالم الرافعي وقتها، قد نجحت في التوسّط بين الدولة والخاطفين إلا أنّ موكب الرافعي تعرّض لإطلاق النار فأصيب هو وعدد من المشايخ بجروح فتوقّفت المبادرة. كما سبق للشيخ السلفي مصطفى الحجيري، المعروف باسم "أبو طاقية" والذي صدر بحقه حكم غيابي بالإعدام لاتهمامه بالانتماء إلى تنظيم إرهابي، أن أوكل بملف التفاوض من قبل النصرة. لكن اتهامه بتسليم العسكريين الذين نُقلوا إلى منزله خلال معركة عرسال (أغسطس/آب 2014) إلى "الجبهة" أضعف قدراته التفاوضية المُفترضة. غير أن هذا الأمر لم يمنع الحجيري من متابعة هذا الملف، إذ كان موجوداً خلال عملية التبادل وأشرف عليها، كما سبق له واصطحب أهالي للقاء أبنائهم في الجرود خلال فترة خطفهم لدى "النصرة".

اقرأ أيضاً: "النصرة" تتيح زيارة العسكريين اللبنانيين.. والأهالي يلتقون زعيمها التلي 

ولعب عرسالي آخر هو نائب رئيس البلدية، أحمد الفليطي، دور الوسيط المرحلي، فزار بتكليف من عضو خلية الأزمة الوزارية المُكلفة متابعة ملف العسكريين، الوزير وائل أبو فاعور، جرود بلدته للتواصل مع قادة "داعش" في ديسمبر/كانون الأول أيضاً. وانتهت وساطته دون إعلان أي نتائج، لكن دور الفليطي لم ينته أيضاً إذ كان حاضراً خلال صفقة التبادل التي نجحت.

أما على صعيد ملف العسكريين اللبنانيين التسعة الذين لا يزالون مخطوفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، فإنّ الشيخ السلفي المغمور، وسام المصري، قاد وحده مبادرة لبناء تواصل بين "داعش" والدولة اللبنانية. لكن الأخيرة لم تمنحه تفويضاً للقيام بهذه العملية، فاختفت مبادرته بنفس السرعة التي ظهرت فيها. ويمكن وصف وضع العسكريين الموجودين بقبضة "داعش" بالمأساوي، إذ إنّ هؤلاء لم يتواصلوا مع أهاليهم منذ عام، ومصيرهم غير معروف. ومن المفترض أن يفتح نجاح الصفقة مع "النصرة" اهتمام المسؤولين اللبنانيين بملف العسكريين لدى "داعش"، وهو ما أكد عليه المدير العام للأمن العام اللبناني، عباس إبراهيم، والوزير وائل بو فاعور. ويذكر أنه سبق وأعدم كل من "داعش" و"النصرة" عسكريين اثنين من العسكرييين المخطوفين لديهما لممارسة الضغوط  على الدولة اللبنانية، علي البزال ومحمد حمية (رمياً بالرصاص على يد النصرة) وعلي السيد وعباس مدلج (ذبحاً على يد داعش). فيبقى التساؤل الأكبر عن مصير باقي الجنود الموجودين في الجرود، وعن إمكانية نجاح مفاوضات مماثلة مع "داعش".

المساهمون