رحيل مارتن ماكغينيس.. رجل الحرب والسلام الإيرلندي

21 مارس 2017
شخصية ماكغينيس محض خلاف(Getty)
+ الخط -
كأن نائب رئيس الوزراء السابق لإيرلندا الشمالية، والزعيم السابق للجيش الجمهوري الإيرلندي، مارتن ماكغينيس، اختار الرحيل اليوم، تاركاً خلفه، مشهداً سياسياً بريطانياً يموج على رمال "بريكست" المتحركة. وكأن "مانديلا إيرلندا الشمالية" كما وصفه بعض الإعلام البريطاني، لم يرغب بالمزيد من الحياة وهو يرى أن السلام الذي قاتل لأجله في شبابه، وحماه سياسياً في السنوات الأخيرة من عمره، يترنح مع تعالي نبرات الانفصال والاستقلال في بريطانيا وفي أوروبا.
مات الثائر والسياسي ماكغينيس، عن عمر ناهز (66 عاماً)، خاض خلالها غمار القتال المسلح في قيادة الجيش الجمهوري الإيرلندي، وتصدر في أواخر سنوات عمره المشهد السياسي، صانعاً للسلام بتوقيع اتفاق "الجمعة الجيدة" في العام 1998، الذي أنهى ثلاثة عقود من العنف أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 3500 شخص.



لمع نجم الشاب مارتن ماكغينيس، عندما كان يقود التظاهرات ضد الحكم البريطاني لإيرلندا الشمالية، وفي السبعينيات انضم إلى صفوف الحزب الجمهوري الإيرلندي الذي خاض حملة دموية لإنهاء الحكم البريطاني لإيرلندا الشمالية. وقد تولى قيادة حزب (شين فين)، الذراع السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي بشكل مؤقت بين 1979 و1982.

وفي الثمانينيات، ظهر إلى جانب زعيم حزب "شين فين" جيري آدامز، كمهندس لاتفاق "الجمعة الجيدة" الذي تُوج بإبرام اتفاق سلام عام 1998، ومنذ ذلك التاريخ بات يُعرف بـ"رجل الحرب والسلام" الإيرلندي.

شغل ماكغينيس السياسي منصب النائب الأول لرئيس الوزراء لعشر سنوات تقريباً، قبل أن يتنحى في يناير/كانون الثاني الماضي. وأدت استقالته إلى انهيار الائتلاف الحكومي بين الجمهوريين والحزب الديمقراطي الوحدوي.

وكما عاش الرجل محض خلاف في حياته، مات وقد انقسم الناس في وصف مناقبه وإرثه، فبينما رثاه رئيس حزب "شين فين" جيري آدامز، كزعيم "أظهر طوال حياته قدراً هائلاً من العزيمة والكرامة والتواضع، كان متحمساً بشدة للنظام الجمهوري، عمل بلا كلل من أجل السلام والمصالحة وإعادة توحيد بلاده"؛ لم يبد أهالي الضحايا الذين سقطوا جراء العمليات العسكرية للجيش الجمهوري الإيرلندي، أي أسف على موت ماكغينيس، وقالوا "إنهم لم ينسوا ولن يغفروا لمارتن ماكغينيس".

وقال اللورد تيبيت، الذي أصيبت زوجته مارغريت بالشلل عندما قصف الجيش الجمهوري الايرلندي فندق برايتون خلال مؤتمر حزب المحافظين في العام 1984، إن العالم صار"أكثر جمالاً ونظافة"، بوفاة مارتن، "الذي لن تُغفر جرائمه".

في حين، قال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، إن ذكرى ماكغينيس ستتخلد بمساهمته في إنجاز إتفاق السلام في إيرلندا الشمالية.

وأضاف بلير، الذي أنجز مع مارتن ماكغينيس اتفاق السلام في عام 1998: "لقد ترعرعت وأنا أرى مارتن ماكغينيس الذي كان عضواً بارزاً في الجيش الجمهوري الإيرلندي، وشارك في الكفاح المسلح، ثم حدث أن تعرفت إلى مارتن ماكغينيس الذي وضع جانبا الكفاح المسلح لصالح صنع السلام، البعض لن ينسى إرثه المرير، لاسيما أولئك الذين فقدوا أحباءهم، وهو أمر مفهموم تماماً، لكن بالنسبة لنا نحن الذين نجحنا في التوصل إلى اتفاق سلام في إيرلندا الشمالية، نعلم أننا لم نكن لنفعل ذلك من دون قيادة مارتن وشجاعته وإصراره الهادئ على أن الماضي لا ينبغي أن يرسم شكل المستقبل".