"الحزم 2": اتّساع الحرب نحو الحدود و"مبادرة" لصالح

28 مارس 2015
ينقسم اليمنيون بين تأييد التدخل السعودي ورفضه (الأناضول)
+ الخط -
لم يشهد اليوم الثاني من عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية في اليمن، تطورات عسكرية مفاجئة، باستثناء فتح جبهة حدودية بين حرس الحدود السعودي ومسلحين حوثيين، في ظل استمرار استهداف طائرات الحملة "بنك الأهداف" نفسه.
وباستثناء "المبادرة" التي طرحها الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والتي تنص على "إيقاف ضربات الحزم وعمليات الحوثيين ونقل الحوار اليمني إلى الإمارات برعاية أممية"، لم تسجل تحركات سياسية "كبيرة" تمهّد لوضع حد للعمليات العسكرية مقابل استعادة المسار السياسي لمعالجة الأزمة، في ظل ارتفاع منسوب التهديدات الموجهة للحوثيين وخصوصاً بعد تأكيد المتحدث باسم عملية "عاصفة الحزم"، أحمد العسيري، أنه لن يُسمح لأحد، كائناً مَن كان، بإمداد الحوثيين بأي نوع من الإمداد، في ما بدا أنه إشارة إلى إيران. كل ذلك فضلاً عن تأكيده أن التحالف سيقوم بكل ما يجب لحماية عدن ومنع تقدم الحوثيين إليها، مشدداً على أن الهدف الرئيسي للعملية التي تقودها السعودية حماية الحكومة في عدن التي ينوي الرئيس عبد ربه منصور هادي العودة إليها فور انتهاء قمة شرم الشيخ، بحسب معلومات "العربي الجديد".

اقرأ أيضاً: "عاصفة الحزم": اليمن والخيار الصعب

لكن الحدث الأبرز في مجريات يوم أمس، تمثل في ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن مصادر مقرّبة من قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، والتي أشارت إلى أن الأخير توجه إلى اليمن، في خطوة، إن تأكدت صحتها، فإنها تشير بوضوح إلى أن الأوضاع في اليمن تتجه نحو مزيد من التصعيد العسكري لا التهدئة، وذلك على الرغم من توقع وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، أن تمتد عملية "عاصفة الحزم" لأيام لا لأسابيع.
وبينما نفى عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثيين، محمد البخيتي، في تصريحات لـ"الأناضول"، صحة انتقال سليماني إلى اليمن، إلا أن اعتبار إيران أنها معنية بشكل مباشر في الأزمة اليمنية بدا واضحاً أمس، وتحديداً بعد تأكيد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أنه تطرق إلى عملية "عاصفة الحزم"، خلال اللقاءات التي عقدها مع مسؤولين غربيين، في مدينة لوزان السويسرية على هامش المفاوضات النووية. وشدد ظريف على أن الضربات الجوية التي تقودها السعودية يجب أن تتوقف، وأنه "يتعيّن على الجميع تشجيع الحوار والمصالحة الوطنية في اليمن بدلاً من زيادة صعوبة التئام شمل اليمنيين".
في موازاة ذلك، عززت السعودية من مشاوراتها السياسية مع عدد من الدول المنخرطة في الحملة، إذ أجرى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، اتصالات هاتفية مع 8 زعماء وقادة تشارك دولهم في "عاصفة الحزم"، في وقت تلقى فيه اتصالاً من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي أعلنت بلاده دعمها للعملية، كما تحدث وزير خارجيتها، مولود جاويش أوغلو، عن استعداد بلاده لتقديم جميع أنواع الدعم بما فيها المعلومات الاستخباراتية، عدا الدعم العسكري، بعد إشارته إلى أنه سيلتقي مسؤولين خليجيين من أجل تحديد نوع الدعم التركي.
أما الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي تستعد بلاده، اليوم السبت، لاستضافة القمة العربية في مدينة شرم الشيخ، فاعتبر أنه "لم يكن من الممكن الصمت إزاء ما يتعرض له اليمن"، في الوقت الذي يتحضّر الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، لإلقاء كلمة أمام القمة على أن يعود بعدها إلى عدن، بحسب مصادر "العربي الجديد"، وذلك بعد خروجه منها، أول من أمس، وانتقاله إلى الرياض عقب توقفه في سلطنة عمان التي خضع فيها لفحوص طبية. بالتزامن مع هذه التطورات، بدت ملامح الشروط المطلوبة من الحوثيين الالتزام بها لوقف العمليات العسكرية تتضح، وإن بشكل غير مباشر، عبر تصريحات عدد من المسؤولين اليمنيين والمتحدث باسم تحالف "عاصفة الحزم". وبينما أوضح وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، في تصريحات تلفزيونية، أن "الحملة العسكرية العربية ضد الحوثيين في اليمن ستستمر على الأرجح أياماً وليس أسابيع"، نقلت وكالة "رويترز" عن ياسين قوله إن "الحوار كان مطلوباً ولا يزال. (وهو) الحوار الذي يكون تحت ظل شرعية الرئيس وشرعية الدولة وليس شرعية الانقلابات والمليشيات التي تسيطر على مقدرات الدولة والتي تستبيح كل شيء من أجل أن تسلّم اليمن إلى إيران".
وفيما تبدو خيارات الحوثيين في مواجهة ما يجري محدودة، على الأقل سياسياً، حاول الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، لليوم الثاني على التوالي، النأي بنفسه عن الحوثيين، طارحاً نفسه كـ"طرف ثالث". وأعلن صالح، أمس الجمعة، عن إعداده لمبادرة لحل الأزمة، في محاولة على ما يبدو منه لتجيير المعركة لصالحه بحيث تؤدي لإضعاف حليفه الحوثي والإبقاء على القوات العسكرية الموالية بأقل قدر من الخسائر ليظل رقماً صعباً في مفاوضات ما بعد الحرب. وأبرز بنود "مبادرة صالح"، تنص حرفياً على النقاط الأربع التالية:
1 ـ وقف كافة الأعمال العسكرية فوراً من قبل التحالف الجديد بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي ومن يتحالف معهم.
2 ـ وبالتزامن مع ذلك، وقف العمليات العسكرية فوراً من قبل أنصار الله ومليشيات هادي وتنظيم القاعدة.
3 ـ وقف عمليات السيطرة والنهب على مؤسسات الدولة والمعسكرات في عدن ولحج وجميع المحافظات ومن كل الأطراف.
4 ـ العودة إلى طاولة الحوار بحسن نية، وبرعاية الأمم المتحدة ونقل مقره إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أو في أي مقر من مقرات الأمم المتحدة، واستكمال ما تبقى من قضايا لم يتم بعد التوافق عليها.

ميدانياً
وكانت الأحداث في اليمن، في اليوم الثاني لعملية "عاصفة الحزم"، قد أخذت منعطفاً جديداً، تمثل بفتح جبهة حدودية بين حرس الحدود السعودي ومجاميع من مسلحي الحوثيين. وأعلنت مصادر مقربة من الحوثيين أن مسلحي الجماعة أو ما يعرف بـ"اللجان الشعبية" مدعومة بعربات وآليات استولت عليها من الجيش، حاولت التوغل في جبل "الدخان"، على الحدود مع جيزان السعودية، وهو المكان الذي كان توغلهم إليه شرارة تدخل السعودية في المعارك ضدهم عام 2009، إلى جانب الجيش اليمني، الذي كان يخوض الحرب السادسة ضد الجماعة. وحسب المصادر القريبة من الحوثيين، فإن الطيران السعودي تدخل بالضرب بكثافة، ولم يتسن الحصول على تأكيدات من مصادر مستقلة، وما إذا كانوا خاضوا مواجهات مع حرس الحدود السعودي، أم أنهم وُوجهوا فقط بالطيران.
في صعدة، أفادت أنباء محلية بأن تحالف "عاصفة الحزم" ضرب أهدافاً للحوثيين في مناطق مختلفة، بينها منطقة "كتاف" التي أجرى الحوثيون فيها مناورة على الحدود مع السعودية. أما في العاصمة، فتواصلت، أمس الجمعة، الضربات الجوية أيضاً، والتي استهدفت مواقع عسكرية للجيش اليمني، في الأغلب، كان أبرزها غارة استهدفت لواء الصواريخ، في حوالى الرابعة فجراً. كما جرى استهداف مخازن أسلحة لقوات العمليات الخاصة، الموالية لصالح، ومواقع الدفاع الجوي في الجبال المحيطة بصنعاء. وكشف مصدر عسكري، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن معسكر الاحتياط الرئيسي، جنوبي العاصمة، لم يتعرّض لأي قصف، وكذلك معسكر "رَيْمة حُميْد" التدريبي التابع لحراسة الرئيس السابق. وكانت أعنف الانفجارات تُسمع بين الساعة الثالثة والخامسة فجراً، ويُعتقد أنها استهدفت مخازن أسلحة تابعة للجيش، غير أن أي تفاصيل حول الخسائر وأعداد القتلى لم تتوفر. من جهتهم، أفاد مسؤولون في وزارة الصحة التابعة للحوثيين، عن ارتفاع حصيلة قتلى الغارات إلى 39 مدنيّاً على الأقل، فيما تحدت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، عن إسقاط "طائرة استطلاع معادية"، من دون أن يعلن تحالف "عاصفة الحزم" عن أي خسائر تعرض لها.
كما طالت غارات اليوم الثاني، مواقع عسكرية في محافظة الضالع، حيث يرابط اللواء 33 مدرع، الموالي لصالح، وكذلك قاعدة "طارق" الجوية، في محافظة تعز. وقصفت مجدداً قاعدة "العند" الجوية بمحافظة لحج، القريبة من عدن.
في المقابل، حاول الحوثيون في محافظة البيضاء، وسط البلاد، التوغل باتجاه محافظة أبين الجنوبية، مسقط رأس هادي، وكذلك باتجاه محافظة شبوة، جنوبي شرق البلاد.

اقرأ أيضاً: صالح يطلق مبادرة لوقف العمليات العسكرية ونقل الحوار للإمارات