"حشد شعبي" مصري في برلين لتأييد السيسي

03 يونيو 2015
يحاول النظام المصري الإيحاء بقوته الشعبية (محمد كمان/الأناضول)
+ الخط -
بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارته إلى ألمانيا، أمس الثلاثاء، بعد أن سبقته أفواج من الصحافيين والفنانين ونجوم وسائل الإعلام والبرامج الحوارية إلى برلين. واستقبلتهم المئات من أفراد الجالية المصرية في المدن الألمانية، استعداداً لتنظيم تظاهرات ترحيب بالسيسي، وتنديد بجماعة "الإخوان المسلمين"، ومعارضي الزيارة من السياسيين الألمان. ولا يمكن فهم تأجيل محكمة جنايات القاهرة، أمس الثلاثاء، حتى 16 من الشهر الحالي، قرارها بتأجيل الحكم على الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم المرشد محمد بديع، عقب إحالة أوراقهم للمفتي لاستطلاع رأيه بمسألة إعدامهم، إلا كمتهيد سياسي لزيارة السيسي إلى برلين. ذلك أنه لو صدر الحكم على مرسي وبقية قيادات "الاخوان"، أمس، لكان السيسي سيواجه بعاصفة غضب ورفض لتلك الأحكام وهو ما لا ينقص الرئيس المصري بعد موجة الانتقادات الكبيرة التي واجهته من المسؤولين الألمان تحديداً.

وتمّ التنسيق للتظاهرات الموالية في ألمانيا، وحجز أماكنها، بالتعاون بين أجهزة أمنية مصرية، والسفارة المصرية ببرلين، والكنيسة القبطية التي كلّفت رعاياها في ألمانيا بـ"الوجود المكثف في الشوارع لدعم السيسي أمام دار المستشارية"، كتعبير عن مساندة سياساته وكظهير شعبي ربما يحميه من الأسئلة العاصفة التي سيستقبله بها المسؤولون الألمان حول أحكام الإعدام المفرطة في حقّ "الإخوان"، وأوضاع حقوق الإنسان المتردية في مصر، والحريات المقيدة في وسائل الإعلام والشوارع، والمطالبات بتغيير قانون التظاهر سيئ السمعة.

وتشير مصادر مطّلعة لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الرئاسة المصرية هي التي طلبت من نقابة الممثلين تشكيل وفد لمرافقة السيسي، والوقوف مع أفراد الجالية في شوارع برلين لتأييده، فالسيسي الذي عُرف منذ كان وزيراً للدفاع باصطحاب الفنانين معه إلى حفلات القوات المسلحة ومناوراتها، يؤمن بأن الممثلين المصريين يمثلون قوة مصر الناعمة، وأن بإمكانهم تكوين صورة ذهنية إيجابية عنه لدى الشعب المصري وبقية الشعوب العربية".

وجاءت الإشارات الرئاسية قبل السفر إلى برلين، مختلفة عن الزيارات السابقة، التي شهدت فتوراً في العلاقة بين السيسي ورجال الأعمال، بلغ حدّ مطالبتهم بعدم تسفير وفود لمصاحبة الرئيس في زياراته الخارجية، وفقاً لما ذكر عباس كامل، مدير مكتب السيسي.

إلاّ أن جلسة بعض الإعلاميين مع السيسي منذ أسبوعين، على هامش إحدى فعاليات القوات المسلحة تركت أثرها، إذ طالبه الإعلاميون بفتح الباب من جديد لمشاركتهم في الترويج لنظامه، وأن يكون التعامل مباشراً بينهم وبينه. وشكوا له من استمرار أداء عباس كامل دور الوساطة بين الطرفين.

اقرأ أيضاً: هل بدأ العد التنازلي للسيسي؟

وكشفت المصادر أن "عباس كامل اتصل شخصياً برجال الأعمال، مالكي القنوات الفضائية، وذلك بعد تصريحات السفير الألماني في القاهرة هانس يورغ هابر، المنتقدة لمصر، وطلب منهم التحضير لإرسال بعثة كبيرة إلى برلين لمساندة السيسي في زيارته قبل أن تبدأ، نظراً للسلبيات العديدة التي سجلتها عليه حكومة أنجيلا ميركل منذ إطاحته نظام "الإخوان".

وأطلق اتصال عباس كامل العنان لمنافسة جديدة بين ثلاثي رجال الأعمال: نجيب ساويرس ومحمد الأمين ومحمد أبو العينين، بعد إرسال الأول وفداً من حزب "المصريين الأحرار" الليبرالي، إلى برلين لمساندة السيسي، خصوصاً أن الحزب يحظى بشعبية في أوساط الأقباط المقيمين في ألمانيا.

كما سيّر محمد الأمين، صاحب قنوات "سي بي سي" وصحيفة "الوطن"، طائرة خاصة، يوم الاثنين، أقلّت 20 ممثلاً وعدداً من المذيعين. وفعل أبو العينين، صاحب قنوات "صدى البلد" وشركة "سيراميكا كليوباترا"، الأمر عينه عبر إرسال طائرة خاصة تقلّ مساعديه الإعلاميين، وعلى رأسهم الصحافي أحمد موسى والطاقم الخاص به.

وعلى الرغم مما يحيط بالإعلام المصري من أخطار اقتصادية، نتيجة تراجع نسب المشاهدة وضعف مردود الإعلانات، تحديداً قبل موعد النشاط الإعلامي في شهر رمضان، فقد أرسلت المؤسسات الإعلامية جيشاً من الصحافيين لمتابعة الزيارة الرئاسية ومساندة السيسي أيضاً.

على الجانب الألماني، يبدو التعامل أقلّ صخباً وأكثر حدة في الوقت ذاته، بعد أن شنّت وسائل الإعلام الألمانية هجوماً على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لاستقبالها "ديكتاتورا ورئيسا لدولة بوليسية وحشية"، بحسب وصف صحيفة "سودويتشه زايتونغ"، التي اتهمت السيسي بقيادة "حرب إبادة ضد الجماعات الإسلامية مما يسهم في مزيد من التطرف الديني والإرهاب".

كما انتقدت الصحف الألمانية أيضاً إصرار ميركل على لقاء السيسي، على الرغم من مطالبتها السابقة له بانتخاب برلمان، قبل أن يزور برلين، وهو ما لم يحدث حتى الآن. وتحدثت عن "ضرورة تجميد التعاون الأمني والاستخباراتي مع مصر"، احتجاجاً على ما وصفته بـ"الممارسات القمعية والوحشية والفاسدة للشرطة" كما ذكرت صحيفة "دي زايت".

وتواجه ميركل، حتى داخل حزبها الحاكم (الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، معارضات شديدة لاستقبال السيسي رسمياً، أبرزها من رئيس البرلمان نوربرت لامرت. غير أن المستشارة الألمانية التي تحاول تحقيق التوازن بين المصالح السياسية والاقتصادية، نزلت على رأي رجال الأعمال وكبار المستثمرين، الذين يرون في مصر "فرصة حقيقية للاستثمار في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة"، التي تتوسع ألمانيا في إنتاجها عالمياً، وأصبح من المسموح في مصر مساهمة الأجانب في إنتاجها، بناء على حزمة قوانين الاستثمار الأخيرة التي أصدرها السيسي.

اقرأ أيضاً السيسي وإلهام: تجديد الخطاب النازي