التشاؤم الليبي في تفاؤل ليون: لا ثغرات بجدار الأزمة

28 مارس 2015
يبحث ليون عن "حلول مؤسساتية" ببلد منقسم (فرانس برس)
+ الخط -
مَن يتابع نبرة تصريحات ممثلي الأطراف الليبية في اليومين الماضيين في مدينة الصخيرات المغربية، حيث تتواصل جلسات التفاوض غير التقابلي برعاية المبعوث الأممي برنادرينيو ليون، يتملكه تفاؤل لا يلبث أن يتبدد حين يتواصل مع فاعلين في القرار من المعسكرين الرئيسيين: المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته وتتبع له قوات "فجر ليبيا"، ومجلس نواب طبرق والقوى التي تقف خلفه من اللواء خليفة حفتر ومحمود جبريل وغيرهما. اللافت أن الطرفين يلتقيان عند الاعتراف بأن التفاؤل بإمكانية التوصل إلى حل قريب، هو لفظي و"لا نعرف من أين أتى به ممثلونا في المغرب"، على حد تعبير المحلل السياسي المقرب من قوات "فجر ليبيا"، بشير السويحلي في حديث لـ"العربي الجديد".

فمن جهة أولى، المعارك في غرب البلاد، تتواصل لتنفيذ رغبة اللواء خليفة حفتر بالحسم العسكري والدخول إلى العاصمة طرابلس. ومن جهة ثانية لا يزال شخص ليون بعيداً عن تحقيق رضى أي من الطرفين الرئيسيين، برغبته "تحقيق أي إنجاز لمصلحته لينهي ولايته الليبية وكأنه حقّق إنجازاً ولو شكلياً يضعه على سيرته الذاتية". ما يريده ليون كـ"إنجاز شكلي"، لا ينال موافقة لا وفد المؤتمر الوطني العام، ولا مجلس نواب طبرق، بما أن المعروض على الطرفين من قبل خليفة طارق متري للمهمة الليبية المعقدة، يقتصر على تشكيل حكومة وحدة وطنية "كيفما اتفق". لكن ماذا عن السلطة التشريعية التي تراقب عمل الحكومة وتعين أفرادها وتقيلهم...؟ أسئلة لا يملك ليون، بحسب السويحلي، إلا جواباً واحداً لها: فلنؤجل البحث والمهم أن نخرج من المغرب باتفاق، أي اتفاق.

اقرأ أيضاً: المبعوث الأممي: التوصّل لاتفاق في ليبيا بات وشيكاً

اعتراض آخر يضيفه رموز المؤتمر الوطني العام على شخص ليون وإدارته الحوار، يتمثل برفع عدد المشاركين في الجلسات، "بينما المطلوب كان أن يقتصر على وفدين فقط: المؤتمر الوطني العام ومجلس طبرق أي حكومة عبد الله الثني، من دون دعوة ممثلين عن مجالس بلدية ومجموعات مسلحة، وهو ما أدّى إلى تشتيت الحوار". أما أصل الاعتراض بالنسبة لـ"المؤتمر الوطني" على ليون، فيعود إلى كون الدبلوماسي الإسباني "لا يفهم الوضع الليبي وتعقيداته بعكس سلفه طارق متري" على حد تعبير السويحلي وعدد من رموز المؤتمر الوطني العام، وهو ما سبق لهم أن عبروا عنه مراراً. من هنا، فإنّ متابعة تصريحات ومواقف واعتراضات رموز حكومة عبد الله الثني إزاء ليون، تصب في خانة الاعتراض على عمله، للأسباب الواردة أعلاه ولغيرها. آخر تلك الاعتراضات عبر عنها رئيس اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس النواب (البرلمان) الليبي عبد السلام نصية، وذلك في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اعترض فيها على كون "جلسات الحوار لا تصدر عنها مخرجات مكتوبة، علماً أن ليون تعهد للمجلس بأن أي مخرجات للحوار يُتفق عليها، ستقدم إلى المجلس في صورة ملخصات مكتوبة".

لا يدفع التواصل مع ممثلي الأزمة الليبية في معسكريها، سوى إلى الخروج بخلاصات متشائمة: 1ــ لا أساس للتفاؤل اللفظي الذي يعرب عنه ليون وممثلو الوفدين المتحاورين في المغرب بدليل أن الطرفين يرفعان من وتيرة نشاطهما العسكري بحسب السويحلي المقرب من "فجر ليبيا". 2ــ ليون يصعب أن يتمكن من فتح ثغرة حقيقية باتجاه الحل بما أنه يبحث عن "حلول مؤسساتية" في بلد منقسم عامودياً على جميع الجبهات ولا تجدي معه الحلول على "الطريقة الإسبانية". 3ــ صوت الرصاص سيبقى مهيمناً على حساب الحوار السياسي الذي لا يوليه حتى قادة المعسكرين، أهمية كبيرة. 4ــ طلب ليون من الأمم المتحدة تمديد ولايته لستة أشهر جديدة دليل على أن الأمور لن تتجه صوب الانفراج في المدى المنظور.

لكن كل ما سبق لا ينفي ارتياحاً لدى سياسيين محسوبين على "فجر ليبيا" ومن خلفها المؤتمر الوطني العام، بما أن النظرة الغربية لمعكسرهم تحسّنت، خصوصاً مع فتح "فجر ليبيا" جبهة عسكرية ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في ليبيا على حد تعبير بشير السويحلي. وما قرار مجلس الأمن الذي أعدّته بريطانيا، سوى صفعة للمعسكر المتحمس للحسم العسكري، بما أن قرار مجلس الأمن الأخير رفض إلغاء قرار حظر استيراد السلاح في ليبيا، أي بكلام آخر، رفض مشروع القرار المصري الذي قدمه الأردن إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي في 18 فبراير/شباط الماضي، ويذهب باتجاه التدخل العسكري الخارجي في ليبيا لمصلحة خليفة حفتر وحلفائه في معسكر "الكرامة" وبرلمان طبرق.

اقرأ أيضاً: ليون: اعتداءات حفتر على طرابلس تهدد حوار المغرب
المساهمون