تظاهرة شعبية ودبلوماسية في أريحا رفضاً للضم الإسرائيلي

22 يونيو 2020
من المهرجان اليوم (جهاد بركات)
+ الخط -
شارك العشرات من ممثلي وسفراء الدول الأوروبية والأجنبية والأردن، مساء اليوم الإثنين، بمهرجان جماهيري شارك فيه الآلاف في مدينة أريحا بالأغوار الفلسطينية، شرقي الضفة الغربية، والذي دعت له حركة "فتح"، فيما أكد الدبلوماسيون على رفضهم لمخططات الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية، المخالف للقانون الدولي، واعتبروا أنه "يقضي على حلم السلام".

وفي مساحة مفتوحة في أريحا، وفي مكان قريب من مدخل المدينة الجنوبي، كان قد بدأ المهرجان بحضور الآلاف بينما لا يزال يحاول العديد من المشاركين الوصول. وكان من اللافت الحضور لممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وعدد من الدول العربية والغربية، وإعطاء الأولوية في الخطابات الجماهيرية لهم.

تعويل على الحضور الدولي

ويعكس ذلك التمثيل الخارجي الواسع محاولة السلطة الفلسطينية لإظهار الزخم الدولي الرافض لخطة الضم الإسرائيلية لأراضٍ في الضفة، لا سيما الأغوار.

وعن ذلك، يقول المتحدث باسم الحكومة إبراهيم ملحم، لـ"العربي الجديد"، إن هذا الحضور الأممي "يعكس استشعار الغرب لما ينفذ، ومحاولة لمنع تنفيذ مخططات الضم التي تشكل تجريفاً للقرارات الدولية واعتداء على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة"، مشيراً إلى أن "القيادة الفلسطينية تقوم بجهد دبلوماسي عالي المستوى لتحشيد دولي في الأمم المتحدة وكل منظمات حقوق الإنسان على الساحة الدولية وفي أوروبا وروسيا والصين".

ويضيف: "نحن على يقين أن هذا الحضور الدولي والتأييد الأوروبي والإدانة الدولية لمخططات الضم الإسرائيلية ستفشل تلك المخططات وسينال الشهب الفلسطيني حقه بإقامة دولته المستقلة".

من جانبه، وصف المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، المهرجان بأنه "رسالة واضحة لإسرائيل وأميركا، بأن القرار الوطني الفلسطيني هو الذي لا بد أن يلتزم به الجميع".

وأضاف: "على إسرائيل والولايات أن تفهم بأن القدس على الطاولة وحدود الرابع من حزيران على الطاولة وأن أي حل أو اقتراح لا يمر من خلال القيادة الفلسطينية لن يمر وهذه رسالة للعالم بأسره أن القرار للشعب الفلسطيني ولقيادته التاريخية، وهذا القرار مدعوم عربياً ودولياً والحشد الذي نراه اليوم بوجود عربي ودولي أكبر دليل على هذا التوجه".

خطابات رافضة للضم

وقبل إلقاء كلمته، طلب المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من المشاركين الوقوف دقيقة صمت على روح الشهيد إياد الحلاق من ذوي الاحتياجات الخاصة والمصاب بالتوحد، والذي قتلته قوات الاحتلال الشهر الماضي في القدس، مشيراً إلى أن حالة إياد "تذكرنا بأن السلام مهم وضروري".

وقال ملادينوف إن "الأمم المتحدة تؤمن بأن عملية الضم هي ضد القانون الدولي، وإن نفذت ستقضي على الحلم الفلسطيني بالسلام وإقامة الدولة الفلسطينية"، فيما وجه حديثه للدبلوماسيين قائلاً: "علينا أن نفعل كل ما هو ممكن من أجل إنقاذ السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

وأضاف "علينا أن لا نحرف البوصلة، وأن نلتزم بنهج نحو إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل تعيش إلى جانب إسرائيل بأمن وسلام، والأمم المتحدة لن ترفع الراية البيضاء في هذا الصدد لأنه هدف عادل"، بينما أكد ملادينوف على أهمية الوحدة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة واصفاً الانقسام بـ"السرطان".

من جانبه، قال ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين سفن كون فون بورغسدرف، في كلمة له، "إن عملية الضم بمثابة خطوة فيها انتهاك كبير للقانون الدولي، وأكدنا أننا لن نعترف بأي تغيير على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس، غير التغييرات التي يتفق عليها الجانبان وفق القانون الدولي، وبالتالي نراقب تبعات تلك العمليات وسيكون لنا رد ضمن تلك التبعات".

وأكد ممثل الاتحاد الأوروبي أن "عملية الضم والتصرف أحادي الجانب من شأنه أن يخلق تبعات لا يمكن إصلاحها، ويسبب عدم ضمان إقامة حل الدولتين، وفي حال تنفيذ أي ضم فسيكون هناك رد من الاتحاد يتناسب مع هذه التبعات، ويرى أن ذلك ستكون له نتائج على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل".

وحث ممثل الاتحاد الأوروبي الفلسطينيين على "تفادي أي خطوات أحادية الجانب، والعمل على الاستقرار في الضفة الغربية، ومن أجل تحقيق المصالحة والوحدة الفلسطينية الداخلية"، فيما أشار إلى أن "الاتحاد الأوروبي قام بخطوات دبلوماسية لتجنب حدوث عملية الضم واجتمع مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين وشركاء في العالم، والأسابيع والأشهر القادمة سيستمر الاتحاد الأوروبي لأجل استمرار المفاوضات للوصول إلى حل عادل قائم على المعايير الدولية".

وطالب ممثل الاتحاد الأوروبي إسرائيل "بالامتثال للقانون الدولي، وأن تعمل على إنهاء كافة الأنشطة الاستيطانية في الأرض المحتلة وكافة الانتهاكات من هدم بيوت وترحيل قسري وتقييد حرية الحركة والوصول وتدمير حتى مشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أن "النشاط الاستيطاني في القدس المحتلة يعمل على تمزيقها جغرافياً ويعزلها عن سائر مدن الضفة ويقوّض إمكانية أن تكون القدس عاصمة لدولتين".

من جانبه، قال سفير روسيا الاتحادية لدى فلسطين، غوتشا بواتشيدزه، في كلمة له، إنه "إذا أعلنت إسرائيل عن خطتها بفرض السيادة على منطقة الأغوار، فإن ذلك سيقوض عملية السلام، وسيحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".

وشدد السفير الروسي على أنه "لا يوجد أي بديل آخر إلا حل على أساس حل الدولتين، ما نحتاجه الآن استئناف عاجل للمفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة والوصول إلى سلام شامل قائم على قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية".

أما السفير الصيني في فلسطين، قواه وي، فقد أكد في كلمته أن "الصين تبذل جهوداً لتحقيق الأمن والأمان والتنمية في الشرق الأوسط، وترى ضرورة التمسك بحل الدولتين، وأن حل الخلافات يكون عبر التفاوض على أساس قرارات الأمم المتحدة ومبدأ الأرض مقابل السلام وغيره من التوافق الدولي".

وأكد وي أن "الصين بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي تدعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

من جانبه، قال السفير الياباني في فلسطين ماسايوكي ماجوشي، إن "اليابان مستمرة من أجل خلق بيئة ملائمة من أجل السلام، كلي أمل أن لا تضع الحكومة الإسرائيلية حائطاً أمام عملية السلام في الشرق الأوسط، وأن يكون هناك استمرار للحوار بين الطرفين، وأن اليابان مستعدة لأن يكون لها دور جدي ضمن جهود المجتمع الدولي لهذه العملية".

في الأثناء، أكد السفير الأردني لدى فلسطين، السفير محمد أبو وندي، في خطابه، أن "الأردن يرفض أي قرار إسرائيلي بضم أراض فلسطينية محتلة ويعتبرها خرقاً للقانون الدولي ولا يمكن أن يمر مثل هذا القرار دون رد".

وأضاف "الأردن سيتخذ كل الخطوات اللازمة لحماية مصالحه الوطنية وحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية وحقه بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفقاً للمرجعيات الدولية"، مشيراً إلى أن "خطوة الضم الإسرائيلية ستقوض كل فرص السلام العادل والشامل، وستكون لها انعكاسات على العلاقات مع الأردن وعلى كل مسعى لتحقيق السلام"، وإن إقدام إسرائيل على ضم أراض فلسطينية أمر خطير وغير مسبوق وسينسف كل جهود السلام، وإن إقدام إسرائيل على الضم يعني أنها اختارت الصراع بدل السلام وأنها ستتحمل هي تبعات مثل هذا القرار".

بدوره، قال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، محمد بركة، في كلمة له، "إن الثمن الذي يمكن أن ندفعه كفلسطينيين في التصدي لصفقة القرن هو أقل من الثمن الذي سندفعه إن سلمنا بصفقة القرن".

في هذه الأثناء، قالت والدة الشهيد إياد الحلاق، في كلمة لها، "إنني أتمنى أن يكون الشهيد إياد هو الشهيد الأخير، ولأننا لا نريد أن تطول قائمة الشهداء لا بد لنا أن نتخلص من كل هذا الظلم".

وتابعت، "إن القدس تعاني من السياسات العنصرية الإسرائيلية، وآن الأوان أن يصحو ضمير العالم، لوقف الجرائم وإجراء المحاكمة العادلة للحكومة الإسرائيلية".

 (العربي الجديد) 

بدوره، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في كلمة له، "أتمنى أن تكون المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا تشاهد كلمة والدة الشهيد الحلاق لمنع تكرار الجرائم".

وأكد عريقات، "نحن مع السلام وإنهاء الاحتلال، ومهرجان اليوم، هو رسالة من العالم إلى إسرائيل أن الخيار أمامكم، فالضم يعني الطريق إلى الموت، أو السلام وهو طريق الحياة".

حواجز ومواجهات

وكان جيش الاحتلال قد استبق الفعالية بنصب الحواجز العسكرية على مداخل مدينة أريحا وفي الطريق من المدن الأخرى، فيما اندلعت مواجهات عند حاجز الحمرا إلى الشمال من أريحا أصيب خلالها ثمانية بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع.

حاجز للاحتلال على طريق أريحا (العربي الجديد)


وعلى أحد مداخل أريحا، أعاد جيش الاحتلال عمر مراعبة وزميلا له وهما كانا قدما من بلدة كفر ثلث في قلقيلية شمال الضفة. يقول مراعبة لـ"العربي الجديد": "تفاجأت على طول الطريق بحواجز عسكرية تدقق بالهويات، وحين وصلت لأريحا أعادني الجنود"، ويضيف: "هذا هو الاحتلال وهذه سياسته؛ يحاول حتى منعنا من مشاركة شعبنا الفعاليات، والتعبير عن رأينا ضد سياسة الضم".

أما محمد عدوان، الذي كان في حافلة تقل العشرات من قلقيلية كذلك للمشاركة في المهرجان، فيقول: "قطعنا ما يقارب 100 كيلومتر فإذا بكل مداخل أريحا مغلقة".

اجتماع لتنفيذية المنظمة و"فتح"

من جانب آخر، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الفلسطينية الاثنين، "إن اجتماعاً يضم أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، والحكومة، سيعقد يوم الأربعاء المقبل، في الأغوار، تعبيراً عن الموقف الحازم الذي اتخذته القيادة ضد مخططات الضم، ودعماً للمواطنين في المناطق المهددة بالاستيلاء عليها، حيث تم تكليف لجنة تضم وزراء المالية والزراعة والاقتصاد لتقديم حزمة من الحوافز والمشاريع التطويرية للأغوار".