ما الرابط بين معارك إدلب وحرب عفرين؟

25 فبراير 2018
الفصائل المشاركة في "غصن الزيتون" تواصل تقدمها(نذير الخطيب/فرانس برس)
+ الخط -

تتصاعد الاشتباكات في شمال سورية بين "هيئة تحرير الشام" و"جبهة تحرير سورية"، وسط تقدم للأخيرة في العديد من المناطق، فيما يعتقد أنه تصفية حسابات قديمة بين الطرفين من جهة، وتحسباً للتطورات المرتقبة في المرحلة المقبلة ارتباطاً بنتائج عملية "غصن الزيتون" في عفرين من جهة أخرى. ومن المتوقع أن تسفر هذه العملية قريباً عن وصل مناطق سيطرة المعارضة في إدلب مع مناطق سيطرتها في ريف حلب الغربي، وبالتالي حدوث تشابك في انتشار الفصائل المشاركة في عملية عفرين مع تلك المنتشرة في هاتين المنطقتين، ومنها "هيئة تحرير الشام"، التي يتخذ النظام وروسيا منها ذريعة لاستهداف هذه المناطق، على غرار ما يحصل حالياً في الغوطة الشرقية، وما حصل سابقاً في إدلب نفسها، وغيرها من المناطق.

وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن "حركة تحرير سورية"، التي تشكلت أخيراً عبر اندماج فصيلي "أحرار الشام" و"الزنكي"، سيطرت على قرى معرة مصرين ورام حمدان وحزانو وأرمناز وكلي وكفريحمول، وهي تقع على طول الأوتوستراد بين إدلب ومعبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. كما اندلعت اشتباكات بين الطرفين شرقي أريحا في ريف إدلب الجنوبي الغربي، في حين قام الطيران الروسي باستهداف قرية القياسات غرب أريحا بعدة صواريخ، واستهدفت قوات النظام، المتمركزة في ثكنة جورين، أطراف مدينة جسر الشغور ما تسبب بإصابة عدد من المدنيين وتدمير إحدى المدارس.

وفي ريف حلب الغربي، انسحبت "هيئة تحرير الشام"، أمس السبت، من قرية كفر ناصح التابعة لمدينة الأتارب باتجاه قرية كفر كرمين إثر اشتباكات مع "جبهة تحرير سورية"، فيما تدور اشتباكات عنيفة على أطراف قرية باتبو قرب أوتوستراد معبر باب الهوى، في محاولة من "الهيئة" للسيطرة على القرية، وذلك وسط مناشدات من النازحين في المخيمات القريبة لوقف الاقتتال. كما أعلنت "جبهة تحرير سورية" إسقاط طائرة استطلاع، محملة بالقنابل، تابعة لـ "هيئة تحرير الشام" في بلدة كفرناها غربي حلب. وبحسب تسجيل مصور نشرته شبكة "مداد برس"، التابعة لـ "حركة نور الدين الزنكي"، فإن الطائرة كانت تلقي القنابل على مواقع "تحرير سورية" في بلدة كفرناها بعد السيطرة عليها. كما أعلنت "تحرير سورية" إعطاب عربة "بي إم بي" وتدمير سيارتي بيك آب لـ "الهيئة" أثناء محاولة اقتحام قرية بسرطون. وقتل طفل وجرح نحو 20 نازحاً في مخيمات منطقة أطمة شمال سورية جراء المعارك التي اندلعت صباح أمس في المنطقة بين الطرفين. وأصدرت منظومات الإسعاف العاملة في الشمال السوري بياناً طالبت فيه بعدم التعرض إلى آليات الإسعاف من قبل الفصائل العسكرية. وتعمل في محافظة إدلب أكثر من 100 سيارة إسعاف مع طواقمها على مدار الساعة لإسعاف المدنيين والمحتاجين ونقلهم إلى المستشفيات. ومع تعليق عمل هذه السيارات تترك المنطقة في وضع صعب جداً.


وقال قائد "جبهة تحرير سورية"، حسن صوفان، إنهم استنفدوا كل جهد لتجنب الصدام مع "هيئة تحرير الشام"، معتبراً أن كل الجهود فشلت بسبب "عقلية التغلب وحب السلطة من قبل قائد هيئة تحرير الشام". وأضاف صوفان، في كلمة صوتية، "إن التنظيم أمطر القرى في ريف إدلب وحلب بالقذائف، وتجرد من كل إنسانية ومنع نقل الجرحى"، موضحاً أنهم "عزموا على التخلص من بغي هذا الفصيل". ودعا صوفان بقية الفصائل إلى التحرك ضد "هيئة تحرير الشام"، وخص بالذكر "فيلق الشام". وأضاف "ما دفعنا للقتال اليوم هو الخوف على ضياع ما بقي من المناطق المحررة، وما تبقى من مكتسبات الثورة". كما دعا الشعب السوري إلى التظاهر ومنع أرتال التنظيم من العبور في القرى والبلدات، والوقوف في وجه المشاريع الدخيلة، وفق قوله. وتسبب الاقتتال بين الجانبين في تقطيع أوصال محافظة إدلب، وإغلاق الطرق بين بلداتها، الأمر الذي قيد تحرك المدنيين مع خطورة تعرضهم لإطلاق نار وسط عمليات القنص المتبادل بين الطرفين، فيما قطع الأهالي في بعض المناطق الطرق لمنع مرور الطرفين، وتجنيب القرى الاقتتال الحاصل بالمنطقة. كما أغلقت جميع الأسواق والمحال التجارية في مدينة أريحا جنوب إدلب جراء المعارك، وسط تراجع حركة الأهالي في مناطق أخرى بريف إدلب وحلب جراء المواجهات.

وتأتي الاشتباكات الحالية بين الطرفين على خلفية اتهامات إلى "حركة نور الدين الزنكي" بقتل الشرعي في "تحرير الشام"، أبو أيمن المصري. وكان "الشرعي" السابق في "حركة أحرار الشام"، أبو محمد الصادق، قال إن "تحرير الشام" تريد من المعركة الحالية إخراج "الزنكي" من ريف حلب الغربي، قبل فتح الطريق بين ريف حلب الشمالي وإدلب ضمن عملية "غصن الزيتون" في عفرين. والواقع أنه مع تقدم عملية "غصن الزيتون" في عفرين، باتت قوات الجيش السوري الحر، بالاشتراك مع الجيش التركي، على بعد كيلومترات قليلة من وصل مناطق ريف حلب الشمالي مع محافظة إدلب، بعد سيطرتهم على عشرات القرى والتلال في محيط عفرين، ولم يتبق أمامها سوى خطوات قليلة لفتح الطريق بين ريف حلب الشمالي ومحافظة إدلب. وكانت قوات النظام سيطرت مطلع العام 2015 على قرية رتيان وعلى أجزاء من باشكوي وحردتين في ريف حلب الشمالي، بعد تسللها من الأراضي الزراعية، ما أدى إلى قطع الطريق بشكل كامل بين ريف حلب الشمالي وإدلب، الأمر الذي أجبر الكثير من الأهالي وتجار المحروقات على سلوك طريق عفرين أو الدخول إلى تركيا من أجل الوصول إلى تلك المناطق، علماً أن المليشيات الكردية كانت تفرض رسوماً على مرور الشاحنات بين المنطقتين.

وعلى صعيد التطورات المتصلة بعملية "غصن الزيتون" في عفرين، فقد حققت فصائل الجيش الحر، المدعومة من تركيا، المزيد من التقدم في المنطقة. وسيطرت، أمس السبت، على معسكرات عمرانلي في محور شران شمال عفرين بعد معارك مع الوحدات الكردية. كما سيطرت الفصائل على قريتي حجلار وأبو كعب في الأطراف الجنوبية الغربية من ناحية جنديرس بريف عفرين، وبذلك حاصرت مركز الناحية من ثلاثة محاور رئيسية، هي الشمالية والجنوبية والغربية. وتقول الفصائل المشاركة في عملية "غصن الزيتون" إنها مستمرة في العملية برغم التعزيزات التي زج بها النظام، عبر مليشيات محلية. وحسب مصادر تركية، فقد نجحت القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر، في السيطرة على 415 كيلومتراً مربعاً في منطقة عفرين، تشمل أكثر من 100 نقطة ما بين قرية وبلدة وتلة وثكنة عسكرية، الأمر الذي قلص المناطق التي تسيطر عليها المليشيات الكردية في المناطق الحدودية المحاذية لتركيا إلى 7 كيلومترات شمالاً و7.8 كيلومترات غرباً.

إلى ذلك، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس السبت، المزاعم الأميركية حول استهداف الجيش التركي المدنيين في عفرين. وقال أردوغان، أمام أنصار حزب العدالة والتنمية في ولاية قهرمان مرعش جنوب البلاد، "يقول بعضهم: يطلقون (الجيش التركي) النار على المدنيين. يا عديمي الضمير والأخلاق، استهداف المدنيين ليس من قيمنا بل من قيمكم". وأضاف "يقع على عاتقنا مسؤولية حماية حدودنا (مع سورية) البالغ طولها 911 كيلومتراً، وسنواصل ذلك، ولا يمكن لأحد أن يوجه لنا سؤالاً لماذا تحمون هذه الحدود؟". وأكد مواصلة بلاده "محاسبة الإرهابيين الذين يهاجمون تركيا". وتابع "ينبغي على الجميع ألا ينسوا أن جيشنا ليس جيش الجبناء، وبلدنا ليس بلد الجبناء".

المساهمون