"فوبيا إسقاط الدولة"... أولى مؤشرات حملة السيسي لولاية ثانية

02 اغسطس 2017
سياسة ترهيب يعتمدها السيسي للتضييق على المعارضين(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
جدلٌ كبير فجّرته الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات النسخة الرابعة لمؤتمر الشباب، الذي عُقد نهاية شهر يوليو/تموز في محافظة الإسكندرية، لما سماه إشاعة فوبيا سقوط الدولة وإفشالها، قائلاً "نحتاج إلى خلق فوبيا إسقاط الدولة"، مضيفاً: "يجب أن نعترف أن ربنا أراد لنا التواجد في عصر نرى فيه تجارب حية أمامنا في دول محيطة بنا، كي تكون جرس إنذار للشعب المصري، ورد فعل المصريين ناجم عن فهم ووعي هذا الأمر".
أمر يرى مراقبون مصريون أنه يأتي في إطار سياسة الترهيب والتخويف التي يعتمد عليها السيسي منذ انقلاب يوليو/تموز 2013 ووصوله إلى الحكم في 2014، للاستمرار في إغلاق المشهد السياسي، والتضييق على الأصوات المعارضة، بدعوى مواجهة الدولة أخطاراً ومؤامرات خارجية.

دعوة السيسي سرعان ما تبعتها تحركات من الأذرع الإعلامية التي يديرها مدير مكتبه، اللواء عباس كامل، لإطلاق مبادرة باسم "تثبيت الدولة" ودعوة كل وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، لضرورة تبنّيها، في محاولة لإشاعة جو من التخويف لمن يحاول انتقاد أداء النظام السياسي وأركان سلطته. وقامت الهيئة الوطنية للصحافة التي يترأسها كرم جبر، أحد أبرز وجوه الإعلام الحكومي في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بدعوة رؤساء مجالس وتحرير الصحف القومية لاجتماع طارئ مساء السبت الماضي، لتوحيد التوجهات بشأن اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ كلام السيسي.

أحد وزراء حكومة الانقلاب الأولى التي قادها حازم الببلاوي، أكد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الهدف الأساسي من دعوة السيسي هو قتل الصوت المعارض تماماً"، مضيفاً: "السيسي يسعى لإعادة عصور مضت بخنق أي صوت مختلف أو ناقد، تارة بترسانة قوانين خانقة للحريات، وتارة بالتشويه الإعلامي والقتل المعنوي، وتارة ثالثة بمثل تلك الدعوات المسمومة".
وقال الوزير، والذي كان واحداً من أبرز من تصدّروا الفضائيات للترويج لإسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي، "يحزنني أن أقول اليوم إن فترة ما بعد 25 يناير 2011 وفترة المجلس العسكري وفترة مرسي كانت أكثر حرية وديمقراطية"، متابعاً: "السيسي يسعى لخلق جمهورية خوف".


من جهته، دعا البرلماني السابق، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو الشوبكي، السيسي إلى مراجعة المفهوم الذي أطلقه مراجعة جذرية، مضيفاً في مقاله اليومي بصحيفة "المصري اليوم": "لأنه يصرّ على التمسك بخطاب المؤامرات الخارجية واستهداف الدولة من قِبَل الإخوان والطابور الخامس وأهل الشر، وانضم إليهم معارضون سلميون من تيارات سياسية شاركت في انتفاضة 30 يونيو (ولولاهم لما سقط حكم الإخوان)"، متابعاً "وتجاهل أوجه القصور الداخلية في السياسة والاقتصاد، وسوء الأداء وانعدام الكفاءة وغياب دولة القانون كمُهدِّدات لتثبيت الدولة". واستطرد: "كل الدول التي سقطت عانت نظماً فوق استبدادية فاشلة"، مشيراً إلى أن "بلداً مثل مصر لم تنقطع المؤامرات الخارجية عليها طوال 16 عاماً من حكم عبدالناصر، ومع ذلك لم تسقط الدولة المصرية".

مصادر مقربة من دوائر صناعة القرار المصري أكدت أن السبب الرئيسي وراء أجواء التخويف التي ينشرها النظام، هو بدء التحضيرات للولاية الثانية للسيسي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المحددة في منتصف عام 2018. وشددت المصادر على أن "مؤتمر الشباب الرابع في الإسكندرية كان بمثابة تدشين السيسي لحملته الانتخابية، وهو ما يعني أنه من الفترة التي تلي المؤتمر ستكون أيام في غاية الصعوبة على أي معارض".
من جهته، تساءل أستاذ فلسفة القانون في جامعة الزقازيق، محمد نور فرحات، "عن أي نوع من الفوبيا يدعو الرئيس إعلامه إلى نشره: فوبيا الشعب من انهيار الدولة، أم فوبيا القائمين على السلطة من انهيار النظام؟"، مضيفاً في تغريدة على حسابه في موقع "فيسبوك": "الفوبيا مرض نفسي فهل هي دعوة لنشر الأمراض النفسية؟".

المساهمون