الانتخابات الرئاسية التونسية: دعوات لتوفير مناخات حرة ونزيهة

08 يوليو 2024
الانتخابات الرئاسية التونسية بالعاصمة، 13 أكتوبر 2019 (الشاذلي بن إبراهيم/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تأخر دعوة الناخبين والمناخ الانتخابي**: أكد سياسيون تونسيون أن دعوة الناخبين جاءت متأخرة ولكنها ضرورية، مشددين على أهمية مناخ انتخابي حر ونزيه بعيداً عن الملاحقات والمحاكمات، حيث يتسم المناخ الحالي بالخوف والترهيب.

- **ملاحقات واعتقالات المرشحين**: شهدت الفترة الأخيرة ملاحقات واعتقالات لمرشحين محتملين بتهم متنوعة، مما أثار انتقادات واعتبرها البعض محاولات لتصفية الخصوم السياسيين ومنعهم من الترشح.

- **مواقف الأحزاب السياسية**: عبرت عدة أحزاب عن تحفظاتها بشأن المناخ الانتخابي، مشيرة إلى ضرورة تحسينه لضمان انتخابات حرة ونزيهة، مع عدم تحديد بعض الأحزاب موقفها النهائي من المشاركة.

أكد سياسيون تونسيون أن صدور الأمر بدعوة الناخبين للمشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، خطوة متأخرة ولكنها ضرورية لإجراء الانتخابات في تونس. ورأوا أن الأهم هو توفير المناخ لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتمكين المرشحين من الحصول على الحظوظ نفسها بعيداً عن الملاحقات والمحاكمات. وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قد حدد الثلاثاء الماضي، السادس من أكتوبر المقبل موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية التونسية بعد طول انتظار. ولم تتضح بعد مواقف المعارضة بشكل واضح من قرار المشاركة في الانتخابات، في ظل التردد بين استغلال الفرصة لإنهاء حكم سعيد ديمقراطياً والمقاطعة. غير أن عراقيل عدة أمام المرشحين، مثل الملاحقات والمحاكمات. الأمر الذي وصفه البعض بمشروع معتقل لكل راغب في الترشح للرئاسيات ومنافسة قيس سعيد، مما خلق مناخاً من الخوف والترهيب.


وسام الصغير: كل مرشح رئاسي هو مشروع معتقل وسجين

ملاحقة مرشحين إلى الانتخابات الرئاسية التونسية

والأربعاء الماضي، ألقت قوات الأمن القبض على الأمين العام للاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، الذي أعلن نيته الترشح إلى الانتخابات الرئاسية التونسية وذلك بشبهة تبييض أموال. والمرايحي من معارضي قيس سعيد وعرف بنقده لتصريحات وبرامجه. كذلك أكد حزب العمل والإنجاز في بيان الثلاثاء الماضي، أن أمينه العام عبد اللطيف المكي تلقّى استدعاءً للحضور أمام قاضي التحقيق بصفته وزيراً للصحة بين عامي 2011 و2014، في 12 يوليو/تموز الحالي، وذلك في قضية رجل الأعمال الراحل، الجيلاني الدبوسي، الذي كان أحد رجال النظام قبل الثورة، وتوفي في السابع من مايو/أيار 2014 خلال فترة حكم الترويكا (ضمّت أحزاب حركة النهضة، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) بعد من خروجه السجن الذي قبع فيه منذ السابع من أكتوبر 2011.

وكان المكي عضواً في حكومة حمادي الجبالي في ديسمبر/كانون الأول 2011 وبقي مع حكومة علي العريض إلى غاية استقالتها في يناير/كانون الثاني 2014، أي أنه خرج منها قبل وفاة الدبوسي، بحسب تأكيد المكي. واستغرب المكي من دعوته إلى التحقيق بتهمة القتل العمد بينما لم تكن له أي علاقة بالراحل، معتبراً في فيديو نشره، أول من أمس الخميس، على صفحة حزبه على وسائل التواصل الاجتماعي، أن العملية كلها عبارة عن ملاحقات سياسية لمرشح رئاسي.

كذلك، تم اعتقال المرشحة إلى الانتخابات الرئاسية التونسية رئيسة الحزب الحر الدستوري عبير موسي، الموقوفة منذ شهر أكتوبر الماضي، بتهمة معالجة بيانات شخصية وعرقلة الحق في العمل والاعتداء بقصد إثارة الفوضى. واعتبر حزبها أن اعتقالها "هو محاولة من السلطة لاختلاق أسباب أو موانع قانونية لإزاحتها من المشاركة في الانتخابات التونسية الرئاسية المقررة في أكتوبر المقبل". كما بوشرت ملاحقة الوزير السابق قبل الثورة، منذر الزنايدي، في قضية فساد عائدة لعام 2011، وهو موجود حالياً خارج تونس، وأعلن الخميس الماضي، ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية التونسية رسمياً.

وطاولت الملاحقات الإعلامي، الناشط السياسي نزار الشعري، بسبب شبهة غسل أموال، ورئيسة حزب الجمهورية الثالثة، ألفة الحامدي، المرشحة للرئاسيات، بشبهة تبييض أموال. وقضى المجلس الجناحي لدى محكمة الناحية بتونس قبل أيام بالسجن مدة أربعة أشهر في حق الناشط السياسي الصافي سعيد، الذي أعلن ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة، بعدما سبق له الترشح لرئاسيات 2014. وملف سعيد متعلق بشكوى مرفوعة من هيئة الانتخابات لشبهة تدليس التزكيات الخاصة بالانتخابات الرئاسية لسنة 2014. وأعلن الحزب الجمهوري ترشيح أمينه العام المعتقل في قضية التآمر، عصام الشابي للانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة.


هشام العجبوني: المناخ ككل غير ملائم لإجراء انتخابات حرة

وقال المتحدث الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير، إن المكتب السياسي للحزب الجمهوري متمسك بترشيح أمينه العام، مع مواصلة الضغط لفرض مناخ انتخابي جيد وإطلاق سراح المساجين السياسيين. وأضاف الصغير في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "الدعوة للانتخابات جاءت بعد عدة أشواط من تصفية الخصوم والمرشحين، وآخرها ملاحقة رئيس حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي قضائياً، وبالتالي كل مرشح هو مشروع معتقل وسجين، وهذا الموعد هو مجرد خطوة في انتظار تنقية المناخ السياسي". ولفت الصغير إلى أن "وجود مرشحين ومعارضين في السجون وتسليط المرسوم 54 سيفا على الرقاب لا يمكن معه الحديث عن موعد ولا معنى لانتخابات، لأن الانتخابات الرئاسية التونسية ليست مجرد يوم بل مسار كامل يسبق الموعد، وللأسف الوضعية تتسم بالسوداوية". وأكد أنه "لا يمكن الحديث عن تساوي فرص ولا على مرشحين، فهناك سبعة مرشحين تقريباً ممن أعلنوا نيتهم الترشح، ملاحقون وأُثيرت ضدهم قضايا". وأوضح أن "لا مناخ تنافسياً ولا مؤشرات لانتخابات حرة، بل السلطة بيد شخص واحد، صحيح هناك إعلان ليوم انتخابات ولكن لا معنى له".

مناخ غير موآت للاستحقاق

من جهته، رأى القيادي في التيار الديمقراطي، هشام العجبوني، أن "صدور الأمر الرئاسي بدعوة الناخبين تأخر ولكن الأهم هو شروط الترشح والتزكيات، وهذا من المفروض أن يتم قبل دعوة الناخبين ولكن للأسف هيئة الانتخابات تتلكأ"، مبيناً أن "الدعوة جاءت متأخرة وسينظر مجلس التيار الديمقراطي في هذا الأمر". وأضاف العجبوني في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "المناخ ككل غير ملائم لإجراء انتخابات حرة، والهيئة العليا بدورها قدمت قضايا ضد شخصيات سياسية، وعدة مرشحين ملاحقين في ظل قضاء غير مستقل، فكيف ستجرى انتخابات في ظل عدد مهول من الملاحقات السياسية؟ وفي ظل الكثير من الضبابية؟ وبالتالي فإن المناخ لا يعتبر ملائماً". وكشف العجبوني أن "الإعلام العام غير تعددي، وعدة ظروف أخرى، ومنها المرسوم 54، تجعل الظروف غير واضحة، لأن كل المرشحين الجديين مطلوبون للتحقيق، منهم الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي، وعبد اللطيف المكي، وبالتالي فإن مجرد الإعلان عن موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية التونسية لن يغير موقف التيار الديمقراطي منها".

أكد عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة بلقاسم حسن في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "صدور هذا الأمر يدخل في إطار التحضير للانتخابات ولا يؤثر على الموقف منها"، موضحاً أنهم "كانوا يدركون أن الانتخابات ستحصل وسيتم تحديد موعد لها، ولكن تحديد موعد ليس حدثاً بل الأهم منه هو طبيعة الانتخابات وشروطها واحترام القانون وفسح المجال أمام المرشحين. وهو ما سيحدد الاستعداد للانتخابات ويقود إلى اجتماع هياكلهم في النهضة وجبهة الخلاص لبلورة موقف نهائي، وهو رهين مدى توفر شروط وضمانات الانتخابات أو لا". وأوضح أن "الجبهة والنهضة لم تحدد بعد مرشحها، بل أعلنت رفضها الترشح في مثل هذه الظروف فتوفر انتخابات ديمقراطية يعني الترشح وخلاف ذلك يعني عدم الترشح".