ما يجمع بوتين وترامب

26 ديسمبر 2016
مواقف ترامب تبدو وكأنها مفصلة على مقاس بوتين(مارك ماكيلا/Getty)
+ الخط -
توعد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الأمم المتحدة بأن "الأشياء ستتغير" بعد 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، في إشارة إلى تبنيه سياسات مختلفة تجاه المنظمة بعد تمريرها القرار 2334 الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي.
لا يمكن فصل مقولة "الأشياء ستتغير" بعد تولي ترامب السلطة في البيت الأبيض، عن سياق تقارب الرئيس الأميركي المنتخب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قام فور تمرير القرار بإعلان قطع بعض ما تدفعه إسرائيل لمنظمة الأمم المتحدة. ما يجمع عليه هؤلاء الثلاثة ببساطة هو تبنيهم أجندة مضادة لـ"الديمقراطية الليبرالية"، بما تتضمنه من مبادئ حول "حقوق الإنسان"، سواء أكانت هذه المبادئ نزيهة ومطبقة، أو مجرد ملحقات بالنظرية يدور حولها النقاش من دون أن تتجسد بصورة عادلة في السياسة الدولية.

لا يبدو أن ما يجمع ترامب وبوتين هو تخلي الأول عن مصالح الولايات المتحدة في العالم لصالح الثاني، ولا حتى في الحديث عن "سياسات انعزالية" ربما يتخذها ترامب ستتيح المجال لبوتين أن يملأ الفراغ. ما يجمعهم هو رفضهم لـ"الديمقراطية الليبرالية"، الأمر الذي يتجسد عبر إضعاف مؤسساتها.
بغض النظر عن الرأي، السلبي عموماً، في الأمم المتحدة أو حلف شمال الأطلسي أو الاتحاد الأوروبي، فإن هذه المؤسسات هي الممثلة للمنظومة الليبرالية الديمقراطية التي تبلورت خلال العقود القليلة الماضية. تلك المنظومة التي باتت مهددة اليوم مع صعود اليمين الوطني العنصري في دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
إسرائيل تعلم أن "الرعاية الأميركية" المقدمة لها ليست دائمة، فسيسرّها أن ترى منظمة قد تمثل تهديداً لسياساتها العنصرية والاستعمارية مستقبلاً، مثل الأمم المتحدة، تضعف وربما تتفكك. أما روسيا فلا جدال في الدوائر السياسية أن حلف شمال الأطلسي هو عدوها الأول من دون منازع، وبالتالي إضعاف الحلف سيكون خدمة لا تقدر بثمن بالنسبة لبوتين.
مواقف ترامب المتشككة حيال حلف شمال الأطلسي، وتهديداته للأمم المتحدة، تعطي مؤشراً على قناعاته المعادية للنظام العالمي القائم. تلك الأفكار التي تظهر في احتجاجاته على اتفاقيات التجارة الدولية، وعلى التمدد العسكري الأميركي حول العالم، وتعاطي الولايات المتحدة مع حلفائها. مواقف تبدو وكأنها مفصلة على مقاس بوتين تماماً.

المساهمون