خريطة طريق لبنانية فلسطينية لمواجهة "صفقة القرن"

19 فبراير 2020
دعا المجتمعون إلى التصدي لخطة الإملاءات (حسين بيضون)
+ الخط -
عرضت مجموعتا العمل اللبنانية والفلسطينية، اليوم الأربعاء، ما سمّته بـ"خريطة طريق عملانية" لمواجهة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، بالشراكة مع الفلسطينيين.

جاء ذلك خلال لقاء عقدته المجموعتان بالسراي الحكومي في بيروت، لبحث مخاطر "صفقة القرن" على القضية الفلسطينية والدول المضيفة، لا سيما طرح توطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المستضيفة ومنها لبنان.

وقال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة، لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء رسالة إلى المجتمع الدولي والعربي واللبناني، للعمل على منع التوطين مع التمسك بحق عودة الفلسطينيين"، مجدداً مطالبته بضرورة حصول اللاجئين على حقوقهم المدنية في لبنان، رافضاً ربط الحقوق مع المخاوف من التوطين.


مستويات أربعة

أصدر المجتمعون بياناً يشرح بشكل مفصل المستويات الأربعة التي تضمنتها خريطة العمل المشتركة، حيث تبدأ بالمستوى الدولي الذي يتلخص بحشد دعم الأسرة الدولية من خلال الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية لإقرار حق الفلسطينيين، إلى جانب استمرار دعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وزيادة الدعم وجعل خدماتها في تكامل بين الإغاثي – الإنساني والتمكيني – التنموي.

ويشير البيان إلى التمسك بحق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، إضافة إلى التأكيد على دور الأمم المتحدة في إدارة أي مفاوضات سلام جديّة على أساس قرارات الشرعية الدولية.

أما المستوى العربي، فيتضمن إطلاق دبلوماسيّة عامة ناشطة في عواصم القرار، بما يؤكّد على تبنّي حقوق الشعب الفلسطيني الكاملة وغير القابلة للتصرّف، مع التأكيد على الالتزام بمبادرة السلام العربية ورفض كل أشكال التطبيع.

وفي المستوى الفلسطيني، تشدد خريطة الطريق على توحيد الموقف والرؤية والمسار لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، وعلى ضرورة توسيع مساحة الرفض والمقاومة بمختلف أشكالها في فلسطين المحتلة لمشروع صفقة القرن وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وأخيراً، تشرح الخريطة دور لبنان بمحاربة "صفقة القرن"، عبر إطلاق مبادرة دبلوماسيّة عامة لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
ويدعو البيان إلى تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بما يقوّي مقوّمات صمودهم حتى العودة، انطلاقا من "وثيقة الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان".

خطر على لبنان

وأشار منيمنة إلى أن "لبنان يستشعر خطر الإعلان الأميركي عن صفقة القرن بالنظر إلى ما تتضمنه من بنود لتصفية القضية الفلسطينية بما فيها قضية اللاجئين، وإمكانية توطينهم في الدول المُضيفة". وأضاف أن هذا الخطر يجب مواجهته بوحدة الصف اللبناني الفلسطيني.

وأوضح أن "هذا الاجتماع جاء ليؤكد مجدداً على الرفض القاطع لبنانياً وفلسطينياً لكل هذه الطروحات، وعلى ضرورة التوصل إلى خطة عمل عملانية مشتركة أبعد من التضامن الكلامي تحدد أطراً واضحة لاستراتيجية مواجهة فعلية للمحاولات الأميركية والإسرائيلية".


خلاف فلسطيني

وتضم مجموعتا العمل من الجانب الفلسطيني ممثلين عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف الفلسطيني. وغاب عن اجتماع اليوم، كل من حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، والقوى الإسلامية الأخرى بما فيها "عصبة الأنصار" وحركة "أنصار الله"، كذلك غاب من الجانب اللبناني ممثل "حزب الله" علي فياض، لأسباب خاصة، بحسب مسؤولة الإعلام والتواصل في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني إيمان شمص، مؤكدة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مسودة البيان الختامي عرضت على جميع الجهات المشاركة في الحوار قبل لقاء اليوم، مبدية في الوقت نفسه استغرابها لعدم مشاركة حركة "حماس".

وتقول مصادر فلسطينية لـ"العربي الجديد"، إن "غياب بعض القوى الإسلامية يأتي في ظل خلافات حول التمثيل في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، لا سيما بعد صراع حركة فتح مع أنصار الله في مخيم المية ومية في نوفمبر/تشرين الثاني 2018".

من جهته، قال ممثل حركة "الجهاد الإسلامي" في لبنان إحسان عطايا، لـ"العربي الجديد"، إن حركته لم تتلقَ دعوة للمشاركة في اجتماع اليوم، لافتاً إلى أن عمل لجنة الحوار يتلخص بالشق الإنساني والحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين. واعتبر أن قضية بحجم "صفقة القرن كانت تفرض حضور جميع الفصائل الفلسطينية، للتأكيد على أهمية الهوية الفلسطينية ورفض التوطين".

وأوضح أن "قضايا التوطين، وحق العودة، هي قضايا سياسية، بينما عمل اللجنة هو إنساني حقوقي"، مشدداً على ضرورة دعوة جميع الفصائل الفلسطينية لبحث قضايا جوهرية وأساسية.

من جهة ثانية، كشفت مصادر فلسطينية لـ"العربي الجديد"، أن أحد فصائل "تحالف القوى الفلسطينية" طالب بانضمام "القوى الإسلامية" و"أنصار الله" إلى اللجنة اللبنانية الفلسطينية المشتركة، إلا أن الطلب رفض لأسباب لبنانية أولاً لجهة التعامل معها، وفلسطينياً ثانياً لجهة الموقف السياسي منها.

وكانت حركة "حماس" قد أصدرت في وقت سابق، اليوم، بياناً أعلنت فيه عدم مشاركتها، داعية في الوقت ذاته إلى ضرورة تمثيل كافة الأطر الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني خدمة للمصلحة اللبنانية الفلسطينية وتعزيزاً لروح الحوار.

وقال نائب المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان جهاد طه، في بيان، إن "حماس" علقت مشاركتها في لقاء اليوم للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بعد تجاهل تمثيل "القوى الإسلامية" و"أنصار الله" الذين هم جزء من "هيئة العمل الوطني الفلسطيني المشترك" ويحضرون لقاءاتها الدورية المركزية.

وشدد على أن "حماس حريصة على إنجاح عمل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ولهذا كانت قد أجرت سلسلة من الاتصالات قبل انعقاد اللقاء اليوم، الأربعاء، لتدارك ومعالجة هذه الإشكالية التي نأمل معالجتها في اللقاءات المقبلة".

في المقابل، أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية بياناً مضاداً، استغربت فيه خطوة "حماس" و"أنصار الله"، معتبرة ذلك "ضجيجاً وتشويشاً" على لقاء السراي الحكومي، داعية إلى الحوار داخل مجموعة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان.