كيف نواجه ظاهرة التغيير في بيئة الأعمال؟

08 فبراير 2016
التغيير المستمر في عمل المؤسسات (إيزرا باليه/ Getty)
+ الخط -
نتعامل يومياً مع التغيير. نخطط دائماً لمواجهته أو مجاراته في حياتنا اليومية... ولكن ما هو التغيير المنشود في عمل المؤسسات؟ وكيف على المديرين التعامل معه؟
التغيير هو التبديل الملموس الذي يطاول أجزاء وجوانب عمل المؤسسات. فقد يشمل التغيير تعديلاً في الهيكل التنظيمي أو في مجال التكنولوجيا المستخدمة، أو في ثقافة المؤسسات أو إجراءاتها وسياساتها. ويفرض التغيير على المؤسسات التأقلم مع وضع ما، أو يفرض المواجهة أو الهروب.

يشهد عالمنا المعاصر الكثير من التغييرات، منها: العولمة، التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، ظهور التكتلات الاقتصادية العالمية، تحديات اقتصاد المعرفة، النمو السكاني وتفاوت توزيع الدخل والثروات، وانقسام الدول بين غنية وفقيرة، بالإضافة إلى تلوث البيئة والتغير المناخي. تؤثر هذه التغييرات بنسب متفاوتة على بيئة عمل المؤسسات خاصة مع ظهور الشركات الكبرى متعددة الجنسية والعابرة للحدود. وللتغيير أهداف عديدة، فالهدف الأول هو الانتقال من الواقع الحالي إلى واقع مستقبلي، أي تجاوز حالٍ راهنة قد تكون جموداً والانتقال إلى حال أخرى. فالمؤسسة التي تشهد من حولها تطورات متسارعة في مجالات عديدة، لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي، كما لا يمكنها الهروب من التغيير، لأنها إذا فعلت تكون قد حكمت على نفسها بالانتهاء. فظاهرة التغيير ثابتة وإن اختلفت سرعتها عبر الزمن.
إن مواكبة التغيير معقدة وصعبة، ولكن حل المعضلة يكمن في وسيلة المؤسسة في التعرف على المتغيرات الممكن القيام بها، لكي تتجدد المؤسسة وتتجاوز الجمود. وقد لا يتحقق التغيير بالسرعة المطلوبة خاصة في حال كانت التغييرات المطلوبة تتجاوز قدرتها، أو لا تملك المؤسسة أي دور وإمكانية في ترشيد التغييرات أو التخفيف من تأثيراتها.
كما أن الهدف الآخر من التغيير يتعلق بمساره، وهنا يكمن سر ازدواجية مفهوم التغيير، فقد يفهم التغيير على أنه نافذة المستقبل الواعد والمشرق، أو أنه نافذة الوهم والخيال والظلام أي الدخول في المجهول.
إن تحديد مسار التغيير أمر مرغوب لدى المؤسسات في حال واجهت منافسة شديدة مما يفرض عليها بعض التغييرات.
قد يكون من الصحيح القول، إن المسار التغييري، هو لعبة المنافسة في هذا الزمن. فلا بد للمؤسسات من اللجوء إلى تطوير سلعها ومنتوجاتها لتتمايز عن سلع ومنتجات منافسيها. كما أن بعض المؤسسات تتبنى مساراً مغايراً على أساس تموضعها الجغرافي أو تفردها بسياسات معينة.

إذاً التغيير حاصل ودائم الوجود، لذلك يتطلب تخطيطاً مسبقاً، وفي بعض الحالات قد يحدث التغيير ويتبعه التخطيط المصمم للتعامل مع مجرياته. فالتغيير المخطط له، هو التغيير المصمم والمنفذ بطريقة منتظمة مدروسة.
من ناحية أخرى، تواجه المؤسسة التغيير غير المخطط له، أي الذي يحدث فجأة دون سابق إنذار، والذي يتطلب ردة فعل تواكب مضاعفاته والتعامل مع نتائجه. ويعتبر هذا التغيير مزعجا ومكلفا جداً.
يقع عبء مواجهة التغيير على المديرين، حيث يتطلب منهم معرفة أبرز المواضيع التي تتطلب تغييرات، كما يقع على عاتقهم المبادرة إلى التغيير ودراسة ردود الأفعال، ذلك أن المدير هو من يعرف أين يحصل التغيير.
وهنا فإن الرؤية تعتبر طريق المدير نحو المستقبل، ويتطلب ذلك إجراءات عديدة حتى تتوضح الرؤية، منها: التعريف بأعمال المؤسسة حالياً (حاضر المؤسسة)، تحديد اتجاهات المؤسسة المستقبلية، ويشمل ذلك التغييرات المستقبلية المطلوب القيام بها، بالإضافة إلى انتشار وتداول الرؤية الواضحة بين أعضاء المؤسسة.
تعتبر عملية التغيير، الانتقال من واقع الحال إلى واقع مستقبلي، ولتنفيذ هذه العملية مبادئ، أهمها: التدرج في إجراء التغيير (خطوة خطوة)، تكلفة التغيير مقابل تكلفة عدم إجرائه، معالجة ردود الأفعال واكتشاف أعراض ما بعد التغيير.
وبالعودة إلى سؤال الأساس، أين يحصل التغيير؟ فإن الإجابة تكمن في الأمور التالية: الهيكل التنظيمي، التكنولوجيا، الأفراد والموارد البشرية، الثقافة المؤسساتية. في نهاية القرن المنصرم ومطلع القرن الحالي، شملت هذه التغييرات جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورغم أنها لم تأت بمحض الصدفة بل أتت نتيجة قوى وعوامل محركة ودافعة وفاعلة. ولذا لا بد لنا من مواجهة التغيير والقيام بما يتوجب ويخدم المؤسسات سواء لحصد الإيجابيات أو تعطيل السلبيات.
(باحث وأكاديمي)

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للمعلومة أن تؤسس لنجاح المؤسسات؟ 
المساهمون