العربية بالمشاركة

16 ابريل 2017
مركز شارك... مدخل آخر لتعليم العربية في لندن(العربي الجديد)
+ الخط -

بعد سنوات على الهجرة من مصر إلى أوروبا، تخلّى الدكتور عمر يوسف عن التدريس في الجامعة بعد ما يزيد عن العشر سنوات، واعتبر مشروع تعليم اللغة العربية فيها غير نافع، وذلك بسبب وجود إشكاليات مترافقة، وأهمها النظر إليها من منظور استشراقي، وحصرها بما يُسمَّى بـ "Area Studies"، وهو منظور من الممكن أن نسمّيه بـ "الاستعماري أو القديم". وافتتح مركز "شارك" في منطقة هولبورن وسط العاصمة البريطانية لندن، تحت شعار "اللغة العربية من الأفضل مشاركتها لا تدريسها".


ويتساءل يوسف، في حديثه مع "العربي الجديد"، "لماذا تنحصر اللغة العربية في دراسات الدين أو السياسة أو الثقافة، والدراسات الكلاسيكية والبعيدة عن الحياة اليومية؟ على الرّغم من أنّها في آخر 20 أو 30 عاماً، ازدادت أهميّتها لتكون اللغة الرّابعة أو الخامسة في العالم، بعد أن أصبح العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط أكثر تأثيراً في السياسة وحقوق الإنسان".

ويتابع أنّ الاتحاد الأوروبي أضاف اللغة العربية إلى اللغات الاستراتيجية التي تضم الروسية والإنكليزية والفرنسية. لذلك يرى أنّه "ينبغي أن تحدث نقلة نوعية في التدريس، خصوصاً أن المدرسين غير مدرّبين على تدريس اللغة العربية كلغة ثانية أو لغة أجنبية".

ويردف يوسف "أمضيت حياتي في مهنة تدريس اللغة العربية". وينتقد أساليب تدريس العربية في الغرب قائلاً: "بات كلّ من هب ودب يدرّس العربية، حتى الجامعات تستعين أحياناً بأشخاص لغتهم الأم هي العربية بعد تدريبات بسيطة. ومعظم مدرسي اللغة العربية إمّا أشخاص حاصلون على شهادة في الإعلام أو في التجارة مع غياب أي شهادة في كيفية تعليم اللغات".


أعدّ عمر يوسف برامج للمدرسين أثناء تعليمه اللغة في جامعة "SOAS"، وأجرى دورة، كانت الأولى من نوعها في بريطانيا، للحصول على شهادة في تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية. وفي عام 2003، حين اقترح فكرة تدريس "العربية التواصلية"، في الجامعة، أثيرت أسئلة كثيرة حولها، نتيجة صعوبة فهم الناس لمصطلح التواصلية، الذي عنى أكثر من مجرّد التحدّث بها، ليشمل مصطلح الكفاءات التواصلية في اللغة.

شارك... تعليم اللغة بطريقة مختلفة في لندن(العربي الجديد) 

ويقول "إنّ العالم العربي والغربي على حد سواء، لا ينظر إلى اللغة العربية على أنّها لغة حيّة تتطوّر". وأكّد أنّه كان من السهل ملاحظة ذلك، أثناء وجوده في دول خليجية مثل دبي وقطر، للعمل على مشروع تدريب مدرسين في مدارس دولية، وخصوصاً تلك النظرة الدونية للغة العربية، من قبل البعض. ويقول "بدأنا هذا المشروع في سبتمبر/ أيلول 2016، واستغرقنا ستّة أشهر في التأسيس. ولدينا ما يزيد عن الـ 70 طالباً حالياً".

وبغية التعرّف إلى آراء طلاب "شارك" التقى "العربي الجديد" عدداً منهم، تراوحت أعمارهم بين العشرين والستين عاماً، وكانوا من إثنيات مختلفة.

قالت الطالبة جستينا (26 عاماً) من قبرص، إنّ اهتمامها بالثقافة العربية التي تقترب من ثقافة بلادها برأيها، دفعها إلى تعلّم اللغة العربية. وعن تجربتها القصيرة في المركز، تشعر بأنّها اكتسبت الكثير، لأنّ أساليب التعليم المتبعة أكثر تواصلاً، ولا تركّز على الكتابة والقراءة بل يتشاركون مواضيع باللغة المحكية بشكل أكبر.

أمّا الطالب توماس، الكندي الأصل، الذي يقارب الستين من العمر، فقال إنّ عمله كمهندس مع زبائن عرب من الخليج، دفعه إلى دراسة اللغة العربية. وأشار إلى أنّه درس العربية في الجامعة سابقاً لكن بأساليب كلاسيكية. وتابع أنّه أمضى سنتين في البحث عن مكان جيّد لدراسة العربية، حتى وجد "شارك".

بدوره، يعتقد سلمان، طالب باكستاني، أنّ الاستماع إلى اللغة العربية وفهمها، أسهل من التحدّث بها. وسلمان متزوج من سعودية، لذلك قد يساعده الحوار في المنزل على تعلّم بعض المفردات لكنّه يبقى محصوراً في نطاق معين، يقول سلمان، بينما في المركز يناقشون مواضيع مختلفة. ويرى أنّ "شارك" تهدف إلى تعليم الطلاب التواصل والحوار أكثر من التركيز على الكتابة.
كذلك، قال الطالب مصطفى (20 عاماً)، مصري مولود في بريطانيا، إنّه درس اللغة العربية منذ أربعة أعوام، حين قدّم امتحانات الدولة في المدرسة التي تعرف باسم الـ "A Levels"، وسيلتحق بمركز "شارك"، عقب الانتهاء من تقديم اختبارات الجامعة، لأنّه يعتقد أنّ تقنيات التعليم فيه متميّزة لا تنفّر الطلاّب بل تجذبهم لتعلّم اللغة.

ويقدّم مركز "شارك" دورات تدريس اللغة العربية لاختبارات الطيران والسياحة وإدارة الأعمال والقانون، وحقوق الإنسان والدبلوماسية والإعلام. ويوفّر أيضاً، خدمة التعليم عبر الإنترنت.


من جهته، قال نيك بيلبروه، مدرب المدرسين في "شارك"، وخبير في تدريس تقنيات التعليم، لـ "العربي الجديد"، إنّه يستخدم الدراما ورواية القصص، والأغاني أو الأناشيد، والكثير من التقنيات الحديثة التي تساهم في مشاركة اللغة بسلاسة مع الطلاّب لاكتسابها من دون فرضها. ولفت إلى أنّ الجامعات في مختلف دول العالم، تركّز على مدى معرفة وإلمام المدرّس باللغة، ونتيجة لذلك يفشل معظمهم داخل الصفوف في التواصل مع الطلاب. وأكمل أنّ الرسالة التي ينبغي أن يحملها المدرّس، هي أن تعلّم اللغة يعني التواصل والمشاركة، وذلك يحدث حين نستخدمها للحديث عن أمور تهمنا.

وللإشارة، فإن مدرّسي "شارك" يتدرّبون بشكل دائم، على طرق حديثة، ويزور المركز شهرياً خبراء. أحدها كانت زيارة جيمي كيدي، كاتب ومدرّس لغة انكليزية، في شهر فبراير/ شباط، الذي درّب على كيفية اكتساب اللغة عبر إعداد فيديو، في زمن أصبح كل منّا مخرج فيديو.

دلالات
المساهمون