نيران صديقة في مصر..4 وقائع موثقة لضحايا الجيش والشرطة

15 سبتمبر 2015
+ الخط -

لم تكن مجموعة من السياح المكسيكيين، القادمين إلى مصر، تتوقع أن حياتهم ستنتهي على يد طائرات عسكرية مصرية، لتتحول قصة النهاية إلى هاشتاغ انتشر مساء الأحد الماضي، على موقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، في مصر.

يبرّئ الهاشتاغ ومن شاركوا فيه، السياح المكسييكيين ومرافقيهم المصريين من تهمة الإرهاب، التي سارعت وسائل إعلام مصرية إلى لصقها بهم، حتى أنها تحدثت عن ضبط أوراق لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في أغراض تخص القتلى الــ 12 المكسيكيين والمصريين، الذين راحوا ضحية رحلة سفاري على طريق الواحات البحرية بالصحراء الغربية.

فور بث وسائل الإعلام المصرية، لرواية أمنية تتهم القتلى بأنهم أعضاء في داعش، انتشر هاشتاغ #عوض_الجيش_قتله، كالنار في الهشيم، إذ عرض الهاشتاغ رواية أخرى أكدت  استهداف الفوج السياحي والذي ضم المرشد السياحي "عوض" بواسطة طائرات الإباتشي عند الكيلو 260 من طريق الواحات.

عقب انتشار الهاشتاج، وانتشار الرواية غير الرسمية بالإضافة إلي وجود جنسيات أجنبية بين ضحايا الحادث، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانا قالت فيه "أثناء قيام قوات مشتركة من الشرطة والقوات المسلحة بملاحقة بعض العناصر الإرهابية بمنطقة الواحات بالصحراء الغربية، تم التعامل بطريق الخطأ مع أربع سيارات ذات دفع رباعي، وتبين أنها خاصة بفوج سياحي مكسيكي بذات المنطقة المحظورة".

بيان وزارة الداخلية الذي اعترف بواقعة القتل الخطأ، أعقبته تصريحات رسمية تحمّل الشركة المنظمة للرحلة المسؤولية، باتهامها بعدم الحصول على تصاريح رسمية، وكذلك بأن الفوج دخل إلى منطقة محظورة، وهو ما نفته رشا نصر مديرة شركة "ويندوز أوف إيجيبت" المنظمة للرحلة، وقد أرفقت نفيها بصورة عن تصريح شرطة السياحة، مع تأكيدها عدم خروج الرحلة عن الطريق المتعارف عليه.

اقرأ أيضا: إجبار مدنيين على التعاون مع الشرطة المصرية..القتل يلاحقهم

نقابة المرشدين السياحيين تنشر الموافقة الأمنية الصادرة من فوج "الصحراء الغربية" 


ليست الواقعة الأولى

واقعة الفوج السياحي لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبقتها وقائع أخرى، كان أشهرها واقعة "كمين الساحل"، (بين مارينا والعلمين شمالي مصر)، حيث لقي أربعة مصرعهم بينهم أحد ضباط كتائب القذافي وابن عمه، بالإضافة إلى مواطنين مصريين من أبناء قبيلة العقاري في أغسطس/آب من العام الماضي، لتشابه سيارتهم مع سيارة لعناصر إرهابية، وقد نشرت الصحف المصرية على مدار يوم كامل روايات مصادر أمنية عن أن الضحايا الأربعة هم عناصر إرهابية، إلا أن جريدة الأهرام المصرية نشرت على لسان عضو مجلس الشعب الأسبق ناصر العقاري وابن عم أحد الضحايا، الرواية الأصلية والتي مفادها أن القتلى سقطوا جراء نيران قوات الشرطة لتشابه سيارتهم مع سيارات عناصر غرهابية كانت تُطارد، وهي الرواية التي تم تأكيدها في "مؤتمر قبائل مطروح" الذي جرى في السادس من أغسطس/آب من العام الماضي، على لسان العقيد معتصم زهران، مسؤول شؤون القبائل في مكتب المخابرات الحربية بمطروح.

اقرأ أيضا: مؤشرات الحرب الأهلية في مصر

سيناء النصيب الأكبر

من غرب مصر إلى شرقها، حيث تُجري القوات المسلحة والشرطة المصرية عمليات عسكرية ضد عناصر تنظيم ولاية سيناء، الذي نفذ عدة عمليات إرهابية، أسفرت هذه العمليات عن عدة وقائع لقتل مواطنين مصريين بالخطأ.

وفقا لما وثقه "العربي الجديد" عبر مصادره ورصده، لم يتم الاعتراف بوقائع القتل الخطأ في سيناء فقط، واكتفت السلطات ببيانات رسمية تقول إنها قامت بتصفية عدد من العناصر الإرهابية، وكان منها ما جرى في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي إذ قتل 10 من أسرة واحدة إثر سقوط صاروخ على منزلهم عن طريق الخطأ، وقتها قالت الرواية الرسمية الأولى أنه جرى استهداف أحد المنازل حيث يحتمي عناصر تنظيم ولاية سيناء، إلا أنه بعد تداول الرواية الأصلية بأن المنزل الواقع بالقرب من مدينة رفح، هو لمواطنين عاديين تم الاعتراف بسقوط الصاروخ على المنزل عن طريق الخطأ بعد استهداف مقر الاستخبارات الواقع جنوب العريش.

في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، قُتل مواطن بنيران الجيش والشرطة في العريش، وذلك أثناء هجوم قوات الأمن المشتركة من القوات المسلحة والشرطة على أعضاء تنظيم "ولاية سيناء"، وتصفية عنصرين، في مواجهات تمت بين الأمن وبؤرة إرهابية، جنوب مدينة الشيخ زويد شمالي سيناء، وقد تحدثت الرواية الأولى عن مقتل ثلاثة إرهابيين، إلا أن تداول قصة المواطن المغدور على مواقع التواصل الاجتماعي دفع السلطة إلى تعديل الرواية في بيانها الرسمي.

اقرأ أيضا: بالفيديو.. "السوري الحر" يكشف اختراق الشبيحة

التعويضات القانونية

من جانبه، قال ناصر أمين مدير مكتب الشكاوى في المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن من حق ذوي ضحايا حوادث القتل الخطأ إقامة دعاوى قضائية ضد وزير الدفاع أو وزير الداخلية للحصول على تعويضات جراء الضرر المادي والمعنوي.

وأضاف أمين، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "إن القاعدة القانونية تنص على أن أي شخص تسبب بضرر للغير، عليه أن يعوضه بصورة قانونية عما لحق به، وهي القاعدة التي تنطبق على أي جهة حكومية، ومنها وزارة الدفاع، وكذلك وزارة الداخلية، مشيراً إلى أن الدعاوى المماثلة تقام أمام القضاء المدني أو الإداري".

وأضاف "توجد إمكانية لتحويل الدعاوى من المحكمة إلى القضاء العسكري في حالة اختصام وزارة الدفاع، وفي حالة رفض المحكمة قبول الدعوى فمن حق المدعي صاحب الجنسية الأجنبية إقامة الدعوى أمام قضاء بلاده، وهو ما لا يحق للمصريين".

وأعرب أمين عن استعداده لتقديم الدعم القانوني لأي شخص تعرض هو أو ذووه لمثل هذه الحوادث أمام المحاكم المصرية.

اقرأ أيضا: التجنيد الإجباري في مصر.. الخدمة في صالات الأفراح

غياب البيان الرسمي

من جانبه، حمل الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، السلطات مسؤولية البيانات المكذوبة، قائلاً "في الحالات المماثلة يجب على السلطات الإسراع في إصدار بيان رسمي عن الواقعة، وفي حالة تأخر هذا البيان، فإن الاخبار المضللة ستنتشر، خاصة مع تدني المهنية في الإعلام المصري وتراجعه، ولعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في نشر الأخبار سواء الصحيحة أو المكذوبة".

وأضاف عبد العزيز، لـ"العربي الجديد" أن حقوق الضحايا "معلومة بالضرورة، وهي عدم نشر صور تسيء للضحايا، وألا يكون الإعلام مصدر إبلاغ ذوي الضحايا بالخبر، بالإضافة إلى عدم نشر صور تمس مشاعر ذوي الضحايا، أما عدم نشر أخبار مكذوبة، فهو قاعدة عامة تنطبق على الضحايا والمتهمين".

اقرأ أيضا: إمبراطورية الجيش المصري.. كيف توسّعت القدرات المالية بعد الانقلاب؟

خبير أمني: الخطأ وارد

من جانبه، قال اللواء فاروق المقرحي، الخبير الأمني، إن احتمال حدوث الخطأ ورادة في حالة الحرب على الإرهاب، مشيراً إلى أن مصر تشهد حرباً غير مسبوقة من العناصر والكيانات الإرهابية.

يضيف المقرحي، في تصريحات خاصة إلى "العربي الجديد"، أن كل جيوش العالم أصابت أهدافاً بالخطأ في حروبها، وهو ما جري مثلاً في العراق وأفغانستان. وأشار المقرحي إلى أن حالة ضحايا القتل الخطأ في العلمين، كان لها وضع خاص، إذ تم الهجوم على الكمين بسيارة مشابهة، بعدها جاء بلاغ لقوات الأمن باستهداف الكمين، وأن عربة المنفذين انتقلت إلى الطريق المعاكس، ولسوء حظ الضحايا كانوا في الطريق نفسه، ويستقلون سيارة تحمل نفس المواصفات. واتهم المقرحي شركة السياحة بسوء التنسيق مع قوات الشرطة المحلية، وكذلك القوات المسلحة الموجودة بالمنطقة.