عمّال لامرئيّون

04 يونيو 2016
(الشاعر)
+ الخط -

السبع صنائع
الذين يقدِّمون أنفسهم
على أنهم أصحاب "السبع صنايع"
ضالعون
بإصلاح الأشياء بشكلٍ منقوص
يتعاقدون بنفس الطريقة
على إصلاح تسريبات المياه
أو التماسّ الكهربائيّ

لكن الذي يتعامل يومياً مع أدوات البناء
يسكنه حلمٌ
يتخيّل الأبواب والجدران
الدهان والأسلاك
التي يركبُّها بنفسه
في بيته الخاص

يعلم الكمّيات التي يحتاجها
ويخطر على باله
أن يوفّر أُجرة اليد العاملة

يحلم للحظة
أنّ كلّ ما يعرفه
سيسعفه يوماً
لمصلحته الخاصة.


صانع الزجاج
لهب نافخ النار
سيصيبه بالعماء
يشجِّع نفسه على ترك العمل
إذ قد يفقد الرؤية
على نار هادئة
تنتظره غرفة مظلمة
كان بورخيس يسميها صفراء،

بأي قوّة يتمسَّك في هذه المأساة
إن لم يكن ما يطمح له، تحفة؟
رسومه الصغيرة الملوّنة
لا تعرض في المزادات
بل في الواجهات الزجاجية
والزوايا

أتراه مفتون
بالنيران الحمقاء،
سبب كلِّ صناعة؟

يتزايد كلّ لحظة
التدرّج في عدساته
حينما يغيّر النظارات
يذيب زجاج النظارات القديمة
ويستخدمه في رسم المناظر الطبيعية

يواصل العمل حتى ينغرس الزجاج
في أحشائه
عيناه أيضاً
أصبحتا زجاجاً
إحداها ما عادت تنفع
لأيِّ منظر طبيعي.


العامل
حينما نجتمعُ في الاستراحة
جميع الموجودين
لا أحلام لنا
لا أحد يقدِّر أعمالنا
لا ندبِّر لبعضنا المكائد من أجل الترقيات
لا خوف من السقوط
لأن جميعنا في القاع

للمرَّة الأولى
ندين بالكثير
للأيادي
لا للأصدقاء
ولا للشهادة

يصبح للعالم
شفافية ما
يصبح بسيطاً
اعتياديّاً
ويهذي وحيداً
تحت كشّافات الضوء المزعج
المنتشرة
في مستودعات الأقمشة.


جامع القمامة
يطَّلع على فظاعات المنازل
يعرف المريض فيها
من علب الأدوية
يعرف إن ارتُكبت
رذيلة ما
من المواد المتبقية

يكتسب أذواق الآخرين
يستفيد من آخر قطعة
في المرطبانات
ويعتاد على تقبّل التغيّرات في أذواقهم
يعلم متى يتوقَّفون عن أكل طبقٍ مفضّلٍ
حينما لا يجد الفراولة
في قاع الكؤوس

لو يراه الناس
بعيون مشمئزة
لأراد أن يتوقَّف
شارحاً لهم
أنَّه لا يوجد فرقٌ كبير
لا بالطعم ولا بالنوع
بين كيس المايونيز الكامل
والنفاية في القاع
وأن الأمر السيئ فعلاً
هو
فروقات أخرى


المتنكِّر لأسباب دعائيَّة
إن تعثّر
تعذَر عليه النهوض
وتحوّل لسلحفاة أُلقيت على ظهرها
على المارَّة أن يساعدوه
المارَّة المعجبين بالتنكّر

نعلم أنَّه
يرانا من فم الدمية
أرأيتم كيف نبتسم
لعيونٍ من كارتون؟

تصله مشاعر ودودة
لم تكن موجَّهةً لآدميين

يودُّ لو كان طوله
على مستوى عيون الدمية
وأن يتلقَّى شخصيّاً
دماثة تلويحاتنا.


سائق الشاحنة
يُقال إنَّهم أصبحوا روائيين عظماء
وقد بدأوا حياتهم مساعدين لسائقي الشاحنات

أموات كثر
في رقبة هؤلاء المساعدين المزيَّفين
الذين يدَّعون أنَّهم
حكَّاؤون طيِّبون
لكنهم يجهلون أنَّ الحياة
تتوَّقف على حكاية.

اللامرئيُّون
من يهمُّهم أمرُ:
ترميم نصب تذكاري
رشّ المدينة بالمبيدات الحشرية
التأكد من دمغ البطاقات بالأحمر
الإشراف على مستويات الكلور
تعيير المقاومات في الدبابات
وضمان ألا تتوقف عن العمل
تثبيت مسامير المجاميع

...

شكراً.

* Miguel Maldonado شاعر مكسيكي من مواليد مدينة بويبلا عام 1976. من أعماله الشعرية: "قصائد السِّحر الحالي"، "الجسد الخاص"، "القلعة"، "الوظائف الجيّدة"، "توقيف"، "420 ضربة".

** ترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة

المساهمون