أقنعة منتحلة

05 ابريل 2017
جورج بيلوني/ سورية
+ الخط -

لا أحد يستطيع اليوم الحديث بجدّية عن كون الدعوات الفكرية والدينية الكبرى في التاريخ كانت لشعبٍ دون آخر، ولا كانت فنـون الحضارة من أجل مجتمع دون آخر. ولا نعتقـد أن القدماء، الذين يصبحون أصدقاءنا كلّما نضجـنا أكثر، لم يدركوا المغزى الحقيقي لهذه الدعوات التي أقامت حضارات متنوعـة من أجل الكل الأكبر، أي الإنسانية.

صحيح أن أهل الحروب، أباطرةً وقراصنةً، صنعـوا من أنفسهم أو صنع منهم المغفلون أبطـالاً، إلاّ أن الأبطال الحقيقيين ليسوا هـؤلاء بالتأكيد رغم ضجيجهم، بل هم أولئك الذين مجّـدوا الحيـاة الإنسانية المشتركة، أو الهوية الكبرى التي يجد فيها كـل واحـد منـا شيئاً من هويته وتجـد فيـه هذه الهويات شيئاً من هويتها.

عندما نقوم على سبيل المثال لا الحصر بتجريد مصطلـح كالعولمة من قناعـه المنتحـل، نكتشف تحتـه الوجه البشع للاستعمـار الغربي الذي لم تعرفه البشرية إلاّ مع اندفاع الغـرب في القرن السادس عشر لهـدم مقومـات وجود الآخـر (في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية).

هذا الانتحال وغيره لا يجب أن يجعلنا نضع الغربي في خندق، والعربي أو الأفريقي في خنـدق مقابل، بل يجب أن يجعلنا نبحث عن الأصل الذي انتـحلته هذه القوى الأستعمارية، عن "العولمة" بوصفها أسـاساً أنطولوجياً أيضا لوجود البشر وقوام حضـاراتهم.

المساهمون