جاك لومبار.. الشجرة الزرقاء وحروفها

11 يوليو 2018
(من المعرض)
+ الخط -

بعنوان "الشجرة الزرقاء"، تحتضن "غاليري دار الصويري" منذ الرابع من الشهر الجاري، وحتى 14 منه، مجموعة أعمال للتشكيلي الفرنسي جاك لومبار، المقيم منذ سنوات في تونس، وقد يجد متابعه -على الأقل في معارضه التونسية العديدة- بعض التغيّرات حيث دخلت تفاصيل بصرية نجدها في الأزياء والمعمار المغربيين إلى لوحته المعتمدة بشكل رئيسي على فن الخط العربي، ما يمثّل حالة نادرة لدى الفنانين الغربيين، حيث إن استعمالات الحرف العربي تقتصر عادة على توظيف جزئي.

يمكن اعتبار دخول عناصر مغربية مجرّد مؤثرات فنية يمكن أن تطاول لوحة أي فنان حتى ولو كان بعيداً عن الإطار المكاني الذي تعود إليه هذه العناصر. لكن تصريح لومبار بأنه قرّر الاستقرار في المغرب يشير إلى وجود نوع من "الاستثمار" الفني في العنصر البصري المغربي.

تحضر في المعرض 22 لوحة تقدّم رؤية لومبار لفن الخط العربي بتنويعات شتى. عن سبب هذا "الولع" بالخط العربي، يقول التشيكيلي الفرنسي في حديث إلى "العربي الجديد": "في الحقيقة، ما أوصلني إلى الحروفيات العربية هو اهتمامي طول مسيرتي بالخط، سواء كان لأجل كتابة كلمة أو من أجل رسم أي شيء. الخط بالنسبة لي هو أساس الفكرة التشكيلية عامة".

يتابع قائلاً: "مع اطلاعي على مدارس الخط، جذبني النموذج العربي وخصوصاً في جانبين: الأول هو الخط الكوفي والذي يحوّل نصاً إلى معمار بصري، والثاني هو جماليات الكتابة باليد في العربية، وقد انتبهت إلى ذلك من خلال مقارنات مع الكتابة الطباعية، حيث توجد مرونة في الخط العربي ينتج منها ممكنات غير قابلة للحصر للعبارة الواحدة".

يرى لومبار أنه يمكن اعتبار "فن الخط فناً أساسياً، مثل فن المشاهد الطبيعية، أو فن رسم الأجساد، وبالإضافة إلى ذلك هناك مسحة من القداسة التي تلهمني". يشير أيضاً إلى إعجابه بتنوّع أدوات تنفيذ الخط العربي، فمثلاً تتوزّع لوحات المعرض بين أعمال مؤداة بالقلم وأخرى بالفرشاة، وثالثة بالريشة.

بدأت علاقة لومبار مع الحروف العربية منذ 15 عاماً، حين تعرّف على الخطاط العراقي حسن المسعود وتعلّم على يديه الكثير من تقنيات الخط العربي، وبعد ذلك بسنوات قرّر الانغماس أكثر في التجربة حين استقر في ضاحية سيدي بوسعيد بالقرب من تونس العاصمة، ويبدو أن قراره بالاستقرار في الصويرة يندرج ضمن محاولة تنويع هذه الرؤية للفن الحروفي.

سألنا لومبار إن كان يعتمد على معرفة باللغة العربية وهو يمارس فنه، يجيب "لا أعرف العربية، سوى بعض العبارات التي أستعملها في الحياة اليومية، لذلك فإن خياراتي تعتمد إما على نصوص أو كلمات أعرف معناها لتوفّر ترجمة لها، أو أني أطلب ترجمتها من أحد معارفي". يضيف: "لعل من عناصر متعة هذا الفن أننا يمكن أن نمارسه بغض النظر عن معرفة اللغة".

وحول قرار انتقاله من تونس إلى المغرب، يردّ قائلاً: "هناك سببان على الأقل؛ الأول يتعلق برغبة في معرفة المغرب أكثر. أما ثاني الأسباب، فيتعلّق بكوني أجد فضاء الفن التشكيلي أكثر اتساعاً في المغرب، حيث تتعدّد المعارض وهناك غاليريهات أكثر استقراراً واجتهاداً خصوصاً في مراكش وفي الرباط".

المساهمون