مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سورية عام 2011، سارع العديد من الكتّاب والفنّانين إلى تقديم إبداعاتهم التي تناولت ثيمات عدّة؛ مقاربة الوسائل التي عبّر عنها المتظاهرون خلال السنوات الأولى وتصوير مختلف أشكال الانتهاكات التي تعرّضوا إليها، وتبنّي شعاراتهم ومضامينها التي تنشد الحرية والعدالة وبناء دولة ديمقراطية متعدّدة تحترم كرامة أبنائها.
بعد حوالي عامين، أُطلق في بيروت مشروع "الذاكرة الإبداعية للثورة السورية" الذي بدأ بتوثيق مئتي مادة متنوّعة بين لوحات فنية ورسومات كاريكاتيرية وصور فوتوغرافية وكتب ووثائق وأفلام فيديو وتسجيلات موسيقية وأعمال مسرحية ضُمّنت في موقع إلكتروني يحمل الاسم ذاته، بهدف "توثيق كل أشكال التعبير الفنية والفكرية في زمن الثورة".
يضمّ الموقع، اليوم، أكثر من سبعة وعشرين ألف مادّة باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، تتضمن كلّ وثيقة معلومات شاملة عن العمل الفني: مكان الإنتاج وتاريخه وملكيّته، وأُضيفت إليها شروحات لفهم سياقه الزماني والمكاني، لتسهيل عملية البحث عنه.
في عام 2016، استضافت مدينة بوردو الفرنسية معرضاً يضمّ الأرشيف الذي جرى جمعه ضمن المشروع، لينتقل بعدها إلى عدّة مدن داخل فرنسا، إلى جانب عرض جزء منه في "جامعة ديوك" في الولايات المتّحدة، قبل أن ينتقل في السادس من الشهر الجاري إلى مركز "غودستوك" في مدينة مانشستر البريطانية، حيث يتواصل حتى الحادي والثلاثين منه.
يضمّ المعرض مجموعة من الدراسات التي أجريت حول الأزمة السورية، منها دراسة ميدانية بعنوان "ثلاث سنوات على التدخل الروسي"، قامت بها مجموعة "الدفاع المدني السوري" المعروفة باسم "الخوذ البيضاء"، و"الكناعيص: شهادات من سجون تنظيم الدولة في سوريا" لـ خليفة الخضر، و"عملية قيصر: في قلب آلة الموت السورية" لـ غارانس لوكيزن بترجمة أنس عيسى، و"أخوة السلاح - مذكّرات الحرب السورية" لـ مروان هشام ومولي كرابابل.
ويُقدّم أيضاً قرابة أربعمئة مادة سينمائية، مثل فيلم "يوم أضعتُ ظلّي" للمخرجة سؤدد كعدان التي تتناول قصّة صيدلانية وابنها تدور صباحَ يوم تنقطع فيه كالعادة المياه والتيار الكهربائي، حيث تتحوّل الحياة إلى كابوس مريع يُهدّد المرء بفقدان أمنه وسلامته وحياته، و"طعم الإسمنت" للمخرج زياد كلثوم الذي يرصد يوميات عمّال البناء السوريّين في بيروت.
من بين الفنّانين الذين تُعرض رسوماتهم منحوتاتهم: همام السيد، ونهاد ترك، وريم يسوف، وياسر صافي، ورندا مداح، وكيفورك مراد، ومحمد عمران، وإسماعيل رفاعي، وطارق بطيحي، وبشار العيسى، وعمران يونس، وعتاب حريب، وديما نشاوي، وغزوان عساف، ومهند عرابي، وبارا عيسى وأنس سلامة، ومحمد سيدا، وعدي أتاسي، إلى جانب أعمال غرافيتية لبلال موسى، وعزيز الأسمر، وعبد الفتاح مرزوق، وهادي العبد الله، وعلي قعدوني، ومحمد القابوني، وحليم كاوا، وفراس مشهدي.