"تبيّن" 32: حفريات في الفلسفة والتاريخ

صدر حديثاً العدد الثاني والثلاثون (نيسان/ أبريل 2020) من الدورية المحكّمة "تبيُّن" للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية، التي يُصدرها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، وتناول ظواهر متعدّدة مثل مثل السببية والحتمية عبر التاريخ، والسلفية، والإرهاب.

اشتمل العدد على دراسة بعنوان "نقد تصوّر المتكلّمين والمشّائين للزمان عند فخر الدين الرازي" لـ محمد الصادقي، والتي تبيّن كيف جمع الفيلسوف المسلم (1149 – 1210) في تصوّره الزمان بين الاعتراف بوجوده والقول بحدوث العالم من جهة، وكيف جمع بين الشعور بالزمان والحركة، من دون أن يُرجع وجوده إلى الحركة، كما فعل المشاؤون من جهة أخرى.

"مفهوما السببية والحتمية بين ابن رشد وسبينوزا" عنوان دراسة بلال البازي، حيث ترصد الامتداد الرشدي في النسق السبينوزي، والدور المهم الذي أدّته الرشدية اللاتينية في هذا الامتداد، حيث احتضنت المفاهيم الأرسطية والرشدية التي وصلت إلى الفترة الحديثة.

أما دراسة رشيد بوطيب، فحملت عنوان "انحرافات باسم العقل: مساهمة في نطرية نقدية للإرهاب"، انطلاقاً من فرضية تقول إن هذا الإرهاب هو من طبيعة موضوعية، يرتبط في الصميم بالحداثة وانحرافاتها، بكينونتها الخاطئة وسياساتها في الهيمنة والتوسّع، أكثر من ارتباطه بالدين أو الثقافة الإسلامية.

ويسعى زهير سوكاح في دراسته "حفريات في الذاكرة السلفية ومتخيّلاتها" إلى إبراز ومناقشة جوانب مهمة من طبيعة الاستذكار المؤدلج ووظيفته كما عالجها كتاب "في الإجابة عن سؤال: ما السلفية" (2018) للمفكر العربي عزمي بشارة، والذي يضمّ بين دفتيه حفريات في ذاكرة الظاهرة السلفية بتنويعاتها المتباينة، في محاولة بينتخصّصية لتقديم فهم دقيق للظاهرة بوصفها استناداً مؤدلجاً لماض متخيّل، يبرز فيه الفعل السلفي من كونه فعلاً استذكارياً.

من جهته، يقدّم رائد السمهوري في باب "مراجعات وعروض كتب"، قراءة في الكتاب نفسه، يشير فيها إلى أن مثل هذا من النوع من الدراسات الذي يضع الأفكار في التاريخ، وهو ما جرى عليه عزمي بشارة، الذي ينتقد النظرة السائدة تجاه السلفية، التي تحيلها إلى "مجموعة أفكار متجانسة، وصلدة متماسكة"، غير أن الواقع، كما يؤكّد، أنها "سلفيات" لا سلفية واحدة، وأنها ذات اتجاهات متعدّدة، ومدارس مختلفة، في تحليله لتطوّرها ضمن مسار تاريخي ودراستها سياسياً واجتماعياً.

كما يعرض إدريس الخضراوي كتاب "فالتر بنيامين: تراكيب نقدية" لـ غريم غيلوتش، الصادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بترجمة مريم عيسى، باعتباره من أهمّ الدراسات الفكرية التي تضيء تعاظم العقل الأداتي والسيطرة التكنولوجية والرأسمالية المتوحّشة.