توّجهت أنظار العالم إلى السودان منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية مطلع العام الجاري في مدنه، والتي قادت إلى رحيل رأس النظام وبدء عملية انتقال ديمقراطي تسير ببطء ولا يمكن التنبوء بمسارها، وبالرغم أن البلاد تعرّضت خلال العقود الثلاث الأخيرة إلى حروب وصراعات داخلية وتقسيم، إلا أنها لم تنل هذ الاهتمام من قبل.
في جغرافيا كانت تصل إلى نحو مليوني ونصف كيلو متربع قبل انفصال جنوبها وتشكيله دول مستقلة عام 2011، تعيش أعراق وثقافات متنوعة؛ عربية ونوبية وأفريقية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الجذور الأفريقية متعدّدة أيضاً بمكوّناتها وتقاليدها.
"السودان المعاد روايته" عنوان الكتاب الذي يُنظَّم حفل إطلاقه عند السابعة من مساء اليوم الثلاثاء في فضاء "سافي المعاصر: ملتقى تشكيل الأفكار" في برلين، ويتحدّث خلاله كلّ من الباحثة الألمانية لاريسا ديانا- فورمان، ورسام الكاركاتير خالد ود البيه، والفنانة دار النعيم مبارك والفنان يوسف الأمين الخير من السودان.
وُضع عنوان فرعي للمؤلَّف المنشور بالعربية والإنكليزية والألمانية هو "كتاب فني عن تاريخ ومستقبل السودان"، وشارك في إعداده مجموعة مؤلّفين بهدف "تقديم رؤى حول الجوانب المتنوعة للبلاد على مدار عامين، عمل فريق من فناني الكومكيس والكتّاب وفناني الغرافيك والمخرجين والرسامين من أجل إعداده"، بحسب بيان المنظّمين.
من خلال الرسومات والنصوص، يتمّ إظهار العلاقة بين التاريخ والفن والأدب، ففي أحد الفصول تتناول مبارك عصر الحكم المسيحي النوبي والذي يعود إلى ألفين وخمسمئة عام قبل الميلاد، وقد ترك العديد من الأوابد لم تكتشف جمعيها بعد، ويكتب ملاذ عبد الله عثمان وموّدة كامل عن مقتل الجنرال البريطاني تشارلز جورج غوردون عام 1885، الحاكم العسكري للخرطوم زمن الاستعمار، على يد "الحركة المهدية" التي حاصرت مقرّ إقامته لعدّة أشهر.
كما تستعرض ريم خليفة مدينة سواكن الأسطورية التي تقع على البحر الأحمر، وتبعد حوالي ستمئة وخمسين كيلو متراً عن الخرطوم، وقد بُنيت البلدة القديمة فيها فوق جزيرة مرجانية ولا تزال آثار بيوتها وأبنيتها ماثلة حتى اللحظة.
لا يهتم المؤلفون في المقام الأول بالتفاصيل التاريخية، ولكن بفهم سياقاتها من خلال تمثيلها عبر الفنون، وجاءت فكرة الكتاب من الفنان خالد ود البيه الذي حرّره بالاشتراك مع فورمان، وساهم في تأليفه كلّ من مبارك والخير.