مجلة "مريم": البحث عن محتوى جديد

06 مايو 2018
من فعاليات إطلاق المجلة في مدينة مالمو السويدية
+ الخط -

كانت الدوافع وراء تأسيس صحف ومجلات عربية في أوروبا، طوال القرن الماضي، تتعلق بالبحث عن سقف أعلى للحريات يفتقدها العالم العربي، ومع تزايد موجة اللجوء في السنوات الأخيرة، تزايدت الحاجة إلى إعلام يسلّط الضوء على القضايا التي تهمّ اللاجئين وموقعهم في مجتمعاتهم الجديدة ومستقبل وجودهم.

توجّهٌ حكَم جميع أطراف المعادلة؛ من مؤسسات إعلامية غربية أصدرت مطبوعات أو ملاحق باللغة العربية، وكذلك فعلت منظّمات وهيئات أهلية إلى جانب مبادرات أطلقها أفراد، لم يكتب لجميعها النجاح، لكن استمرار بعضها يشير إلى إصرار على إيجاد منابر.

ألمانيا تمثل أحد أوسع الفضاءات لهذه المشاريع، وآخرها مجلة "مريم"، التي صدر عددها الأول في برلين مطلع الشهر الجاري، وهي مخصّصة للطفل، وقد أسّسها السوريان رعد أطلي المقيم في ألمانيا، ومحمد قنطار المقيم في السويد، وكلاهما يعمل في مجال التدريس.

في حديثه لـ"العربي الجديد"، يلفت قنطار، المدير التنفيذي للمجلة، إلى أن "المهاجرين العرب في أوروبا يلمسون ندرة المواد الثقافية المخصّصة للأطفال أو عدم توفرها أحياناً، أو تبتعد في محتوياتها عن ملامسة خصوصيات الحياة الاجتماعية والنفسية للطفل المقيم في مجتمعه الجديد".

يضيف: "كان منطلق تفكيرنا من الإشكاليات والصعوبات التي يواجهها أبناؤنا، وضرورة البحث عن محتوى غني ومتنوع ثقافياً ومعرفياً وعلمياً بقوالب ورسومات حديثة تحاكي تطوّر أدوات العلم والمعرفة والتكنولوجيا التي أصبحت أدوات يومية في متناول الأطفال بشكل مستمر".

أسّس أطلي وقنطار مؤسسة للطباعة والنشر في نهاية العام الماضي، وكان العمل على مشروعهم قد بدأ قبل ذلك، حيث استغرق العدد الأول جهداً استمر قرابة السنة. يوضّح قنطار أن "المجلة تقوم على جهود ذاتية دون الحصول على أية مساعدة من أي منظمة أو جهة تمويل".

تسعى "مريم" إلى المساهمة في "بناء شخصية متوازنة للطفل تجمع بين القيم الإيجابية في الثقافتين الشرقية والغربية، من التسامح وقبول الآخر والالتزام بالعمل واحترام الحريات"، بحسب القائمين عليها، الذي يرون أنها "مهمة صعبة تكمن في تحقيق التوازن الثقافي والمعرفي لدى الطفل الذي يعيش ضمن أسرة عربية، لكن في وسط اجتماعي أوروبي بالكامل، دون أن ينسلخ عن ثقافته ويفقد هويته، وفي الوقت نفسه يكون إيجابياً وفعّالاً في هذه المجتمعات التي أصبحت وطناً ثانياً بالنسبة إليه".

يوضّح قنطار أن "المجلة تستقبل رسومات الأطفال المشتركين وكتاباتهم وأي مواهب أو إبداعات أخرى لهم لنقوم بنشرها عبر مجلتنا وموقعنا الإلكتروني أيضاً، وقريباً جداً ستنطلق نسخة صوتية منها عبر اليوتيوب، لتسقطب شريحة أوسع من القرّاء من ذوي الإعاقة أو الذين لا يتقنون قراءة العربية، ويفضلون التعلم والمتابعة من خلال المشاهدة والاستماع، كما يجري العمل على إعداد منهج متكامل لتعليم اللغة العربية للأطفال يكون متاحاً للمشتركين".

يحتوي العدد الأول على قصص وحكايات وسلاسل قصصية، منها الحديث والمعاصر والذي يتصف ببيئة أوروبية يعيش فيها أطفال عرب ومن جنسيات مختلفة، ومن خلال أحداث مغامراتهم اليومية نتعرف مع الأطفال على أبرز المميزات الاجتماعية والثقافية من عادات وتقاليد وتراث، ومنها ما هو تاريخي، حيث يطلع القارئ على أبرز ما نسجته مخيلة البشر من أساطير وحكايات.

ويشتمل أيضاً على صفحات دائمة لتعليم اللغة العربية مرفقة بصور ورسومات، ومسابقات وألغاز لتنمية المواهب التحليلية والفكرية للطفل من خلال محاولته التفكير في الأسئلة واستنتاج الحلول.

يختم قنطار حديثه بالقول إن "هناك إحصائيات رسمية تشير إلى وجود 23 مليون عربي مقيم في أوروبا، ومعظم أبنائهم فقدوا لغتهم الأم، وأصبحوا يتحدّثون بها فقط وبلهجات عامية، وكثير منهم أيضاً لم يعد قادراً حتى على نطقها، وهذا ما يجعلنا أمام ضرورة ملحة وأساسية جداً لمواجهة هذه الحقائق وإنجاز عمل ثقافي ومعرفي يليق بمستقبلهم".

المساهمون