فلسطين المتخيّلة

09 ابريل 2016
إميلي جاسر/ فلسطين
+ الخط -

إنّ أفكارنا عن الحقيقي والمتخيّل ليست سوى أشكال من سوء الفهم. ولهذا فإنّ الحنين هو أكبر بكثير من مشكلة تحتاج إلى حلّ، إنّ الحنين، كما الترجمة، يتيح لنفسه أن يجري تمثيله بأشكال فنتازية مختلفة.

كان عليّ من أجل أن أتخيّل فلسطين بشكلها الحالي (حيث للاحتلال مساحته المعمارية الاستيطانيّة) أن "أمرّن" نفسي على النظر إلى الأشياء بشكل مختلف. فكنت لا أرى أسماء الشوارع المعبرنة التي تحمل أسماء قتلة وعسكريين صهاينة. ولا أرى المستوطنات الجاثمة على التلال تنظر إلينا من تلك المباني الاستعمارية.

ليس ثمّة معنى في كل تلك الأبنية لأنّه ليس ثمّة ما يربطني بشكلها المادّي والعاطفي، وتجاربي الوحيدة معها تنحصر في رؤيتها كأشياء مؤقتة في مكان مؤقت (وهذا بالتأكيد أمر ينطبق عليّ أنا كفلسطينية ولدت وعاشت في أرض اللجوء وليس بالضرورة على أبناء شعبي الذين تغيّرت معيشتهم اليومية بفعل الاحتلال الإسرائيلي). وهكذا فإنّ الثابت الوحيد الموجود هو فلسطين المتخيّلة.

وعبر هذه القوّة التحويليّة للخيال يتمّ استخلاص المعنى من الأمكنة، سواء كنّا نربطه بتجاربنا المعاشة ومشاعرنا أو تجارب ومشاعر الآخرين. فليس الأمر متعلّقًا بسعي شخصيّ لإعادة تأسيس سرديّة استرجاعيّة أو خطاب وطني، بل يتعلّق بتفكيك المثال المرتبط بالتذكر النوستالجي لفلسطين.

*كاتبة فلسطينية مقيمة في نيويورك
**ترجمة محمد زيدان

المساهمون