"مسرح الشارع وفنون الحلقة".. إعادة صياغة الفرجة الشعبية

15 اغسطس 2019
(من مسرحية "الرابوز" لـ أمين غوادة)
+ الخط -
تعود نشأة فن الحلقة في المغرب إلى بضعة قرون مضت، حين تبلور كشكل عفوي من الفرجة في الساحات والأسواق معتمداً على عناصر من الحياة اليومية، مع إعادة تركيبها بأدوات الحكي ومهارات الإيماء والتشخيص والمحاكاة والسخرية والذهاب نحو المبالغة في تقديم أبطالها.

مع تحوّل المسرح إلى الشكل الرئيسي للفرجة مع بداية القرن العشرين، سعى العديد من الفنانين إلى توظيف فن الحلقة ضمن مسرحية معاصرة، ومنهم أحمد الطيب العلج، والطيب الصديقي، وأمين غوادة من الجيل الجديد، وغيرهم. ولعلّ هذا الاشتغال المتواصل على استدعاء فن الحلقة كان سبباً في استمرارية هذا الشكل بعيداً عن فضاءاته الأصلية، وأيضاً إلى ظهور مهرجانات متخصّصة فيه.

من ذلك تظاهرة "أيام مسرح الشارع وفنون الحلقة" التي تقام في الرباط بداية من يوم الإثنين، التاسع عشر من الشهر الجاري، وتتواصل حتى الثاني والعشرين منه، بتنظيم من "مجلس مقاطعة اليوسفية" تحت شعار "مسرح الشارع في خدمة تنمية وثقافة القرب".

هذه هي الدورة الثالثة من التظاهرة، ويتضمّن برنامجها ندوة فكرية تحت عنوان "أيام مسرح الشارع في مقاطعة اليوسفية: المكتسبات والآفاق" تحتضنها قاعة الاجتماعات في مقر مجلس المدينة، عند العاشرة من صباح يوم الافتتاح، يتحدّث خلالها الباحثون: طارق الربح، ومسعود بوحسين، وعبد الرحيم القراع رئيس، والمخرج أمين ناصور، فيما يدير النقاش الأكاديمي مصطفى الطالب.

عند الخامسة من مساء اليوم نفسه، تحتضن ساحة ميني بارك كرنفالاً موسيقياً تقدّمه مجموعة "كينك باتوكادا" للنقر على الطبول، وتُعرض أيضاً كل من مسرحية "طياطرو بورطور" من إنتاج "فرقة مسرح الكواليس"، وتأليف وإخراج عبد الفتاح عشيق، ومسرحية "كاتر با" من إنتاج "فرقة النون والفنون"، وتأليف وإخراج نور الدين سعدان.

أما في اليوم الثاني، فتحتضن ساحة الوحدة بالحي الصناعي عروضاً في الهواء الطلق لكل من مسرحية "بوحجبان" من إنتاج "فرقة مسرح سفر"، لمؤلفها خالد ديدان، ومخرجها عزيز الخلوفي، كما تعاد بعض عروض اليوم الأوّل.

تشارك أيضاً في التظاهرة مسرحيّتا "المارشال" من إنتاج "فرقة الرباط باند"، وتأليف عبد الفتاح بغداد، وإخراج عبد الإله بركات، و"حجر وطوب" من إنتاج "فرقة مسرح تكدة"، وتأليف وإخراج الدخوش أحمد الروداني والدخوش عمر.

توفّر هذا الكم من المسرحيات يؤكّد على حضور فن الحلقة في مشهد الفن الرابع المغربي، وهو تجربة تدعو ربما إلى مزيد اكتشاف أشكال فرجة عفوية كثيرة، ليس في المغرب وحده بل في كامل البلاد العربية.

من دون أن ننسى أن هذه الاستفادة من الأشكال التراثية للفرجة ينبغي أن تقف على أرضية تنظيرية صلبة، وإلا تحوّلت إلى مجرّد نقل للفرجة من بيئة إلى أخرى، وهذا جهد ينبغي أن يتصدّى له الباحثون في المسرح والتراث بشكل أكثر جديّة.

دلالات
المساهمون