خمس صفحات مكتوبة بخط الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ما زالت في أرشيفه الموجود في جامعة تكساس إلى جانب أوراق جيمس جويس ودي. اتش لورنس ولويس كارول وغيرهم. القصة التي وجدها الناقد والأكاديمي البيروفي خوليو أورتيغا بين مسودات ومخطوطات أصلية تحكي عن عقيد ناضل من أجل استقلال الأرجنتين اسمه "الريفيرو"؛ ظن أورتيغا في البداية أن تلك المسودات لقصة قصيرة، لكنه فهم لاحقا أنها الرواية التي لم يتمَّها بورخيس أبداً.
يرى أورتيغا في "الريفيرو" نَفَساً روائياً طويلاً لطالما شكَّك به بورخيس المعروف بعدائه لفن الرواية، يقول أورتيغا: "أفترض أنه (بورخيس) حين أدرك أن عليه متابعة الكتابة، ارتعب من فكرة أنه على وشك كتابة رواية...".
هذا لم يكن الاكتشاف الوحيد لأورتيغا الذي وجد في أرشيف آخر تسجيلاً لمحاضرة ألقاها بورخيس عام 1982 بالإنجليزية في قسم الإسبانية في جامعة أوستن. كانت المحاضرة بعنوان "صديقي الدون كيخوته"، وقد نُشر كلا العملين مؤخراً في كتب فاخرة من قبل مؤسسة بورخيس ومركز الفن الحديث في مدريد وعُرض العملان في معرض الكتاب في بوينس آيرس في أيار/ مايو الماضي وقد قدَّمته أرملة الكاتب ماريا كوداما، وقريبا سينضم العملان لأعمال بورخيس الكاملة.
وبحسب ما قال بيير مينارد مؤلّف كتاب "الكيخوته" فقد اعتقد بورخيس أن أي شخص يمكنه أن يكون سرفانتس، أو أن يكتب بطريقته لو اتبع شروطا معينة. وينقل عن بورخيس قوله: "كلّنا نستطيع اعتبار دون كيخوته صديقاً لنا.... حين نلتقي شخصية حقيقية في الخيال، نعلم أن هذه الشخصية توجد أبعد من هذا العالم الذي خَلَقَهَا... كان دون كيخوته أفضل أصدقائنا، وهو من بدأ المعارك الأولى لتحرير اللغة الإسبانية مما هو حَرْفي وجعله ملكاً لنا بكامل الحرية".
من المرجَّح أن بورخيس بدأ كتابة تلك الرواية عام 1950، حينها لم يكن قد فقد كل بصره بعد. أما القصة فهي محكيَّة من وجهة نظر ورثة الكورونيل كليمنت ريفيرو، وهو رجل شديد البأس، ناضل من أجل استقلال المقاطعات المتَّحدة الجنوبيَّة، وقد رافق سيمون بوليفار في معاركه بالقارة ومات منفيّاً في الأوروغواي، قبل إكمال تحرير بلاده.
ما اعتبره أورتيغا مفاجأة هو أن هذه القصة من الممكن أن تكون أول رواية لبورخيس. وتتضمن فكرة ساخرة مفادها أن الجيل الأوَّل للجمهورية هو من أضاع الجمهوريَّة.