ألكساندرا حنظل.. زيارة بيوتنا المسروقة

11 فبراير 2015
من "بيوت الحلم"
+ الخط -

في السنوات القليلة الماضية، قضت ألكساندرا حنظل الكثير من وقتها في بحث موضوع اقتلاع الفلسطينيين من غرب مدينة القدس (ما يدعى "القدس الغربية") عام 1948. كفنانة بصرية، جمعت خلال بحثها هذا تواريخ شفهية وصوراً ووثائق من جيل يتناقص عدد أفراده يوماً بعد يوم. وكانت الحصيلة مشروعاً فنياً وثائقياً تفاعلياً، أي يعتمد على مشاركين على شبكة الإنترنت، حمل عنوان "خبراء ملكية بيوت الحلم".

كان المنطلق، كما تروي ابنة الأسرة المهاجرة من بيت لحم، العائدة إلى أرض جذورها، لقاءً جمعها بلاجئ فلسطيني في مدينة نيويورك، أطلعها على إعلان عن عقارٍ يظهر أملاكاً فاخرة في "القدس الغربية".

كانت ألكساندرا في سن المراهقة آنذاك، فلم تجد في هذا الإعلان شيئاً مميزاً، إلا أن الواقع السياسي غير المعقول المحيط بها تجلّى حين شرح لها اللاجئ أن هذا العقار كان في الحقيقة بيت أسرته المُصادر، وهو الآن معروض للبيع عبر وكالة زبائن يهودية إسرائيلية دولية. هذا اللقاء أحدث تأثيراً لا يزول، وظل يسكن ذاكرة ألكساندرا، فتحْتَ مظهر الإعلان الأنيق كانت تكمن مأساة بالغة القسوة.

بعد عشر سنوات، وخلال تذكّرها لذلك الإعلان، أخذت تتصفح مواقع وكالات العقارات الإسرائيلية على الإنترنت وهي تتساءل إن كانت ستصادف إعلاناً مثل ذلك. ولم يعد للتساؤل مكان بعد أن وجدت ما يفوق توقعاتها؛ المادة الكبيرة التي وجدتها وما تكشف لها وما أحدثه كل هذا من مشاعر.

قادها هذا إلى أن تبدأ بتجميع وتصنيف مجموعات من الإعلانات استخدمتها في دراسة مدققة للكيفية التي تصوّر فيها البيوت الفلسطينية "المصادرة" في سياق إسرائيلي. وأدركت من هذه الدراسة أن البيوت الفلسطينية "المصادرة" في "القدس الغربية" قد عرضتها وكالات العقارات الإسرائيلية (وهنا المفارقة) بضاعةً تحت تصنيف "طراز عربي".

هكذا، وباستخدام صفة "عربي" في العنوان أُفرِغت البيوت من ذاكرتها الفلسطينية، واختزلت إلى مجرد مصطلح معماري استشراقي؛ فكان لا بد من مقاومة هذا الغياب والتغييب.

من هنا كانت البداية، وظهر مشروعها كموقع وكالة عقارات عادي على شبكة الإنترنت يعلن عن بيوت عربية الطراز، لكن ما إن يبدأ الزوّار بتصفّح الموقع حتى يأخذهم في رحلة عبر التاريخ الفلسطيني الاجتماعي والثقافي المتلاشي في القدس.

في هذا الموقع، يتصل بيت كل لاجئ بمعلومات عن أفراد العائلة التي عاشت يوماً هناك. ويشاهد الزائر أفلاماً قصيرة وخرائط مرسومة باليد ورسوماً متحركة، ويسمع قصصاً، تندرج في حكاية كبرى هي قصة استعمار فلسطين وإبادة وتشريد أهلها.

دلالات
المساهمون