أَربعة أَمتار

12 فبراير 2016
محمود صبري / العراق (جزء من لوحة)
+ الخط -

في تلك الغرفة
التي كانت أَربعة أَمتار × أَربعة أَمتار
بساتين تمتدّ إلى اليونان
مدنٌ فارسية بأَكملها
قندهار وبخارى بمآذنها الإسطوانية
كان فيها الوجه الشمالي من القفقاس وتلك الظلال الخضراء من أَرارات
ومقابر كثيرة كنتُ أَتجنّب دائماً البحثَ في هُوية أَصحابها وهوادج تتمايل في المعلَّقات
ونساء بمناديل بيضاء أَطول من العصور.

وكان البُعد والقرب في تلك الغرفة حجرَيْ رحى
يدوران على النفْس
أَقنيةُ موسيقى كانت تجوس ولا يُحصَون أولئك الموسيقيون الذين أَقاموا فيها لياليَ وواصلوا طريقهم
فلاسفة يائسون أَيضاً وشعراء هاربون من بيوت أُمهاتهم
وروضات أَطفالٍ تديرها جنّيات متقاعدات.

كان فيها ما لا أَقبض عليه الآن ولا أَعرف حتّى أَن أُسمّيه
كانت خلاءً على الأَرض ومحتشدةً بالأُمم كأنها عرسٌ في صباح يوم القيامة.

يا محمّد
أَين ذهبت كلّ هذه الأَزمنة؟

خلقٌ كثيرون يتعلَّقون قصوراً مُشيَّدةً في الجنّة
أَما أَنا فلا أَبحث
هذا الصباح
سوى عن أَربعة أمتار × أَربعة أَمتار
أَنا وحدي أَعرف كيف ضيّعتها
أَنا وحدي أَعرف أَني لن أَستعيدها.


اقرأ أيضاً: هيا أسرع

المساهمون