لخمسة وثلاثين عاماً، عمل الباحث والأكاديمي الهندي التنزاني عبد العزيز ساتشدينا أستاذاً ورئيساً لـ"المعهد الدولي للفكر الإسلامي" في جامعة جورج ميسون بولاية فرجينيا الأميركية، حيث بدأ في 1975، بدراسة الإسلام الكلاسيكي والإسلام في العصر الحديث والإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان والأخلاقيات البيولوجية الإسلامية واللاهوت الإسلامي.
وُلد الباحث هندي الأصل في تنزانيا عام 1942، ودرس فيها ثم في مدارس وجامعات عراقية وهندية وإيرانية وكندية، وكان أحد تلاميذ المفكر علي شريعتي في طهران، عمل مستشاراً لوزارة الدفاع بشؤون الشرق الأوسط وكان مستشارًا لصياغة دستور العراق الذي طُبّق عام 2005.
ويُعتبر كتابه "الجذور الإسلامية للديمقراطية التعددية" أحد أبرز مؤلفاته، وقد صدر حديثاً بترجمه حجاج أبو جبر، ضمن سلسلة "كرسي اليونسكو للحوار" عن "منشورات جامعة الكوفة العراقية".
يتناول الكتاب أهم القضايا التي تواجه المسلمين اليوم، حيث يَعتبر ساشدينا أن عليهم إعادة فتح أبواب التفسير الديني واستبدال القوانين القديمة وصياغة جديدة، ويحلّل تعاليم المسلمين في قضايا مثل التعددية والمجتمع المدني والحرب والسلام والعنف والتضحية.
يرى الكاتب أن ثمة ثلاثة توجهات نحو التنوع الديني؛ الأول هو "الحصري" ، حيث لا يوجد سوى طريقة واحدة لفهم الواقع وتفسير المقدّس. والآخر هو "الشمولي" حيث يوجد العديد من التقاليد الدينية القابلة للحياة، والأخير هو "التعدّدية" وفيه الحقيقة ليست الحيازة الحصرية لأي تقليد أو مجتمع واحد.
يقدّم المؤلف أيضاً نموذجاً قرآنياً للتعدّدية ويتحدّث عن السجل التاريخي للعلاقات بين الأديان. ويناقش أيضاً النموذج الإسلامي للمجتمع المدني والذي يتضمن فكرة أن التعددية هي المبدأ الأساسي للتعايش بين الأديان.
يَعتبر المؤلف أن علماء الإسلام الغربيّين لم يعاملوا في معظم الحالات الإسلام كدين، بل إن الدراسات الغربية للإسلام تعاملت معه كحضارة وثقافة، وأن هذا الأمر يشكل التمايز الحاسم في نهج "الداخل والخارج" لدراسة الإسلام.
مع ذلك، فإن اهتمام ساتشدينا الأكاديمي كان أكثر عمقاً في الإسلام نفسه، والسؤال الذي طرحه كان عن كيفية تكيّف الإسلام كدين مع البيئة الاجتماعية والاقتصادية، وبالطبع البيئة السياسية. بمعنى آخر، كان اهتمامه الأكاديمي بصفته "شخصاً من الداخل" أوسع من اهتمامات الباحثين الغربيين "الضيقة والمحدّدة" كما يروي في إحدى مقابلاته.
من إصدارات ساتشدينا الأخرى "الحاكم العادل في الإسلام الشيعي: سلطة الفقيه الشاملة في الفقه الإمامي" (1998)، و"الجذور الإسلامية للتعددية الديمقراطية" (2000)، و"العالم الإسلامي: الماضي والحاضر" (2004) و"أخلاقيات الطب الحيوي الإسلامي" (2009).