فبعد 48 ساعة من عقد قرانه فقط، عاد سفيان بصحبة عروسه، من جزيرة جربة التي صُنّفت بؤرة وباء، إلى مسقط رأسه في محافظة توزر( جنوب غرب تونس)، الأمر الذي دفع السلطات الصحيّة في توزر إلى مطالبته بالالتزام بالحجر الصحي، وعدم مغادرة البيت، مع إخضاع عروسه وبقيّة أسرته إلى الإجراءات ذاتها.
يقول سفيان لـ"العربي الجديد": "بعد 24 ساعة من مطالبتنا بالالتزام بالحجر التام، عادت السلطات الصحيّة في المحافظة لتأخذ العيّنات من الجميع، على اعتبار أننا نشكّل مصدر خطر بعد عودتنا من جزيرة جربة، التي انتشر فيها الفيروس بشكل كبير".
ويضيف: "انتظرت على أحرّ من الجمر صدور نتائج التحاليل، وكنت في هذه الأثناء أتهيّأ نفسياً لأن أكون حاملاً للفيروس، وأن أواجه مصيراً مجهولاً، أنا الذي لم يمضِ على دخولي القفص الذهبي أكثر من يومين".
في اليوم التالي أعلمت السلطات الصحيّة سفيان بأنّه حامل للفيروس بالفعل، فيما أثبتت باقي التحاليل عدم انتقال العدوى لعروسه وبقيّة أفراد أسرته، ما اضطره إلى حزم حقيبته والذهاب طوعاً إلى مركز الحجر الإجباري والخضوع للعلاج هناك، وهو معزول تماماً عن محيطه الخارجي.
من قفص ذهبي لم يهنأ فيه بعد، إلى قفص الحجر الصحي ومواجهة كورونا، يقول سفيان إنّه حمل حقيبته وامتثل لقرار إيوائه في المكان الذي هيّأته السلطات المحليّة لعزل حاملي الفيروس. ومنذ معرفته بإصابته بالفيروس، شعر سفيان بالخوف من مواجهة عدوّ مجهول، بعد أن كان قد خطّط قبل أيام، لحياة أخرى، حلم فيها بالسعادة مع عروسه التي تجمعه بها قصة حب، منذ ثلاث سنوات.
يؤكّد سفيان أنّه لم تظهر عليه أيّ من أعراض كورونا، إذ بقيت حرارته دائماً مستقرّة، وهو لم يشعر بآلام في المفاصل ولا بتعب ولا حتى أصابه سعال. الأمر الذي جعله يشعر ببعض الطمأنينة، من أنّ مناعته جيدة وأنّ جسده يقاوم الفيروس.
بعد الاستقرار في مقرّ إقامته الجديد، في مركز العزل، قضى العريس الجديد أكثر من أسبوعين في ما يشبه الحبس الانفرادي، لكن بصحبة 5 مصابين آخرين، كلّ معزول داخل غرفته، يتواصلون مع محيطهم الخارجي عبر شاشات هواتفهم الجوالة.
أمّا داخل مركز العزل، فيؤكّد سفيان أنّ الفريق الصحي، كان يتابع حالهم على مدار الساعة، عبر متابعة تطوّر الأعراض. مشيراً إلى أنّ أغلب من شاركوه تجربة العزل، لم تظهر عليهم أعراض قويّة وشفوا من الفيروس، من دون الخضوع لأيّ علاج.
في هذه الأثناء كان سفيان يتواصل مع عروسه، التي يقول إنّها واجهت تجربة صعبة في بداية حياتها الزوجية، معتبراً أنّ هذا الاختبار كشف له، أكثر من أي وقت مضى، طيبتها وأنّه أحسن اختيار من ستقاسمه حياته.
يضيف سفيان: "كنت أشعر بالذنب لأنّ عروسي لم تعش شهر العسل كغيرها من العرائس"، لكنّه يؤكّد أنه مصرّ على تعويضها عن كلّ هذه اللّحظات الضائعة، بعد انتهاء الأزمة الصحيّة التي تمرّ بها تونس والعالم.
بعد انتهاء مدّة العزل الصحي، التي خضع لها سفيان، جاءت التحاليل الأوليّة مبشّرة بشفائه من الفيروس، الذي رحل بسلام كما يقول الشاب. غير أنّ الفريق الطبّي قرّر إبقاءه، أسبوعا إضافيا في الحجر الصحّي التام، لكن هذه المرّة في منزله، إلى حين إجراء تحليل نهائي يؤكّد شفاءه التام من كورونا.