"لاجئو الكوتا" السوريون يرفضون النرويج

06 ديسمبر 2018
مستقرّة في النرويج منذ مدّة (Getty)
+ الخط -


تُبيّن أرقام دائرة الهجرة النرويجية، منذ بداية العام الجاري وحتى أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ارتفاعاً في عدد طالبي اللجوء السوريين عبر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الذين يرفضون السفر إلى النرويج بصفتهم "لاجئي كوتا". وتكشف رسالة وجّهتها الدائرة إلى وزارة العدل والطوارئ في أوسلو أنّ أكثر من 10 في المائة من السوريين الذي عُرضت عليهم النرويج كبلد لجوء رفضوا توطينهم فيه، مشيرة إلى أنّ النسبة مرتفعة. ويفيد المدير العام لدائرة الهجرة النرويجية المسؤولة عن طالبات اللجوء، فرودا فورفانغ، بأنّ أسباباً عدّة تجعل لاجئي الكوتا (الحصص) يرفضون بلده، "من بينها تأخّر النرويج في عملية الدمج والتعريف بالثقافة والقيم النرويجية"، مشيراً إلى ضرورة أنّ "تعيد النرويج النظر في طريقة قراءة تطلعات الوافدين (إليها) كلاجئين".

يُعَدّ لاجئو الكوتا الأكثر ضعفاً وتضرراً من الحروب والصراعات والأزمات، وتعقد مفوضية اللاجئين اتفاقيات مع الدول الموقعة والراغبة في استقبالهم لتدبير لقاءات مباشرة معهم، في مخيمات اللجوء أو نقاط تسجيل طلبات لجوئهم حول العالم، بما في ذلك الدول القريبة من المناطق المأزومة. وفي حين توقفت كوبنهاغن منذ العام الماضي عن استقبال حصّتها من لاجئي الأمم المتحدة، فإنّ المفوضية طلبت من أوسلو استقبال خمسة آلاف منهم في العام المقبل. ويأتي هذا الرقم أكبر بنحو ألفَي لاجئ عمّا حددته أوسلو لنفسها. يُذكر أنّها استقبلت حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم 2120 لاجئاً، منهم لاجئون سوريون.




والنرويج واحدة من الدول التي أدخلت تشديدات كبيرة على نظام اللجوء والهجرة منذ عام 2016، بعد عام من موجة اللجوء الكبرى التي شهدتها القارة الأوروبية في خريف عام 2015. ومع توسّع الحكومة النرويجية، بانضمام حزب "فينسترا" الليبيرالي إلى حكومة يمين الوسط والمحافظين، تَعِدُ أوسلو بتخفيف التشدد على تلك القوانين لجهة استقبال لاجئين تختارهم المفوضية، بعد انخفاض كبير في عدد اللاجئين الذي يحضرون بأنفسهم إلى البلد، في ظلّ تشديد حراسة الحدود في الدنمارك والسويد اللتَين تُعَدّان معبرَين أساسيَّين نحو النرويج.

يبدو أنّ تشدّد حكومة يمين الوسط في النرويج في قضايا الإقامة واللجوء منذ عام 2016، ساهم بصورة كبيرة في انخفاض عدد الراغبين في اللجوء إلى هذا البلد. وقد تبنّت وزارة الهجرة والدمج نحو 40 إجراءً متشدداً بحجّة "الحدّ من تدفق اللاجئين والمهاجرين (إلى النرويج)، أسوة بجيراننا الأشقاء في دول الشمال"، بحسب ما صرّحت وزيرة الهجرة سيلفي ليستاو عن الحزب التقدمي اليميني المتشدد. ويُطبَّق في النرويج إجراء معدّل يتعلق ببصمة اللاجئ بمجرّد وصوله إلى البلد، لتبقى 10 أعوام في السجلات، وهو ما يمنع مَن تُرفَض طلباتهم مِن الانتقال إلى بلد أوروبي آخر لطلب اللجوء، مثلما يفعل بعض من ينتظر في دول مثل السويد وألمانيا للتخلّص من تلك البصمة. ومن بين الإجراءات المشدّدة، فرضت السلطات النرويجية إلزامية الخضوع إلى امتحان اللغة الشفهي قبل الحصول على الإقامة، مع تزويد اللاجئين ببطاقة خاصة بدلاً من منحهم المال نقداً.

كلّ التشدّد الذي انتهجته النرويج، بما في ذلك الانتظار طويلاً للمّ شمل الأسر، جعلها، بحسب منظمات حقوقية وأحزاب يسارية، "أقلّ جذباً للاجئين". ولم تخفِ حكومة يمين الوسط واليمين المتشدد، أسوة بالوزيرة إنغا ستويبرغ في الدنمارك، أنّ الهدف الأساسي هو "جعل النرويج أقل جذباً للهجرة واللجوء". تجدر الإشارة إلى أنّ زعيم الحزب الاشتراكي اليساري، أودين لوسباكن، كان قد صرّح بأنّ "دول الشرق الأوسط تستقبل الملايين بينما دولتنا لا تستقبل الآلاف". لكن، على الرغم من ذلك، فإنّ الموقف الصارم لليمين لم يتغيّر خلال العامَين الماضيين.




بهدف التخفيف من عدد اللاجئين في النرويج، عمدت حكومة أوسلو إلى زيادة التعويض الماليّ لمن يعود إلى بلده طوعاً، ليبلغ 10 آلاف كرونة نرويجية (نحو 1200 دولار أميركي). واستهدفت أوسلو بتلك الزيادة، بعد التشدّد في قوانين الإقامة ولمّ الشمل، طالبي اللجوء الذين ينتظرون لمدّة طويلة حصولهم على إقامة في النرويج من دون أن ينجحوا في ذلك. ورأت أنّ المبلغ المُضاف إلى 20 ألف كرونة (نحو 2400 دولار) تُدفَع لمن يرحل، سوف يُمنَح لأوّل 500 شخص يسحبون طلبات لجوئهم ويبدون متعاونين في ما يتعلّق بالعودة إلى بلدانهم. يُذكر أنّ منظمات حقوقية وأحزاباً سياسية عدّة انتقدت ذلك بشدّة. وفي مراجعة لأرقام دائرة الهجرة، يتبيّن أنّه في الفترة الممتدة ما بين يناير/ كانون الثاني 2018 وأكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عاد 190 لاجئاً إلى بلدانهم طوعاً، وقد استحصلوا على تلك المساعدة. وفي حين لم تشمل اللائحة أياً ممّن وفدوا كطالبي لجوء من سورية، فقد تصدّرها العراقيون إلى جانب المصريين والأفغان والإيرانيين واللبنانيين والمغاربة والأتراك.
المساهمون